ذ. نصيح: عنوان حملة “الأسرة نعمة والزواج عبادة” يختزل تصورنا للأسرة والزواج

Cover Image for ذ. نصيح: عنوان حملة “الأسرة نعمة والزواج عبادة” يختزل تصورنا للأسرة والزواج
نشر بتاريخ

اعتبر الأستاذ عز الدين نصيح، عضو مجلس شورى جماعة العدل والإحسان، أن الواقع الاجتماعي البئيس كما تصفه الإحصائيات والتقارير الرسمية، يحول دون تنزيل التصور الصحيح للأسرة وقرينها الزواج، القائم على مرجعيتنا الإسلامية وهوية أمتنا وشعبنا وأصالتنا التاريخية.

الأسرة تعتبر في ديننا الحنيف حجر الزاوية في بناء المجتمع ولبنته الأساس

وقال نصيح في تصريح لـ”بوابة العدل والإحسان” إن عنوان حملة “الأسرة نعمة والزواج عبادة”، يختزل التصور السليم للأسرة التي تعتبر في ديننا الحنيف “حجر الزاوية في بناء المجتمع ولبنته الأساس”، فإذا فسدت فسد المجتمع، وإذا صلحت صلح المجتمع، وأضاف “فهي المحضن التربوي الأول الذي يصنع فيه الإنسان، وتصاغ شخصيته وهويته، ويتشرب المعاني والأخلاق التي ستحكم علاقاته بالمجتمع وتُوَجِّهها”.

ولكن الواقع مباين لهذه اللوحة اللامعة، يقول نصيح، موضحا أن إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط حول نسب الطلاق والزواج ببلادنا خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة، عن واقع بئيس إن لم يكن مفجعا وخطيرا.

ووفق هذه الإحصائيات فإن “عدد الزيجات تراجع بنسبة تزيد عن 18%، وهي نسبة تبين العزوف المرتفع للشباب عن الزواج، في حين فاقت حالات الطلاق خلال هذه الفترة نسبة 60%؛ أي 60% من الزيجات أفضت إلى طلاق”.

متى قام الزواج على المودة والمحبة والثقة والاحترام والتعاون كان متينا والبناء متماسكا

واسترسل معلقا على هذه الأرقام: “أرقام خطيرة تنبئ عن وهن عقد الزواج وهوانه، وتحوله من عقد وطيد إلى عقد هزيل، يُنتقض ويُفسخ وفقا للأهواء والظروف”، مشددا على أن استمرار الأمر على هذا الحال سيؤدي بلا شك، إلى تفكك اللبنة الأساس للمجتمع تفككا قد يفضي إلى تصدع بنيات المجتمع وانحلالها لا قدر الله”.

وتابع: “لن يُعالَـجَ هذا الوضع التعيس بتبسيط إجراءات الطلاق والتطليق، وإلغاء تجريم الزِّنا والشُّذوذ، إلى ما هنالك من توصيات وإجراءات يمليها الغرب الغالب المهيمن ومنظماته، والتي تنافي الفطرة السليمة والحياة المطمئنة، وتهدف إلى طمس معالم هويتنا الإسلامية وإبقاء مجتمعاتنا تابعة له، قابعة في رق التقليد الأعمى، منقادة خاضعة”.

ويرى نصيح في تصريحه أن ما وجهته لجنة وضع المرأة لهيئة الأمم في يوليوز 2022 للمغرب، يندرج ضمن هذه التوصيات التي يمليها الغرب ويطمح إلى فرضها الحداثيون المنبهرون بالنموذج الغربي على مجتمعنا، مشددا على أن أي تمكين لها في مجتمعنا سيزيد الوضع تفاقما واستفحالا، وسيفضي إلى تفتيت نواة الأسرة وتعريض المجتمع بأسره إلى انفراط عقده.

وأوضح في حديثه معنا، أن الأسرة المستقرة لا يمكن تأسيسها إلَّا على أساس الزواج الشرعي الذي يمثل ميثاقا غليظا كما وصفه القرآن، يربط بين طرفي الأسرة، فمتى قام هذا العقد على المودة والمحبة والثقة والاحترام والتعاون من جهة، وعلى وعي كل واحد من الطرفين بوظيفته وفهم لدوره، كان متينا والبناء متماسكا والغرس بهيجا يؤتي أكله كل حين بإذن ربه؛ استقرارا دائما، وناشئة طيبة نافعة، ومجتمعا مطمئنا.

معالجة الوضع المتردي بعيدا عن دين الأمة وثوابتها قد تترتب عنها مآس

وأكد المتحدث أن الفشل الجلي للنموذج الغربي الاجتماعي، والسقوط المدوي لمصداقيته في الحرب القذرة التي تطحن الشعب الفلسطيني الأعزل عموما، والنساء والأطفال خصوصا، حري بأن يقطع كل تبعية له وكل ارتهان لإملاءات منظماته أو اتخاذه مرشدا ودليلا.

وأشار نصيح إلى أن نسب الاستهداف المتعمد للنساء والأطفال بلغت 70% من مجموع الشهداء، لافتا إلى أن ذلك لم يحرك في الدول والمنظمات الراعية لمثل هذه التوصيات ساكنا، ولا استفزت لديها مشاعر! وعلق ساخرا “بل تجيز ديموقراطية إسرائيل و”حداثتها!” كل هذه المجازر والانتهاكات… لا بأس”.

التوصيف الدقيق لهذا الوضع المزري الذي تقاسي المرأة ويلاته في زماننا لا يعني القبول به، يقول نصيح، موضحا أن المرأة تعرضت لظلم بواح بسبب الاستبداد السياسي أولا، وبسبب القهر الاجتماعي المتستر خلف التقاليد المتحجرة والعقليات المنغلقة، ظلم لا تقره شريعة العدل والمساواة والإحسان والتراحم الإسلامية، بل تُحَرمه وتتوعد أصحابه بأسوأ المآلات وأوخم العواقب.

فإذا كان نصيح يؤكد أنه لا ينبغي القبول بهذا الوضع المتردي، فإنه يؤكد في المقابل أن معالجته “قد تترتب عنه مآس أفظع إن هي تمت بعيدا عن دين الأمة وثوابت هويتها وأساس وجودها…”.