أبرز الأستاذ حسن بناجح حجم التذمر الذي يسود الأوساط الحقوقية عقب توالي الأحكام القضائية “القاسية” ضد أصحاب الرأي والمدونين والصحافيين والناشطين الحقوقيين والمدنيين، آخرهم الناشط المناهض للتطبيع مصطفى دكار، الذي أصدرت ابتدائية الجديدة حكما عليه يوم الإثنين 20 ماي 2024 بـ18 شهرا حبسا نافذا مع غرامة مالية قدرها 30 ألف درهم.
وأكد عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في حديث لـ”بوابة العدل والإحسان” أن إدانة دكار والحكم عليه بالسجن وبالغرامة في ملف فارغ شكلا ومضمونا يأتي في هذا السياق، الذي يتسم بتشديد الخناق، وبإحصاء أنفاس المواطنين في هذا البلد، الذي تتصدر فيه شعارات حقوق الإنسان ودولة العدل والحريات كل الواجهات، وفي وقت يترأس فيه مجلس حقوق الإنسان.
وبينما أكد بناجح أن النظام السياسي لم يعد في حاجة ماسة إلى البحث عن التهم، ولم يعد يخجل أمام الرأي العام الوطني والدولي من الأحكام القضائية في ملفات تحوز إجماع الحقوقيين وأهل الاختصاص بفراغها من المبررات القانونية للاعتقال والمتابعة، شدد في المقابل على أن هذه “السياسة الممنهجة” لن تؤتي أكلها في إخراس الأصوات الصادقة التي تحلل الواقع وتطالب بالعدالة الاجتماعية لهذا الشعب وبحقه في العيش الكريم.
وكان بناجح قد ألقى كلمة في الوقفة الاحتجاجية صباح أمام المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط، تزامنا مع جلسة محاكمة الدكتور بوبكر الونخاري الإثنين الماضي، أدان فيها ما وصفه بـ”تسلسل المحاكمات” ضد أصحاب الرأي، وخاصة في هذين الأسبوعين، حيث شهد المغرب في ذاك اليوم “فضلا عن صدور الحكم على دكار؛ محاكمتين أخريين، الأولى ضد الدكتور بوبكر الونخاري، والثانية ضد النقيب المعتقل محمد زيان”.
وأكد بناجح في كلمته في الوقفة أن ملف الونخاري ملف فارغ، مشددا على ضرورة إنهائه وطيه، لأنه لا يستقيم لرجل تعرفه كل الساحات المغربية بمواقفه وأخلاقه ونضاله وبانتمائه السياسي وبمسؤولياته داخل جماعة العدل والإحسان باعتباره عضوا في أمانتها العامة للدائرة السياسية، ويعرفه العام والخاص بنضاله من أجل فلسطين، وبنضاله من أجل الحقوق وبمساندته للمظلومين، ولا شك أن هذه الخلفية هي الدافع الرئيسي لمتابعته، فلا يستقيم له أن يسقط في مطب إهانة أي إنسان مهما كانت وظيفته.
وشدد على أن التهمة الكيدية التي يتابع بها الونخاري “أصبحت عند السلطات المغربية جاهزة” وأي مناضل حقوقي وله رأي حر، وأي مناضل من أجل فلسطين، يلفقون له هاته التهمة التي هي “إهانة موظف عمومي” أو “إهانة مؤسسات” وغيرها من التهم التي أصبحت معروفة وجاهزة.
ووقف المتحدث أمام قصر العدالة بالرباط مع قضية المعتقل زيان المحاكم بثلاث سنوات سجنا وهو الآن قابع في السجن ظلما وتعسفا مؤكدا أنه “تطبخ له ملفات بعد أخرى”، وذلك ضريبة على مواقفه، فلا يمكن الضحك على الرأي العام وتضليله عن السبب الحقيقي لمتابعته.
واسترسل بناجح حديثه عن محاكمات أصحاب الرأي والتذكير بملفات المعتقلين والمدونين والصحافيين المتابعين والمحكومين، وقال: “هناك محاكمة أخرى لشريف من شرفاء هذا الوطن ومناضل من مناضليه، الدكتور معطي منجب في محاكمة طالت وطالت وما زالت تؤجل، فقط لتبقى سيفا على عنق رجل يعرفه الرأي العام بنزاهته وبمواقفه الشريفة وبدوره العلمي والأكاديمي”.
وعرج في تصريحه بملف عبد الرحمن زنكاض الذي حكم عليه بـ5 سنوات وما نزال حديثي عهد بملفه، وكذا سعيد بوكيوض المحكوم عليه بثلاث سنوات، ويوسف الحيرش الذي حكم عليه هو الآخر بسنة ونصف حبسا نافذة، وغيرهم ممن يقضون عقوبات حبسية وسجنية على خلفية أنشطتهم السياسية ومواقفهم وآرائهم.
وذكّر بناجح بالذكرى الرابعة لاعتقال سليمان الريسوني، المعروف بافتتاحياته وكتاباته الصحافية التي تصف واقع المغرب بدون مجاملات، ولا شك أن الحكم عليه بـ 5 سنوات سجنا لها علاقة بنشاطاته الإعلامية، مثله مثل المعتقل عمر الراضي الذي يقضي 6 سنوات سجنا، ويعرف الجميع من المتابعين للرأي العام الصدى والتأثير الذي تحدثه تقاريره الاستقصائية وتحقيقاته الإعلامية في الصحافة الوطنية والدولية.
وكان الفاعل الحقوقي والسياسي يتحدث في وقفة احتجاجية، نُظمت بالتزامن مع جلسة محاكمة الونخاري رفع خلالها المتظاهرون صور الونخاري وباقي المعتقلين السياسيين، كما رفعوا شعارات تطالب بتمتيع الجميع بالحرية ووقف المتابعات السياسية الظالمة، وإغلاق هذه الصفحة السوداء التي لا تشرف بلدنا في علاقته بأبناء وطنه أو في علاقته بالهيئات الحقوقية الدولية.