ذ. فتحي: كمال عماري شهيد الوطن.. والتغيير مطلب قائم في خضم المآسي المتفاقمة

Cover Image for ذ. فتحي: كمال عماري شهيد الوطن.. والتغيير مطلب قائم في خضم المآسي المتفاقمة
نشر بتاريخ

شارك الأستاذ عبد الصمد فتحي، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، ورئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، بكلمة قوية خلال المهرجان التأبيني الذي نُظم بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد كمال عماري في ساحة الشهيد بمدينة آسفي، مؤكدا أن الشهيد ما يزال حيا في ضمير الأحرار في هذا الوطن، وأن دمه هو الذي يساهم اليوم في استمرار الحراك الاحتجاجي من أجل وطن أفضل.

استشهاد عماري هو شكل من أشكال التأريخ لعشرين فبراير وللربيع العربي

وأشار فتحي، السبت 31 ماي 2025، إلى أن استشهاد عماري “كان بمثابة حافز لكل حر وكل مناضل، ولكل صاحب ضمير، ألا يستسلم، وألا يتخلى، وألا يخذل”، مؤكدا أن فعاليات تخليد ذكراه السنوية “هي عنوان على هذه الاستمرارية والوفاء، وهي عنوان على أن دم كمال عماري لم ولن يذهب سدى”.

ورفع تحاياه لكل من ساند الشهيد، ولكل من وقف معه، وفي مقدمتهم جمعية أصدقاء عماري، والجمعيات الحقوقية التي ظلت مساندة وداعمة، موضحا أن قضيته ليست قضية شخص، وإنما هي قضية وطن وقضية شعب.

وعاد فتحي في كلمته إلى دوافع الحراك الشعبي الذي خرج فيه الشهيد، قائلا: “كمال عماري، عندما خرج في المسيرات في حراك عشرين فبراير، كان هدفه واحدا: أن يكون هناك تغيير جذري سلمي، يحول هذا الوطن من حالة الشقاء، من حالة النكوص، إلى حالة النماء، إلى حالة الازدهار… لكي لا يموت هذا الوطن بالسكتة القلبية، لكي لا يموت هذا الوطن بفعل الفاعلين الذين لا يراعون مستقبله.”

وشدد على أن استشهاد كمال شكل لحظة مفصلية، موضحا أنه وبعد أربع عشرة سنة أصبح استشهاده “شكلا من أشكال التأريخ لاحتجاج عشرين فبراير وللربيع العربي.”

المغرب بعد 20 فبراير.. نتائج مأساوية على جميع المستويات

وتوقف الأستاذ فتحي عند ما آل إليه الوضع السياسي والاجتماعي بالمغرب منذ الحراك الشعبي، متسائلا بمرارة: “أين وصل المغرب بعد عشرين فبراير؟ أين وصل الذين رفعوا شعارات التغيير من الداخل ووعود تحقيق الديمقراطية’؟ وشدد على أنهم “كذبوا على الشعب، وكذبوا على أنفسهم، وكذبوا على الأمة.”

وأكد أن “النتائج مأساوية على جميع المستويات”، مشيرا إلى أن السلطة التنفيذية ليست مستقلة، والبرلمان لا يحرك ساكنا، والقضاء والإعلام في قبضة واحدة، مضيفا أن 10% من أعضاء البرلمان متابعون بملفات فساد، والانتخابات لم يشارك فيها سوى 35% من المواطنين، بينما 70% مغيبون.

وفي الشق الاقتصادي، اعتبر أن الحكومة الحالية لا تمثل الشعب، بل تنتصر لرجال الأعمال ولأصحاب رؤوس الأموال، مستدركا قوله بالتأكيد على أن هناك من رجال الأعمال من هم ضحية لما يسوق عنه بـ”المنافسة الشريفة” ثم قال: “إنما يصعد من يعطي الولاء ويأخذ الصفقات من يعطي الولاء”، محذرا من العلاقة التي أصبحت مكشوفة بين السلطة والمال بابتزازها للشعب وبنهبها لجيوب المواطنين، وهي التي تغرق البلد في الديون وفي التفقير.

وأشار إلى أن الديْن العمومي اليوم بلغ 97% من الناتج الداخلي الخام، بعدما كان قرابة 50% سنة 2011، لافتا إلى أن المواطن الموظف إذا أدخل مئة درهم، فإن 97 درهما منها تذهب لسداد الديون، وهو ما يرهن بلدا بأجياله ومستقبله. ويؤكد الغياب التام لمنطق التنمية لفائدة منطق المديونية.

مأساة حقوقية تتفاقم وغلاء فاحش للمعيشة

أما على المستوى الحقوقي، فقد أكد الأستاذ فتحي أن “الكارثة العظمى” هي ما يعيشه المغاربة من تراجع خطير للحريات، حيث قال: “اليوم لم تعد تُحاكم فقط على أقوالك وأفعالك، بل تُحاكم على تدويناتك وتعليقاتك”، وفي هذا الإطار يُحاكَم الأحرار والصحفيون من أجل إسكات الأفواه. وحيا النقيب محمد زيان، متضامنا معه في محنته وهو الذي لم يشفع له لا سنه ولا تاريخه، واصفا استمرار سجنه بالعبث.

واستحضر الصحافي المهداوي، وأعلن تضامنه معه جراء ما يتعرض له من متابعات بسبب مواقفه، كغيره ممن يتابعون بسبب آرائهم، وأقوالهم، مشددا على أن هذا هو القمع وهذا هو الواقع المر.

وفي كلمته، وجه تحية خاصة لاحتجاجات الريف وجرادة، وكل أبناء هذا الوطن الذين يبحثون عن لقمة العيش، عن مستشفى، عن مدرسة، لافتا إلى أن واقع الظلم والفساد يبرر مسار الاحتجاجات لمواجهة هذا الظلم.

واعتبر فتحي أن قفة العيش التي خرج من أجلها الحراك الاحتجاجي سنة 2011، هي اليوم بلغت مستويات قياسية من الغلاء، حيث إن الزيت ارتفع بـ 40 %، وكل المواد الأساسية أصبحت تُشترى بأغلى الأثمان، رغم أن المغرب هو المصدر لعدد من تلك المواد.

“إذا كانت وضعية ما قبل 2011 هي التي أفرزت عشرين فبراير، فإن الوضعية الحالية، إن لم تُستدرك، فستكون بوابة لوضع آخر”، يقول المتحدث مطلقا تحذيرا صريحا من “وضعية مأساوية أخرى نعيشها اليوم”، وهي “وضعية التطبيع، في الوقت الذي يُباد فيه الشعب الغزي ويُقتل فيه أهلنا في فلسطين.”