ذ. أرسلان: نؤمن بأن ما يعيشه المغرب تركته ثقيلة لا يمكن أن يتداعى لها طرف واحد

Cover Image for ذ. أرسلان: نؤمن بأن ما يعيشه المغرب تركته ثقيلة لا يمكن أن يتداعى لها طرف واحد
نشر بتاريخ

حاورت يومية المساء الأستاذ فتح الله أرسلان، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، ونائب أمينها العام وناطقها الرسمي، حول موضوع ندوة الذكرى الخامسة لرحيل الإمام رحمه الله تعالى: “التحول السياسي: محاولات الإجهاض وفرص التجاوز” وحول دعوة الجماعة للحوار .. ومحاور أخرى.

الحوار نشرته الجريدة في عدد السبت 16 دجنبر 2017، ونعيد نشره تعميما للفائدة.

أولا، ما الذي تغير أو تجدد على المستوى التنظيمي بعد خمس سنوات على وفاة الأستاذ عبد السلام ياسين؟

أستطيع القول إن هناك تغييرات كثيرة حصلت على مستوى التنظيم، لأن تنظيم جماعة العدل والإحسان تنظيم قابل للتغيير انطلاقا من المتغيرات التي يعرفها حجم الجماعة، ونوعية عملها، وانتشارها. لذلك فمنذ نشأتها، وحتى في حياة الأستاذ الإمام عبد السلام ياسين، كانت الجماعة تعرف تغييرات تنظيمية باستمرار كلما حصل داخلها تطور على مستوى الكم أو على مستوى نوعية العمل، ولذلك أؤكد أن هناك مجموعة من التغيرات طرأت وفقا لطبيعة الشروط التي تعيش عليها الجماعة اليوم، وهذا أمر طبيعي جدا في كل الهيآت الحية.

سيقدم إصدار جديد من تأليف الأستاذ ياسين، هل هناك عدد آخر من الإصدارات التي لا تزال لم تطبع؟

نعم هناك مجموعة من الإصدارات، لكن كما تعلمون حجم الضغط والمضايقات التي تقع على الجماعة من قبل السلطة، بالإضافة إلى خوف المطابع من طبعها لكتب الإمام عبد السلام ياسين، تجعل الجماعة تعاني، منذ حياة الإمام ياسين، على مستوى الطبع والنشر، وهذا مستمر إلى الآن، لكن كلما سنحت الفرصة نقوم بطبع ونشر هذه الكتب تباعا.

كيف تتعامل الجماعة مع هذه الكتب، وهل منحها الأستاذ ياسين لقيادة الجماعة قبل وفاته أم العائلة هي التي سلمتها للجماعة؟

الأستاذ عبد السلام ياسين لم يكن يكتب للجماعة فقط، فهو منظر ومجدد ويكتب للفكر الإسلامي والإنساني بصفة عامة. وما كتبه الأستاذ عبد السلام ياسين، وما نشر من كتبه وما لم ينشر، ليس من حقنا إخفاؤه أو كتمه عن الناس، بل الواجب تعميم الاستفادة منه، خصوصا وأن الرجل عاش حصارا قويا منعه من نشر فكره ونظريته. ونحن حسب إمكانياتنا وقدراتنا نحاول جاهدين أن نوصل هذا الفكر للناس للاطلاع عليه. أما بخصوص الشق الثاني من السؤال فأقول بحمد الله ليس هناك أي مشكل مع العائلة في تدبير أمر طبع ونشر كتب الأستاذ عبد السلام ياسين والأسرة تتعامل مع هذا الموروث بكل تفهم.

اخترتم عنوان الندوة: “التحول السياسي: محاولات الإجهاض وفرص التجاوز”، هل تعتبرون أن المغرب يشهد تحولا سياسيا؟

العالم العربي والإسلامي عرف في السنوات القليلة الماضية تحركات وانتفاضات وحراكا شعبيا مهما جدا، حاولت الشعوب من خلاله استرداد حقوقها والانتفاض على الظلم والطغيان والفساد الذي جثم على صدورها منذ عشرات السنين، وهذا الانتفاض عرف مواجهة شرسة من طرف ما يسمى بالدولة العميقة وأصحاب المصالح الذين تتعارض حرية الشعوب مع مصالحهم، فوجدت معارضة داخلية وخارجية، كل طرف تدخل انطلاقا من المصالح التي يحددها، فلذلك عرفت هذه الانتفاضات عراقيل، ومن خلال هذه الندوة سنحاول رصد هذه العراقيل وتحديد شكلها وأسبابها ومن وراءها، ونطرح أسئلة من قبيل كيف يمكن تجاوز هذه العراقيل؟ وهذا سؤال لا يطرح عندنا في المغرب فقط بل يطرح في العالم العربي والإسلامي بصفة عامة.

هل هناك فرص لتجاوز ما أطلقتم عليه بـ”بمحاولات الإجهاض”؟

هذا ما نبحث عنه، وهذا هو السؤال الكبير الذي أعتقد أن مختلف الطبقات السياسية في المغرب مدعوة للإجابة عنه، وانطلاقا من الوضع المنغلق الذي يعيشه المغرب على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما نراه من حراك في مناطق المغرب انطلاقا من الظلم الممارس على الناس والفقر والحاجة، الشيء الذي أصبح يشهد به الجميع في المغرب والذي تعرفه كل الأطراف بما فيها رأس النظام. ولذلك نحن في جماعة العدل والاحسان، بل وكل الفاعلين والمهتمين بالشأن السياسي، لا بد من أن نجتمع لتقديم أجوبة عن هذا السؤال، خصوصا وأننا نؤمن بأن ما يعيشه المغرب تركته ثقيلة جدا، ولا يمكن لطرف واحد أن يدعي أنه يستطيع إيجاد الحل السحري لكل ما يقع، بل لا بد أن تتضافر جهود كل الغيورين على هذا البلد لكي نتداعى جميعا للبحث عن مخارج من هذه الأزمة التي نعيشها جميعا والتي لا يمكن أن تستمر. فتحسبا لما يمكن أن يقع من مضاعفات، وتجاوزا وبحثا عن الحلول التي يمكن أن يستفيد منها الجميع، نطرح هذا السؤال العريض الذي تندرج تحته أسئلة متعددة لإخراج بلدنا من المجهول.

كيف تقيمون حجم التواصل والحوار الإسلامي-إسلامي في المغرب؟ ألا ترون أنه متعثر في بعض المرات بالمقارنة مع التواصل الإسلامي-اليساري، نموذج الجماعة وحزب النهج الديمقراطي؟

حين نتحدث عن السياسة فنحن لا نتحدث عن الاصطفاف الإيديولوجي، وإلا فإننا نجد من الإسلاميين من ينخرطون في السلطة ومنهم من يعارضون، ونجد من اليساريين من ينخرطون في السلطة كذلك ومن يعارضون. لذلك أقول أن المطلوب اصطفاف سياسي من أجل القضايا والمطالب المشتركة وبناء نظام سياسي يضمن تعايش الجميع. وبالتالي إن كان التواصل متوقفا أو متعثرا فهو لا يخص فقط الإسلاميين بل حتى في ما بين اليساريين، وهذا لا ينفي أن هناك تلاق وتواصل ما بين الإسلاميين، لأن الإسلاميين في المغرب ليسوا فقط هم العدل والإحسان والعدالة والتنمية بل هناك أطراف أخرى.

كيف تقيمون الدعوات الحوارية التي أطلقتها الجماعة؟

في الواقع، نحن نعيش في بيئة ليست سليمة، فعندما تطلق الجماعة الحوار فالكل يعلم أنها محاصرة والنظام يتعامل معها كطرف غير مرغوب فيه، ولذلك  يكون الجانب الأمني والتخويف حاضرا بالنسبة للبعض في التجاوب مع دعواتنا، وكل من يستجيب لدعواتنا الحوارية يكون قد تخلص من تلك العراقيل المباشرة وغير المباشرة التي تضعها السلطة. والجماعة تعذر كل من قدّر أن الاتصال بنا يخلق له المشاكل مع السلطة، ونراهن على أصحاب المبادئ الذين يتجاوزون كل تلك العراقيل استجابة لدعوتنا وهؤلاء على كل حال عددهم لا بأس به  ويتزايد باستمرار.