ذ. عبادي: نجاح الدعوة مرهون بالحب في الله وبالاتباع الكامل لمنهاج رسول الله

Cover Image for ذ. عبادي: نجاح الدعوة مرهون بالحب في الله وبالاتباع الكامل لمنهاج رسول الله
نشر بتاريخ

حث فضيلة الأستاذ محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، في لقاء مع عدد من مسؤولي الجماعة ومسؤولاتها، على استحضار النية في كل لقاء، فتكون كل مجالس الجماعة نصيحة. وعرف النصيحة بأنها جمع وانجماع.

وأوضح أن لهذا الانجماع أدوات ووسائل، فعلى المستوى الفردي؛ “هو الذي يحدد علاقتنا بربنا. فيمكن أن يسأل كل واحد نفسه ما مكانتي عند ربي. هل الله يحبني؟ هل الله راض عني؟ هل الله يذكرني من بين خلقه؟”. وهو الذي “يجعل الإنسان دائما في مراقبة الله تعالى عز وجل وفي حضور مع الله”.

أما على مستوى الجماعة، فيؤكد الأستاذ عبادي أن الهدف من هذه اللقاءات هو “جمع القلوب وربطها برباط الحب في الله”. وعدّ الضوابط القانونية التدبيرية والتنظيمية والانتخابية الضرورية لكل تنظيم “روتوش” مكملة، وليست أسسا، ولا أعمدة في بناء الجماعة.

وشدد فضيلته، أن العمود الفقري في بناء الجماعة نستنبطه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

واستقراء للحديث قال الأمين العام إن هذا الجسد “لا يحتاج إلى قوانين خارجية وتدخل خارحي، بل الذاتية هي التي تجعل هذه الأعضاء يساعد بعضها بعضا ويلتئم بعضها ببعض وترد الداء وتدافع عن الجسم”، وعضد كلامه بحديث آخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”.

فالهدف من اجتماعات الجماعة ولقاءاتها وأنشطتها، يقول الأستاذ عبادي هو “بناء هذه الذات وهذا الجسد المرصوص الذي يحبه الله سبحانه وتعالى؛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ“.

ودل المتحدث على وظيفة ورسالة ومسؤولية هذا الجسد المرصوص انطلاقا من قول الله عز وجل آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ  عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى.

فالسبيل، وهو المحجة اللاحبة، هو الدعوة إلى الله عز وجل على أثر وخطى رسل وأنبياء الله عز وجل، وعلى رأسهم نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يخرج إلى الأسواق ويقول: “يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا”. يضيف الأستاذ عبادي ويكشف أن هذه الكلمة يجب أن تكون بالقول والفعل والحال والحكمة. ولا فلاح بدون لا إله إلا الله.

هذا الفلاح الذي يشمل أمر الدنيا والآخرة هو ديدن مجالس الجماعة، “لتكون دعوتنا دعوة نبوية للناس بالفلاح. ولا إله إلا الله هي أيضا دعوة لتحرير الإنسان لتجعله عبدا لله عز وجل بأن تنزع الخوف من قلبه، وتجعله يستسلم لأمر الله سبحانه”.

وهذه الدعوة تحتاج إلى بصيرة وحسن اتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ يرى الأستاذ عبادي أن فشل مشاريع الحركات التغييرية ومنها الإسلامية يرجع إما إلى خلل في البصيرة أو عدم إتقان الاتباع أو فيهما معا. لأن البصيرة تعطي للإنسان الحكمة، وصاحبها يمضي بأمر الله عز وجل مؤيدا ملهما منصورا موفقا في سلوكه وخطاه وبرامجه. يتصرف بحكمة، والحكمة هي وضع الشيء في محله قولا وفعلا وحالا.

وأشار فضيل الأمين العام إلى أن الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى “لم يتصد للدعوة إلا بعد اكتساب هذه البصيرة وهذه النورانية وهذه الحكمة، وتركنا على المنهاج النبوي الذي هو الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسن اتباعه ظاهرا وباطنا، وهذه الأخيرة هي الأصعب مقارنة بالأولى التي يتقنها عامة المسلمين”.

ومن شروط هذا الاقتداء التصدي للظلم والظلمة، بنية النصرة لا بنية العداء، إذ الدين رحمة، لقوله صلى الله عليه وسلم: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره”.

وأرشد حفظه الله تعالى إلى كون تحقيق شرط المتابعة الكاملة لرسول الله يضمن لنا النجاح في ما نسعى إليه، وهذا هو عين المنهاج النبوي. وإن حدنا عن هذه المتابعة قيد أنملة، قد نتيه ونضيع، لذا ينبغي أن نكون حريصين عليها.

ليجمع عصارة كلمته النيرة في أن قبول ونجاح الدعوة مرهون بتحقيق أهلها للحب في الله مصداقا لقوله تعالى إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَٰنُ وُدًّا، وبوضعها في قالب الحكمة في حالنا ومقالنا وفعلنا، وفي جميع علاقاتنا.