ذ. أغناج: نطلب مراجعة الحكم الجنائي الصادر في حق عمر محب

Cover Image for ذ. أغناج: نطلب مراجعة الحكم الجنائي الصادر في حق عمر محب
نشر بتاريخ

تحل علينا هذا الأسبوع ذكرى اعتقال عمر محب، عضو جماعة العدل والإحسان بمدينة فاس، المحكوم عليه بـ10 سنوات سجنا نافذة في ملف سياسي فارغ قانونيا.

ففي صبيحة يوم أحد من سنة 2006، ومن داخل معرض كان ينظمه السيد عمر محب، وبناء على مذكرة بحث مزعومة صادرة في حقه منذ 1993 في موضوع مقتل الطالب آيت الجيد، قامت السلطة القضائية بإلقاء القبض عليه بشكل مفاجئ، في الوقت الذي كان يعيش فيه على مرأى ومسمع من الجهات الرسمية طيلة هذه المدة، بل على علاقة إدارية دائمة في إطار عمله التجاري وكذا المعارض التي ينظمها مع السلطات بفاس.

غموض كبير وراء الملف دفع برنامج «حدث الأسبوع»، الذي يعده ويقدمه الزميل محمد اليقيني وتبثه قناة الشاهد، لاستضافة الأستاذ محمد أغناج، الحقوقي والمحامي بهيئة الدار البيضاء وعضو هيئة دفاع الأستاذ عمر محب، لاستجلائه.

حيثيات الملف، وخلفياته السياسية، والتقييم القانوني له، ثم الاختلالات التي شابته، وهل يمكن إعادة فتحه من جديد لإحقاق الحق.. أسئلة وغيرها يجيب عليها ضيف الحلقة والشاهد على براءة الأستاذ عمر محب؛ الأستاذ محمد أغناج.

7 سنوات قضاها الأستاذ عمر محب في السجون في ملف تقولون في هيئة الدفاع إنه ملف سياسي وأن موكلكم بريء، ما هي المعطيات التي بنيتم عليها رأيكم؟

أعتبر أن لدي علاقة قريبة جدا بوقائع الملف لأنني متأكد تماما، ومهما كانت الأحكام ومهما كانت شهادة الشهود، أن السيد عمر محب بريء، لسبب بسيط هو أنه وقت وقعت الأحداث كان معي بالدار البيضاء خلال فعاليات الملتقى الطلابي الثاني الذي نظم في تلك الفترة، وكنت آنذاك في جامعة مراكش وكان هو في جامعة فاس وصادفت الوقائع أن كنا جميعا بالدار البيضاء، وكنا مجتمعين في الحي الجامعي في إطار الأنشطة وفي إطار فعاليات الملتقى التي استمرت في كلية الحقوق في الدار البيضاء. بمعنى أنني متأكد بأنه لم يحضر الأحداث ولا علاقة له بها. ولست الوحيد المتأكد من هذه الواقعة.

ثم الذي يؤكد لنا أن الملف سياسي، أن الاعتداء الذي وقع على الطالب آيت الجيد بنعيسى كان بتاريخ 25 فبراير 1993 وألقي القبض ساعة وقوع الحادثة على مجموعة من الطلبة، وحتى بعدها بأيام خلال شهر مارس، وأحيلوا على المحاكمة التي استمرت لمدة من الزمن وصدرت في حقهم أحكام، وبقي السيد عمر محب حرا طليقا، استمر بمتابعة دراسته بالجامعة بفاس، حاز على شهادة الإجازة من كلية العلوم، تزوج، بل وقعت له حادثة سير خلال سنة 2000، واستمر في نشاطه التجاري والمهني لمدة 13 سنة دون أن يتعرض في أية لحظة من اللحظات لأية عملية قضائية أو غير قضائية تتعلق بهذا الملف، إلى أن تم اعتقاله بتاريخ 15 أكتوبر 2006، في سياق التضييقات التي وقعت على جماعة العدل والإحسان وعلى أنشطتها وأعضائها ومقراتها بعد الحملة الشهيرة المؤرخة بـ26 ماي 2006.

فسياق الملف ينبئ صراحة على أنه سياسي، ويكفي أن نقول إنه رغم أن السيد عمر محب ألقي عليه القبض بعد 13 سنة، في حين أن هناك أشخاص حكم عليهم مباشرة أثناء الأحداث وبعد الأحداث، هو الوحيد الذي أدين ويقضي عقوبة جنائية من أجل أفعال لها علاقة بعملية وفاة الطالب آيت الجيد بنعيسى.

هل يمكن سيد أغناج أن تحكي لنا بالضبط ما جرى، ما هي حيثيات ملف السيد عمر محب؟

وقعت الأحداث في 25 فبراير 1993 وألقي القبض على مجموعة من الطلبة من التيارين معا الإسلامي واليساري، وقدموا أمام المحكمة، توفي الضحية في المستشفى في بداية مارس 1993، فأصبح مجموعة من الطلبة مبحوثا عنهم بمن فيهم الحديوي الخمار الذي كان معه والذي فر من المستشفى، دفاع الحديوي في شهر شتنبر 1993 تقدم بشكاية ضد مجموعة من الأشخاص في لائحة تضم حوالي 22 أو 23 اسما، وضمّن فيها اسم عمر محب، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يرد فيها اسم عمر محب في القضية.

وألقي القبض على الحديوي الخمار في أكتوبر 1993 وحوكم من أجل نفس الوقائع، وحوكموا جميعا بعقوبات من أجل المشاجرة التي أفضت إلى وفاة الهالك، وقضوا فترة اعتقالهم وخرجوا من السجن، وبقي اسم عمر محب يتردد بسبب الشكاية التي تقدم بها الحديوي الخمار إلى أن ألقي القبض عليه أثناء تقديمه لمعرض للكتب في ساحة معروفة؛ ساحة فلورانس وسط مدينة فاس.

المفاجئ في هذا الملف منذ البداية هو أن إلقاء القبض على السيد عمر محب كان يوم أحد وعلى الساعة الرابعة بعد الزوال، والحديوي الخمار الذي قدم كشاهد وحيد يسكن في منطقة تيسة التي تبعد عن مدينة تونات بكيلومترات، ومع ذلك تمكنت الشرطة من إحضاره والاستماع إليه كشاهد بعد أربع ساعات، هذا يدل على أنه كان هناك تهييء للملف في هذا الاتجاه.

وبقي الحديوي الخمار الشاهد الوحيد، عنصر الإثبات الوحيد الذي اعتمد في جميع مراحل المسطرة ضد السيد عمر محب، رغم أن السيد عمر محب قدم العديد من الشهود، استمعت المحكمة لخمسة منهم، استمع لهم قاضي التحقيق، واستمعت لهم المحكمة ابتدائيا واستئنافيا، وكلهم أكدوا أن السيد محب لم يكن حاضرا في فاس وقت الأحداث.

أدين ابتدائيا بنفس التهمة التي توبع بها والتي هي المشاركة في القتل.

محكمة الاستئناف حينما رجعت إلى الوثائق المتعلقة بالملفات السابقة اعتبرت أن الأمر لا يرقى إلى مستوى جناية وإنما يعتبر جنحة، وهي المشاركة في مشاجرة أفضت إلى وفاة، وأدانته بسنتين حبسا نافذا، محكمة النقض نقضت الحكم بناء على طلب الطرفين؛ الدفاع لأنه اعتبر أنه ما دامت المحكمة قد أدانت المتهم من أجل جنحة فكان ينبغي أن تصرح بالتقادم، لأن فترة التقادم في الجنح هي فقط 5 سنوات في القانون القديم، ونقضته بناء على طلب السيد الوكيل العام، لأنها اعتبرت أن التصريحات المتناقضة التي أفضى بها الشاهد الذي اعتمدته المحكمة الخمار الحديوي ما بين مرحلة البحث التمهيدي، يوم كان متهما ومرحلة التحقيق الإعدادي، ومرحلة المحاكمة يوم أن كان متهما والتحقيق حينما أصبح شاهدا ضد السيد عمر محب، اعتبرت أن تلك التناقضات غير كافية لاستبعاد التهمة التي كان متهما بها السيد عمر محب.

حينما رجع الملف مرة ثانية أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بفاس كان أمامها خياران؛ إما أن تُبقي على الجنحة التي أدين بها السيد عمر محب وبالتالي أن تصرح بسقوط المتابعة لأن هناك تقادم، أو أن ترجع إلى الحكم الجنائي الابتدائي وأن تدينه من أجل المشاركة في القتل، وهذا هو الاختيار الذي اختارته غرفة الجنايات للأسف الشديد، لأنه سيبقى عمر محب هو الوحيد الذي أدين بتهمة القتل في هذا الملف رغم وجود عدة قرائن وشواهد تثبت أنه لم يكن حاضرا.

السيد عمر محب أدين استئنافيا في 2009، بعد ذلك بقي في المغرب ولم يغادره، لم يسع إلى التهرب من العدالة، وبقي يمارس حياته المدنية بشكل عادي جدا، ورغم صدور قرار محكمة النقض برفض طلب النقض الذي تقدم به، مع ذلك فإنه لم يختف إلى أن حضرت الشرطة وألقت القبض عليه تنفيذا لأوامر السيد الوكيل العام، لذلك نحن نعتبر أن وقائع الملف جميعها تثبت أن السيد عمر محب بريء براءة تامة من هذه التهمة التي نسبت إليه، ويكفي الرجوع إلى الوثائق القضائية للتأكد من أن السيد عمر محب لا يوجد ضده أي دليل إلا شهادة السيد الخمار الحديوي.

ولماذا تطعنون أنتم في أهلية الشاهد الوحيد؟

لسنا الوحيدين الذين نطعن في أهلية الحديوي الخمار، لأنه أصلا مشتكي، فهو من تقدم بالشكاية ضد السيد عمر محب، ولديه خصومة شخصية مع السيد عمر محب لأنه يعتبر نفسه ضحية للسيد عمر محب، ولا يخفي خصومته الإيديولوجية مع السيد عمر محب كذلك.

ثم إن السيد الحديوي الخمار أدلى بتصريحات متناقضة طيلة مراحل المسطرة؛ يوم كان متهما أمام الضابطة القضائية، ثم أمام قاضي التحقيق، ثم في مرحلة محاكمته يوم كان شاهدا أمام السيد قاضي التحقيق في ملف عمر محب، فمنذ سنة 2006 وهو يدلي بشهادات متناقضة لدرجة أننا تقدمنا بشكاية مباشرة ضده من أجل الإدلاء بشهادة مزورة، السيد قاضي التحقيق قرر عدم متابعته، وقال في منطوق قراره «ورغم التناقضات والاختلافات البسيطة الحاصلة في تصريحات السيد الخمار الحديوي..»، بمعنى أن قاضي التحقيق نفسه وقف على وجود تناقضات وتصريحات مختلفة فيما يتعلق بالتصريحات التي أدلى بها السيد الخمار الحديوي.

لا ننس أن السيد عمر محب أنكر أية علاقة بالمتابعة أمام الشرطة، وأمام قاضي التحقيق في جميع المراحل، وأمام غرفة الجنايات سواء ابتدائيا أو استئنافيا أو استئنافيا أمام النقض، ولا يزال لحد الآن ينكر أية علاقة له بتلك الوقائع.

المشكل هو أن هناك من جعل من هذا الملف أصلا تجاريا، بمعنى أنه يسترزق به سياسيا وجمعويا وحقوقيا ولا يزال…

من هم هؤلاء؟

لن أفصل في من هم، لكنهم معروفون في الساحة، والسيد المختار الحديوي أصبحت له علاقة بهم، بمعنى أنه لم يعد شاهدا محايدا. لم يكن شاهدا محايدا وكذلك الآن فهو ليس شاهدا محايدا، ولا يمكن أن تعتبر شهادته وسيلة إثبات وحيدة ضد السيد عمر محب.

ما هي الاختلالات التي سجلتموها خلال فترة سجن السيد عمر محب التي تبلغ الآن عامها السابع؟

سجلنا اختلالات كثيرة؛ السيد عمر محب لمدة 13 عاما وهو يقيم بشكل عادي في المغرب ولم يسع يوما للتهرب من العدالة، ثم بعد سجنه قضى فترة محكوميته لمدة سنتين بما يعني السجن من تضييق، حينما خرج لم يتهرب من العدالة، لكنه حينما ألقي عليه القبض عومل كأنه مجرم هارب، حيث طبقت عليه مجموعة من القواعد القاسية.

السيد عمر محب تعرض لحادثة سير أدت إلى إصابته على مستوى الرأس، ويتوفر على ملف طبي كامل منذ سنة 2000، ولكنه حاليا لا يتابع أي علاج على مستوى المؤسسة السجنية، ولا تعطي المؤسسة السجنية أي اعتبار لوضعيته الصحية، بل إن مجموعة من الأمور التي تعتبر من المستلزمات العادية للمعتقلين لا يستفيد منها السيد محب نهائيا، فهو يعيش حياة سجنية قاسية رغم أن ملفه ملتبس.

ثم إن معاملة زواره بمن فيهم زوجته الأستاذة خديجة سيف الدين لا تراعي حتى الحد الأدنى الذي يعامل به المعتقل العادي، السيد عمر محب خلال فترة اعتقاله توفيت والدته ولم يتمكن من حضور جنازتها ولا من تلقي العزاء فيها ولا حتى من توديعها حينما كانت مريضة. علاقته بأبنائه وأسرته تبقى في حدود ضيقة جدا، فهو يعيش حياة سجنية مشددة.

بعد 7 سنوات من السجن هل يعتبر الملف منتهيا قانونيا؟ وما صحة الأخبار المتداولة عن متابعات جديدة في نفس الملف؟

لا أعتقد أن الملف منته قانونيا، لأن القانون موضوع لحماية الحق والعدل، فلا ينتهي القانون أبدا ما دام هناك خرق للحق والعدل، يجب أن يكون هناك دائما طريق مفتوح لإرجاع الأمور إلى نصابها، ولإرجاع الحق والعدل إلى أصحابه.
أما فتح الملف بخصوص باقي المتابعين فنعلم جيدا أن هذا تم في إطار سياق مزايدات سياسية وتصفية حسابات، ونحن نربأ بملف السيد عمر محب أن يدخل في سياق هذه المزايدات، وفي إطار هذه الخصومات التي نعلم جيدا أنه ليس وراءها البحث عن الحق والعدل وإنما هي تصفية حسابات سياسية.

ما هي مطالبكم، كهيأة دفاع، في هذه الذكرى السابعة لاعتقال السيد عمر محب؟

مطلبنا بسيط وسهل وواضح هو إحقاق العدل، والطريقة القانونية المفتوحة لإحقاق العدل هي مراجعة هذا الحكم الجنائي، وطريق المراجعة هي مفتوحة سواء للجهة القضائية كالوكيل العام لدى محكمة النقض أو لوزير العدل الذي يمكن أن يطلب هذه المراجعة، وصراحة كنا ننتظر أن يفتح هذا الملف بواسطة هذا الطريق، خصوصا حينما تأكدنا ونؤكد أن السيد عمر محب يؤدي عقوبة ظالمة في جريمة لم يرتكبها، وينكر وينفي أية علاقة له بها، ولم يقم إثبات على قيامه بها.

هل هناك أمل في إعادة فتح الملف من جديد وإحقاق العدالة؟

إذا كنت تتحدث عن الأمل بمفهوم الثقة في المؤسسات أو الثقة في القضاء فأعتقد أننا بعيدون عن ذلك، لكن في عمق وجداننا وضميرنا نحن متأكدون أن الله يمهل ولا يهمل، وأن عمر محب مظلوم، وأن أسرته ومجموعة من الأشخاص مظلومون معه، وأن الله عز وجل عزيز منتقم.