ذ. عبادي: علينا إعادة صياغة المجتمع على أسس التراحم والتعاون والتحاب في الله

Cover Image for ذ. عبادي: علينا إعادة صياغة المجتمع على أسس التراحم والتعاون والتحاب في الله
نشر بتاريخ

وجّه فضيلة الأستاذ محمد عبادي كلمة توجيهية تربوية في إطار “حملة صلة الرحم“، التي أطلقتها الهيئة العامة للعمل النسائي لجماعة العدل والإحسان، مقدما الشكر الجزيل لكل من نظم وساهم فيها.

ونبه الأمين العام للجماعة في كلمته أننا وقعنا في المحظور الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأننا نعيش في زمن “تقطعت فيه أواصر المجتمع، لما عليه من تشتت وتفكك وتدابر وتباغض”، إلا من رحم الله سبحانه وتعالى، فالحديث الذي يرويه سيدنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه في الصحيح: “لا تَحَاسَدُوا، ولا تَبَاغَضُوا، ولا تَنَاجَشُوا ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكم على بَيْعِ بعضٍ، وكُونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أخُو المسلمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يحقره، ولا يُسلمه“. وأضاف بأنه “داء الأمم الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا أنه سيقع التحاسد والتباغض، لا أقول التحاسد والتباغض هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين”.

وأكد أن “وظيفتنا التي ندبنا الله سبحانه وتعالى عز وجل إليها هي كيف نحول هذا المجتمع القائم على الكراهية إلى مجتمع الحب، حيث يعيش الناس فيه في وئام وتعاون وتآلف وتآزر وتآخ وتعاون على البر والتقوى“، واستدرك بأنها “وظيفة عسيرة، ولكنها سهلة إن شاء الله تعالى لمن أراد الله سبحانه وتعالى أن يكتبها على يده“.

وشدد على أن هذه الحملة هي “مما يسهم في إعادة صياغة المجتمع، وفي إعادة بنائه على أسس التراحم والتعاون والتحاب في الله سبحانه وتعالى عز وجل، ولا ينبغي أن تتوقف حتى تعطي أكلها ونجني ثمرتها. متى ينبغي أن نتوقف عن هذه الحملة؟ عندما نجد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مجسدا في واقعنا الاجتماعي“.

وأوصى فضيلة الأمين العام بضرورة مواصلة هذه الحملة بأساليب متنوعة، وأهمها هو النزول إلى الواقع، مضيفا بأن المشاركين قد أشفوا الغليل ببحوثهم وكتاباتهم وأشرطتهم، وأحاطوا بالموضوع من كل جوانبه نظريا، ولكن عمليا علينا أن “نعقد الصلح مع من آذانا ومن ظلمنا ومن اعتدى علينا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، واعف عمن ظلمك، وأحسن إلى من أساء إليك، وصل من قطعك، واعط من حرمك“.

وأشار أيضا إلى أن تحقيق هذه المعاني أمر شاق يحتاج إلى أن يتحكم الإنسان في مشاعره، ومما يحفز على أداء هذه المهمة هو ما رتب الله عز وجل عنها من ثواب وأجر وفضل، فكثيرة هي الأحاديث المتحدثة عمّا يترتب عن صلة الرحم من “سعة الرزق ومن طول العمر ومن النجاة من خاتمة السوء ومن ضمان الجنة، يعني بركات صلة الرحم لا حصر لها ولا عد، ولعل هذه البركات هي نتيجة لما أخبر الله سبحانه وتعالى عز وجل به في الحديث القدسي: ”من وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته“.

 واسترسل في شرح الحديث القدسي مؤكدا أنه “حينما تصل رحمك، تصلهم على حسب إمكانيتك وما تملك، صلة الملوك لأحبائهم ليست كصلة عامة الناس، الملك عندما يصل أحبابه يغدق عليهم النعم، والله سبحانه وتعالى ملك الملوك صلته بنا، بماذا سيصلنا الله عز وجل، تصور ما شئت من معاني الحفظ والإكرام والحب والعناية وإغداق النعم الظاهرة والباطنة“، وأضاف أنه “إن كنت موصولاً بالله عز وجل فنعم الله سبحانه وتعالى لا تنقطع عنك، سبحانه وتعالى عز وجل يغدق عليك ما لم يكن في الحسبان ومن ضمن ذلك ما ذكر في الحديث، من سعة الرزق ومن طول العمر إلى غير ذلك، ومما يشجع على الاستمرار في أداء هذه المَهمة هو ما يترتب عنها“.

ومتسائلا عن من ستكون معه صلة الرحم، أجاب الأستاذ عبادي بأنها “تتسع اتساع الكون، تبتدئ من الرحم الخاصة، القرابة التي تجمعنا بهم الروابط الإيمانية والروابط الدموية الآباء (الأم أولا ثم الأب)، يعني الأصول ثم الفروع ثم الحواشي، الأعمام والأخوال، وتتسع الدائرة هكذا“. ثم تأتي “الرحم العامة وفي مقدمتها رحم الأخوة في الله، رحم الإيمان إذا تعارضتا الرحم الترابية مع الرحم الإيمانية تقدم الرحم الايمانية على الرحم الترابية“. وتتسع دائرة الرحم لتشمل خلق الله سبحانه وتعالى عز وجل، مع الكفار مع اليهود ومع النصارى، نجتمع كلنا أننا عبيد لله سبحانه وتعالى ”كلكم لآدم وآدم من تراب” فلا بد أن نصل الرحم معهم، وصلة الرحم معهم هي دعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى عز وجل، فهي لب صلة الرحم.

ونبّه المتحدث في ختام كلمته على أن صلة الرحم هي أن توصل رحمك إلى الله سبحانه وتعالى، بالدعوة إلى الله والتذكير بالله، فها أنت مثلا زرت رحمك جلست معهم وأكلت وشربت وخضت في مجالات شتى من الحديث وانتهى الأمر. ماذا استفاد منك؟ وماذا استفدت منه؟ إن لم تكن الزيارة لله وفي الله ويكون مضمونها ولبها الدعوة إلى الله والارتباط بالله سبحانه وتعالى عز وجل فنحن نجتمع على الله ونفترق عليه.

وأشار إلى ألا ننسى من سبقنا إلى الدار الآخرة، ممن سبقنا بالإيمان، الأنبياء والشهداء والصالحون وعامة المؤمنين، وممن سيأتي بعد كذلك من الصالحين ومن الشهداء ومن المجاهدين ومن المؤمنين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فلنا قرابة بيننا وبينهم لا بد أن نصل هذه القرابة بدعاء الرابطة وبالهدايا التي نهديها لهم.