ذة. مستحسان تعرض منطلقات الجماعة ومقترحاتها لتعديل مدونة الأسرة

Cover Image for ذة. مستحسان تعرض منطلقات الجماعة ومقترحاتها لتعديل مدونة الأسرة
نشر بتاريخ

اعتبرت الأستاذة خديجة مستحسان، عضو اللجنة المشتركة للنظر في مدونة الأسرة التابعة لجماعة العدل والإحسان والكاتبة العامة لقطاعها النسائي، أن انخراط الجماعة في النقاش المجتمعي المرتبط بالأسرة وقضاياها والمدونة وقوانينها “انخراط طبيعي”، إذ هي “جزء من الحركة الإسلامية التغييرية والسياسية في المغرب، لذا تنخرط في كل فرصة تراها مناسبة لإبلاغ صوتها وتوضيح مواقفها من القضايا الكبرى التي تشغل مجتمعنا وأمتنا، انطلاقا من واجبها الشرعي ومسؤوليتها التاريخية، واستجابة لأمر الله تعالى في قوله عز وجل: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران، الآية 104)”. وعدت هذا الانخراط جهدا “ينضاف إلى جهود كافة الفاعلين من أجل حماية الأسرة المغربية وصون حقوق كافة مكوناتها”.

الأستاذة مستحسان، وهي تقدم كلمة باسم نساء العدل والإحسان في الجلسة الافتتاحية لفعاليات الملتقى العلمي التواصلي؛ للإفصاح عن وجهة نظر جماعة العدل والإحسان في بعض قضايا مدونة الأسرة، أكدت أن مختلف مؤسسات الجماعة تفاعلت “مع هذا الورش المهم، كل من موقع اختصاصه، لبلورة آراء ومواقف ومقترحات حول عدد من قضايا المدونة، كشفت اللجنة المشتركة عنها من خلال وثيقين اثنتين: الأولى صدرت بتاريخ 30 نونبر 2023 تحت عنوان: مدونة الأسرة.. منطلقات مؤسِّسة. وأعقبتها الثانية بتاريخ 4 يناير 2024 تحت عنوان: مدونة الأسرة. وجهة نظر في قضايا تفصيلية”.

وأرجعت المتحدثة اختيار اللجنة المشتركة إصدار وثيقتين في الموضوع، إلى كونها أرادت أن تكون الوثيقة الأولى مرجعا مؤطرا للوثيقة الثانية “لا يستقيم الفصل بينهما لتحقيق الإصلاح الحقيقي في موضوع بهذه الأهمية”. فلئن كانت مراجعة مدونة الأسرة بعد سنوات من التنزيل مطلبا له ما يعضده، فإنه ينبغي أيضا أن يكون له ما يؤطره، توضح.

وعدّت مستحسان بعض المحددات الضرورية التي رأت اللجنة أنها ينبغي أن توجه نقاش مراجعة مدونة الأسرة؛ “أولها- مفهومُ الأسرة في صيغتها وتركيبتها الطبيعية الموافقة لإرادة الله تعالى في خلقه، وطبيعة وظائفها الإنسانية والأخلاقية.

2-المكانة الاعتبارية للأسرة كجزء لا يتجزأ من الهوية المغربية، وخصوصيتها المستمدة من ديننا الحنيف الذي أحاط هذه البنية الاجتماعية بعناية خاصة، لما لها من أثر وتأثير في صناعة الإنسان السوي والمجتمع القوي.

3- ضرورةُ الرؤية الجامعة والمقاربة الشاملة، من خلال ربط إصلاح قضايا الأسرة وما يرتبط بها من قوانين وأحكام بإصلاح سائر المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتشريعية.

4-استبيانُ المقاصدِ الحقيقيةِ من وراء مراجعة أحكام مدونة الأسرة اليوم باستدعاء وتحليل مختلف السياقات الدولية والمحلية المتدخلة والضاغطة في الموضوع.

5-ضرورة تصدُّر ذوي الاختصاص والخبرة لمراجعة المدونة، حماية للأسرة، وفي مقدمتهم العلماء”.

أما المنطلقات المؤسسة لأي إصلاح لمدونة الأسرة فقد حددتها الوثيقة الأولى، وفق مستحسان، في ثلاث: “1- سموُّ المرجعية الإسلامية على غيرها من المرجعيات: بما تتضمنه تشريعاتها من هداية وإرشاد وبناء للإنسان والعمران، وبما ترمي إليه مقاصدها من تحقيق مصالح العباد ودفع الأذى والحرج عنهم. والتأكيدُ على سمو المرجعية الإسلامية لا يعني إهمالَ الاجتهادات البشرية التي تحقق الخير للإنسان، استحضارا للتوجيه النبوي: “الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها”.

2- رفض التوجُّه الحداثي القائمِ على الإقصاء التام للدين، وإقبار التراث، والانصهار في التغريب، واعتمادِ العقل مرجعا وحيدا لكل معرفة وتحليل.

3- نقد مفهوم المساواة كما تحدده المواثيق الدولية، القائمِ على التماثل والمساواة النِّدية بين الرجل والمرأة، لما يترتب عنه من صراع وخلط للأدوار واختلال للوظائف التي خص الله تعالى بها كلا من الذكر والأنثى، بما ينسجم مع طبيعته وطاقاته، وبما يحقق مقصدَ التكاملِ والانسجامِ بينهما”.

وأوردت القيادية النسائية في جماعة العدل والإحسان في كلمتها خمسة شروط ضرورية لإنجاح تعديل المدونة نقلا عن وثيقة المنطلقات المؤسسة:

“أولها: نظام سياسي ديمقراطي قائم على العدالة الاجتماعية، تتحمل فيه الدولة بمختلف مؤسساتها كامل مسؤولياتها في توفير حقوق المواطنين وضمان عيشهم الكريم.

ثانيها: نظام تربوي تعليمي أخلاقي يحفظ الفطرة ويعلي مكانة الأسرة.

ثالثها: اجتهاد مقاصدي منفتح ومؤسساتي جماعي.

رابعها: قضاء أسري مختص، مستقل ونزيه.

وخامسها: إعلام مسؤول في خدمة الأسرة وتماسكها”.

وعلى ضوء هذه المنطلقات المؤسسة والمرتكزات البانية، أصدرت الجماعة وثيقتها الثانية، تكشف مستحسان؛ “ضمنتها وجهةَ نظرها في ثمانِية من القضايا التي احتد حولها النقاش لأشهر عديدة -وما يزال- بين مختلف مكونات المجتمع، لارتباطِ هذه القضايا الوثيق بالبناء الأسري ومكوناته على مستوى العلاقات والحقوق والواجبات والتماسك والاستقرار، ولما تطرحه من إشكالات سواء على مستوى النص التشريعي أو على مستوى التنزيل. وهذه القضايا هي: تزويج القاصر، تعدد الزوجات، تدبير الأموال المكتسبة بين الزوجين، الطلاق والتطليق، استلحاق مقطوع النسب بأبيه غير الشرعي، الحضانة، النيابة الشرعية وبعض قضايا المواريث”. ولفتت أن التفصيل في هذه النقاط هو ما سيشكل موضوع العروض التالية التي طرحت في الندوة.

وأشارت عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية في آخر كلمتها إلى أن “اللجنة المشتركة اعتمدت في صياغة آرائها وبلورة مواقفها من هذه القضايا الثمانية على عدد من الأسس والضوابط” أجملتها في:

“أولا- اعتماد المرجعية الإسلامية المستندة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.

ثانيا- اعتماد الاجتهاد النظري المؤسَّس على مقاصد الشريعة الإسلامية وكلياتها العامة.

ثالثا- الاستناد إلى القوي الراجح مما أثله علماؤنا الأجلاء من أقوال واجتهادات مؤسَّسة على الأدلة المعتبرة شرعا.

رابعا- ترك ما شذ من أقوال في الفقه، أو انحسر من اجتهادات من سبقونا مما لم يراعَ فيه اختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والعوائد وحاجيات الناس ومطالبهم.

خامسا- الاستفادة مما توصلت إليه الخبرة البشرية من حلول ناجعة متعلقة بالأسرة، في جمع منسجم بين قدسية النص وحكمة العقل.

سادسا- الاستفادة من مختلف العلوم والتخصصات الشرعية والكونية التي لا تستقيم مقاربة عدد من قضايا الأسرة وأحكامها إلا باجتماعها كافة.

سابعا- الاقتناع أن العلاقات المنسوجة داخل الأسرة لا تستقيم دائما بميزان الحق والواجب، بل إن ما يمسك بنيانها ويحميه من التصدع بالأساس هو قاعدة القيم والأخلاق التي يرتكز عليها، مما يستدعي ضرورة استحضار هذا البعد في أي تشريع يرتبط بالأسرة، وإلا تحوَّل إلى جناية على الأسرة وعلى مكوناتها وعلى وظائفها داخل النسيج المجتمعي.

ثامنا- مقاربة القضايا موضوع النقاش من خلال استحضار مصلحة جميع مكونات الأسرة، رجلا وامرأة وأبناء، بشكل متوازن، يحفظ حقوق جميع مكوناتها، دون تغليب مصلحة أي طرف على الآخر”.