ذة. نحيل تناقش “الأسرة الصالحة عماد الأمة القوية” انطلاقا من مقصدي “الاستقرار والسعادة” و”إصلاح الأمة”

Cover Image for ذة. نحيل تناقش “الأسرة الصالحة عماد الأمة القوية” انطلاقا من مقصدي “الاستقرار والسعادة” و”إصلاح الأمة”
نشر بتاريخ

بنت الأستاذة أسماء نحيل، عضو لجنة التربية والنصيحة التابعة للهيئة العامة للعمل النسائي بجماعة العدل والإحسان، مداخلتها في موضوع “الأسرة الصالحة عماد الأمة القوية”، الذي تدارسته نصيحة الوفاء التي نظمتها الجماعة ضمن فعاليات الذكرى الحادية عشرة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى وبثتها قناة الشاهد ليل الأحد 17 جمادى الثانية 1445ه/31 دجنبر 2023، على الآيتين الكريمتين 74 – 75 من سورة الفرقان: وَالذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنَ اَزْوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً * أُوْلَٰٓئِكَ يُجْزَوْنَ اَلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّة وَسَلَٰماً. متناولة الموضوع في محورين: أولهما- بناء الأسرة ومقصد الاستقرار والسعادة، وثانيهما- الأسرة الصالحة ومقصد إصلاح الأمة.

في المحور الأول بينت المتحدثة مراد الله عز وجل من قرة العين وفق اجتهاد أهل اللغة والتفسير،  فلغة “قيل إنها برد دمعها، لأنه دليل السّرور، وحره دليل الحزن. وقيل أنها مِنَ القرارِ، بحصول غاية الرّضا لمصادفة الفؤاد ما يحبّه”، وعند المفسرين ساقت بعض التعاريف منها قول ابن عاشور رحمه الله إن “قرة العين كلمة جامعة للكمال في الدّين واستقامة الأحْوالِ في الحياة”.

ثم ساقت بعض مقومات الاستقرار والسعادة في الأسرة، ومنها “الجمع بين الدين والخلق”، فـ”الأساس الركين في العلاقة  الزوجية بين الرجل والمرأة المؤمنين أنهما عبدان لله، يتفيئان في رحلتهما قول الله عز وجل وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. يجددان النية في سعيهما وفي ما يأتيان من عمل وما يذران، حاذيهما إخلاص العبودية لله ومنتهى صبرهما ومصابرتهما نيل رضا الله”، و”الإحسان في بعده العبادي يفضي لزاما إلى الإحسان في بعده الخلقي كما جاءت بذلك أوصاف عباد الرحمن، طاعة لله عز وجل وتأسيا برسوله ﷺ”.

من المقومات أيضا؛ “تكامل الوظائف في كنف التواد والتراحم”، فـ”الزواج في الإسلام تجلله قدسية الميثاق الغليظ، وينظم رابطته الرعاية المتبادلة قوامة وحافظية  تحت ظلال المودة والرحمة، فعلى الزوج القِوامة، وهي حماية الزوجة وصيانتها وجلب المصالح إليها. وعليها هي الحافظية، تحفظه في نفسها وبيتها وولده وماله”.

واستشهدت نحيل بكلام للإمام يعضد ما جنحت إليه في هذا المقوم: “بالمودة والرحمة الحميمين يتميز الزواج المطابِق بالقصد والفعل والتوفيق الإلهي للفطرة. وبهما لا بمجرد العَقْد القانوني يحصل الاستقرار في البيت، وبالاستقرار في البيت يشيع الاستقرار في المجتمع… أصل الاستقرار ومثواه ومِرْساتُه الزوج الصالحة”.

لتنتقل إلى المحور الثاني من مداخلتها: “الأسرة الصالحة ومقصد صلاح الأمة”، المرتبط بقول الله تعالى: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا، وهو “دعاء يهـدي إلى الرشد في تعاون المؤمن مع أهله وذريته وفي توصيل الدعوة بالأسرة”.  

بسطت عضو لجنة التربية والنصيحة المحور الثاني على منوال سابقه، مستهلة بتقديم معاني إمامة المتقين وتوريثها من خلال الآية الكريمة، حيث لغة “إمام: تصلح للواحد والجمع وتأتي بمعنى “قدوة” وقيل: هو جمع “آم” بمعنى القصد”، وعند المفسرين “أثر عن الحسن البصري ومجاهِد رَحمَهم الله: “أئِمَّةٌ في التَّقْوى حتّى نأتمّ بمن قبلنا ويأتمّ بنا من بعدنا”. فهو إذن، تقول المتحدثة: “سعي وطلب ليصبحوا وذرياتهم قنوات قلبية تنقل نور النبوة عبر الأجيال… ومن صلاح الأبوين وكمالهما المنطلق والأساس”.

سريان هذا النور عبر الأجيال لابد له من مقومات، تقول نحيل، منها: “إحياء الفطرة وحوْطها”؛ مستشهدة بالحديث النبوي الشريف (كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ…)، وبمقتطفات للإمام عبد السلام ياسين أورد فيها أن “الفطرة استعداد الخلقة الباطنية لتلقي الإيمان بالله عز وجل وبغيبه”، وأن “كمال الأبوين مربيين مسؤولين رهين بتأييدهما أمانة الفطرة بالتربية الإيمانية الإحسانية صونا  للنشء من كل شيطنة، حتى تصبح النبوة سراجا منيرا في القلوب”، مع احتلال المرأة “الصدارة في عملية حوْط إحياء الفطرة، وتربيتها”.

المقوم الثاني الذي يوصل الأسرة الصالحة بالأمة القوية، وفق نحيل، هو “الدعاء”؛ فـ“عباد الرحمن لزموا الدعاء، لإيقانهم أن “الدعاء هو العبادة”، ولعلمهم بأنه الرابطة القوية بينهم وبين ربهم، وأنه وسيلة القرب منه سبحانه؛ فبه يستقوون وبأنواره يسترشدون”. ودعاؤهم “تعم فيوضاته وخيراته أسرهم وأحبابهم، اقتداء بسنن الأنبياء في وصل الإيمان بالأهل والذرية، وتأسيا بإمام المرسلين ﷺ، في أحواله مع آل بيته الأطهار وأمته وأقواله”.

ولفتت نحيل إلى كون “الإمام رحمه الله أولى اهتماما خاصا بدعاء الرابطة، وحرص على التذكير به وبفضله، وحض أبناء وبنات الجماعة على المواظبة عليه، وجعله معلمة من معالم يوم المؤمن وليلته، وأساسا من أسس الاتباع الكامل لسنة رسول الله ﷺ، كما ندب رحمه الله  إلى تخصيص حظ طيب منه للوالدين والأهل والولد وذوي الرحم”.

وختمت المتدخلة بتبيين منزلة الأسر الصالحة في الحياة الآخرة، التي دلت عليها أواخر الآيتين موضوع المدارسة أُوْلَٰٓئِكَ يُجْزَوْنَ اَلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّة وسَلَٰماً، قائلة: “ويختم مشهد عباد الرحمن بالانتقال إلى النعيم المقيم في أعلى وأرفع منازل الجنة “الغرفات” جزاء صبرهم… ولما كان المنزل لا يطِيب إلّا بالكرامة والسلامة، أكرموا بتحية وسلام رب الدار الكريم المتعال وملائكته”.