د. متوكل: نحن موجودون حيث كانت هناك مطالب مشروعة ومستعدون للتعاون مع كل الأطراف الجادة

Cover Image for د. متوكل: نحن موجودون حيث كانت هناك مطالب مشروعة ومستعدون للتعاون مع كل الأطراف الجادة
نشر بتاريخ

نشرت يومية «أخبار اليوم»، أمس الثلاثاء 06 يونيو 2017، حوارا مطولا مع الدكتور عبد الواحد متوكل، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ورئيس دائرتها السياسية، تناول مجموعة من القضايا من قبيل؛ موقف الجماعة وشكل مشاركتها في حراك الريف، وتقييمه لتعامل النظام مع الاحتجاجات بالخيار الأمني وانعكاس ذلك على الوضع الآني والأفق المستقبلي. وكذلك مسألة توظيف المساجد من قبل الدولة.

كما تطرق الحوار إلى إمكانية تغيير الجماعة استراتيجيتها في التعامل مع الدولة، وكذا موقف الجماعة المقاطع للانتخابات الأخيرة، وقضايا أخرى تهم سير الجماعة والحوار مع باقي الأطراف السياسية، تعرفونها من خلال قراءتكم لنص الحوار كاملا.

 

الموقف الذي عبرتم عنه فيما يخص حراك الريف، والقائل إنكم تفضلون في العدل والإحسان أن يقال إنكم غائبون عن الحراك على أنكم تسطون عليه، هل في هذا نوع من التقية السياسية؟

الموقف الذي عبرت عنه الجماعة هو حصيلة تجربة، وهو أنه كلما خرجنا في حركة احتجاجية إلا واتخذها النظام ذريعة لضرب تلك الاحتجاجات، والقول إن خلفها إطارا معينا له حسابات خاصة ويصرف موقفا سياسيا، وها أنت ترين في الريف نفس الشيء يقول إن هناك انفصاليين وأطرافا خارجية، هذا هو أسلوب النظام الذي يحاول أن يهرب النقاش الحقيقي وأن يصرف النظر عن المشاكل الحقيقية من أجل اتهام النيات، في حين أن الساكنة لها مطالب مشروعة.

هل تقتضي الظرفية تغليب هذا المنطق على المشاركة ودعم الحراك؟

لا، نحن موجودون. فحيثما كانت هناك مطالب مشروعة ولها مقاربة سلمية لنا حضور، لكن نحن لا تعنينا الصدارة، وإنما ما يعنينا هي مطالب الشعب.

لكن هناك فرقا بين أن تتواجدوا كأفراد وبين أن يكون لكم موقف سياسي واضح، خاصة وأن ما يحدث هو خارج أي تأطير مؤسساتي حزبي، وربما تعلق بعض الفئة من الشعب آمالها على جماعة لم تنخرط بعد في دواليب المؤسسات؟

نحن لنا موقف واضح، وهو أننا مع مطالب الناس ومع همومهم. الشيء الوحيد الذي تغير في أسلوب تعاملنا هو أننا لا نتصدر المشهد، لأن المجال ليس مجال تسابق، ومن أراد أن يتسابق فليتفضل، الذي يعنينا هو أن يكون هناك نوع من التعاون كي تتحقق مطالب الناس المشروعة.

أليس خوفا من تحمل المسؤولية السياسية، أليس خوفا من المزيد من الضغوطات على الجماعة؟

لا، فالضغوطات ليست جديدة ونحن نتعرض لها باستمرار، ونحن لا نخافها فنحن واقعون تحتها منذ مدة، نحن نريد أن نبرهن أننا مع مطالب الناس ولا تهمنا الصدارة.

هل أنتم مع تحييد المساجد من السياسة؟

هذا الموضوع يحتاج نقاشا هادئا ومستفيضا ولا يتسع له لقاء صحافي كهذا، لكن على العموم علينا أن نضع ما يحدث في سياقه، فالواقع الآن هو أن النظام يوظف المساجد أبشع توظيف، وهذا من شأنه أن يحدث غضبا لدى الكثير من الناس، كل ما في الأمر أن الناس يصبرون، ولو أمكن لك أن تبحثي في الأمر، ستجدين أن الناس ملوا من الخطب الرسمية ومنهم من يأتي لآخر لحظة ومنهم من لا ينتبه، وإذا سألته ماذا قال الخطيب تجد أنه لم يكن ينصت إليه أصلا، ومنهم من يخرج من المسجد وهو يسب ويشتم الخطيب، فالخطيب يتحدث في عالم والواقع شيء آخر. وهذا من شأنه أن يولد ردود فعل حين لا يستطيع البعض تحمل تلك الخطب، وقد وقع هذا مرات كثيرة، وليست الحسيمة أول مرة، بل وقعت في أكثر من منطقة. إذن فالمشكل هو أن المسجد محتل من طرف نظام يصرف فيه الموقف الرسمي، وموقفه الذي يخالف في كثير من الأحيان مواقف الإسلام المجمع عليها، بل يخالف فيه حتى مبادئ المذهب المالكي الذي يقول إنه يتبعه، هذا هو الإشكال.

المساجد مكممة، المساجد لا تؤدي رسالتها الحقيقية، أنا لا أقول إن المسجد ينبغي أن يكون منحازا لطرف أو لجماعة، بل ينبغي أن يكون مستقلا فقط.

كيف تنظرون لمقاطعة أهل الريف صلاة الجمعة بالمساجد؟

من الذي كان سببا في ذلك؟ أنا أحمل المسؤولية للنظام، ففي نفس الوقت الذي بعث بعثة وزارية للنظر في أمور الناس، وزارة الأوقاف ووزارة الداخلية كتبتا خطبة وأرسلوها لعين المكان من أجل ضرب الحراك واتهام الناس بالفتنة، ماذا تنتظرين من الناس في هذه الحالة؟

كان الأمر ربما غير متوقع، لأنهم تعودوا أن يدبجوا الخطب وفيها من المنكرات ما لا يعلمه إلا الله، ومع ذلك الناس يذهبون من أجل الصلاة، لا ينتبهون ولا يكترثون لما يقوله الإمام في أغلب الأحيان، كان هذا ما يتوقعونه. وهم لا يوظفون فقط المساجد، بل الإعلام وغيرهما، غريب أنه الآن هناك أشرطة يقوم فيها أشخاص بكل جرأة بتهديد الناس بالقتل، خاصة من قادة الحراك ولا تتحرك النيابة العامة.

أعاد حراك الريف كثيرا الحديث عن الاستقرار، هل ترى أن حراك الريف من الممكن أن يتطور في اتجاهات تخل بالاستقرار؟

هناك مشاكل حقيقية وليست وليدة اللحظة ومطالب مشروعة باعتراف النظام نفسه وباعتراف الحكومة وباعتراف الجميع، وهذه المطالب قد امتدت لعقود، إذن لابد أن الصبر سينفذ في لحظة من اللحظات، ثم إن هذه الأزمة ليست قاصرة على منطقة بعينها وإن كانت في إقليم الحسيمة أكثر حدة، إذن ماذا تنتظر عندما تكون لديك مشاكل كثيرة ومتعددة ومتراكمة ومتنامية وأنت ليست لديك أي استراتيجية من أجل حلها؟ كل شيء وارد.

بعد عشرين فبراير، ظهر وكأنكم تتعاملون بحذر شديد مع الوقائع السياسية، هناك من يرى أن الجماعة تجلس في قاعة انتظار، ماذا تنتظرون؟

هذه التهمة سمعناها مرارا، ماذا تنتظرون؟ وفي فترة الانتخابات قالوا لنا أنتم قاعدون وتنتظرون، وظهر أن هؤلاء الذين قاطعوا هم من كانت لهم رؤية وأصبحت الانتخابات مهزلة لم يكن يتوقعها أحد. ما آل إليه الوضع بعد الانتخابات لم يكن ضروريا ولو سارت الأمور بشكل طبيعي وتشكلت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران، ولم يكن هناك أي خطر في أن يترأس ولاية أخرى، ومع ذلك النظام كانت له حسابات أخرى، وأوجد مشاكل هو في غنى عنها. إذن نحن لسنا انتظاريين ولكن نريد أن نحافظ على الأمل لدى الشباب، تصوري لو أن الكل كان منخرطا في هذه المهزلة الآن، كان الناس سيفقدون الأمل، فعلى الأقل هناك أطراف، ولسنا وحدنا بالفعل، لا تزال تمثل الأمل في التغيير.

هل يكفي ألا تنخرط في العمل في المؤسسات كي تمثل الأمل، فليس المقصود من الانتظارية فقط أنكم لازلتم لم تلجوا العمل المؤسساتي الحزبي الشرعي، لكن ماذا تطرحون؟

طيب، دعينا ننظر بعين إيجابية لـ2011، وبعض التغيرات التي طرأت، من جاء بتلك التغييرات، هل الذين كانوا يشاركون في البرلمان والحكومة، أم أن التغيير جاء بضغط من خارج المؤسسات؟ إذن الذين يكونون خارج المؤسسات يمكن أن يضغطوا ويمكن أن يدفعوا إلى التغيير أكثر من الذين هم داخلها.

لكن الذي يقطف الثمار هم من داخلها..

لكن هل أفلحوا؟ ربما ظنوا في لحظة من اللحظات أنهم عبروا الجسر، لكن ها هي الاحتجاجات تنطلق من جديد، ها هي المشاكل تتراكم، لم يتحقق أي شيء، بمعنى أن الوضوح هو الذي يمكن أن يخرج المغرب من الأزمات التي يعيشها، أما محاولة الالتفاف والتسويف والوعود المخالفة فهذا أسلوب قد عفا عنه الزمن.

هل تنتظرون أن الدولة ربما ستغير استراتيجيتها في التعامل مع الجماعة، أو ربما تسمح لها بالعمل بشكل مشروع ومؤسساتي، لِمَ لا، كحزب سياسي مثلا، هل هذا وارد في حساباتكم؟

لو أن النظام فعل هذا مع تيار من التيارات السياسية لقلنا ربما، ولكن هل النظام السياسي نهج هذا الأسلوب مع أي حزب من الأحزاب السياسية كي تشتغل بحرية، الذي يسمح له بالعمل السياسي ينبغي أن يخضع لشروط، هناك شروط مكتوبة وشروط غير مكتوبة كي نكون واضحين. وبالتالي الذي يرفض أن يخضع لهذه الشروط لا يمكن أن يسمح له بالعمل لا اليوم ولا غدا، وهناك من حاول ومع ذلك لم يسمح له، كحزب الأمة مثلا، بمعنى أننا في نظام يحتكر السلطة ويحتكر الثروة وليس مستعدا كي يفتح المجال لتيار مستقل أن يمارس العمل السياسي كما هو متعارف عليه، ولا يمكنه أن يستجيب لهذه الرغبة إلا مكرها، أما أن يبادر من تلقاء نفسه، فهذا مستحيل.

إذن لا تأملون في ذلك؟

معرفتنا بالنظام ومكوناته وتاريخه تجعلنا مقتنعين أنه غير ممكن لكن لا يعلم الغيب إلا الله، ولكن نحن نبني على ما وصل إليه اجتهادنا وتقديرنا ودراستنا للوضع.

لا تنتظرون من النظام أن يتغير من تلقاء نفسه تجاهكم؟

مستحيل..

وأنتم، ألن تغيروا مقاربتكم ورؤيتكم للعمل السياسي؟

دليني على شرط واحد ترين أنه تعجيزي وغير ممكن..

موقفكم من النظام السياسي مثلا؟

هل يطلب منا أن نعترف بسلطة تحتكر كل السلطات، هل هذا معقول؟ هل من المعقول أن تفرض على تيار سياسي معين أن يسلم لك الأمر مهما فعلت، لا يمكن أن نقبل بهذا في القرن 21. وأنه كي نشتغل علينا أن نقبل هذا الوضع، هذا غير ممكن، هذه إهانة لا نقبلها بالمطلق لا اليوم ولا في المستقبل إن شاء الله.

هناك أطراف ترفض احتكار السلطات وترفض الملكية التنفيذية، لكنها تشتغل من داخل المؤسسات وتطرح أفقا سياسيا واضحا هو الملكية البرلمانية، كفيدرالية اليسار مثلا؟

إذن هي دخلت بشروط.

وأنتم لا تريدون سقفا..

نحن نرفض هذه الشروط، الديمقراطية هي أن تكون حرا وتعبر عن رأيك كما تشاء، والناس بالخيار، لا يمكن أن تفرض على الناس كل شيء، انتهى. هناك مثل إنجليزي يقول: “يمكن أن تذهب بالحصان إلى النهر لكن لا يمكن أن ترغمه على الشرب”.

بعد رحيل عبد السلام ياسين، حصل انطباع عام أن سلوك الجماعة بدأ يميل للعمل الدعوي أكثر منه للعمل السياسي، هل ألقى العبادي بظله على الجماعة؟

الجماعة هي جماعة مؤسسات وهذا ما يميزها، إنها تأسست وفق رؤية معينة ووفق تصور معين ومكتوب، وبالتالي فالجماعة تسير وفق استراتيجيتها المعلومة والمتبناة من قبل أبنائها، والأفراد قد تكون لهم خصوصياتهم ولكن ذلك لا يذهب بعيدا إلى الحد الذي يؤثر على خط الجماعة واستراتيجيتها.

ظهر وكأنكم تعاملتم في الانتخابات الأخيرة وخاصة مع مخرجات البلوكاج وما نتج عنها من إعفاء لبنكيران بنوع من الشماتة؟

نعوذ بالله من أن نشمت، بل أصدرنا توصية للإخوان ألا يظهر من كلامهم ذلك، وأن عليهم أن يحتاطوا في كلامهم حتى لا يفهم منه أنهم يشمتون، وحاولنا متابعة حتى بعض الناشطين على الفايسبوك رغم أنه أمر صعب، لأن هناك المئات من الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، ومع ذلك حاولنا بذل جهود كبيرة من أجل تلافي هذا الشيء، لأنه بالنسبة لنا موقف هابط ينبغي أن نترفع عنه، لكننا قلنا إن الذي وقع هو نتيجة منطقية لمقدمات منطقية، إن الذي وقع كان سيقع مع أي كان، أي تيار أراد أن يشتغل بحرية في هاته الشروط سيكون له نفس المآل، لأن الأمر يتعلق بشروط اللعبة ككل، فنحن نقول للناس يا قوم استعملوا عقولكم لا عواطفكم، الكل يريد التغيير المتدرج وبأقل الخسائر الممكنة، ولكن ليست هناك نية لدى النظام لا للتغيير المتدرج ولا لغيره والأدلة كثيرة، فلماذا نلغي عقولنا ونلغي الحقائق ونتعلق بالأوهام..

لكن ما حدث أخيرا فيه نوع من الاستثناء، والانتخابات الأخيرة لم تكن كسابقاتها، لأول مرة بدا أن موقف مقاطعة الانتخابات يخدم النظام وفي صالحه ويريده، ألم تساهموا بذلك في خدمة التحكم؟

هل قبل الانتخابات كانت الدولة غير متحكمة؟ الدولة كانت متحكمة إلى أبعد حدود، وبنكيران عبر عن ذلك في أكثر من مرة، إذن فعندما تشتغل وبوعي كامل في ظل هذه القيود والكوابح، ثم تستمر، ماذا تريد أن تجني؟ هل تريد أن تحقق المستحيل؟ هذا غير ممكن، لو بدا لنا خلال السنوات الخمس التي مرت أن هناك ضغطا أو أن النظام أصبح يتردد إن أراد أن يقدم على شيء، لربما كان لنا موقف آخر، لكن النظام كان في راحة من أمره، يتخذ أي قرار ويؤسس أي لجنة ويتخذ أي موقف وأي مبادرة، ولا يبالي بأي حركة أو أي احتجاج.

كان في راحة من أمره وقام بكل هذا لمحاصرة البيجيدي؟

كان يطمح إلى أن يغير المسار بطريقة أخرى، ففشل في ذلك، كان يريد أن يسوق بأنه فتح المجال للإسلاميين وحكموا (وهم لم يحكموا)، وبأنهم فشلوا في أدائهم والناس رفضوهم، ففشل في هذه المقاربة.

لكن بدوتم من خلال موقف المقاطعة وكأنكم تساهمون في إبعاد الناس عن صناديق الاقتراع، وفي محاصرة البيجيدي، لأن الذي كان يبدو هو أنه كلما ارتفع عدد المشاركين إلا وستزداد حصيلة البيجيدي، يبدو وكأنكم غلّبتم حساباتكم مع هذا الحزب على خدمة الديمقراطية؟

هذا أقرأه باستمرار في جريدتكم وفي افتتاحيات توفيق بوعشرين، لكن نحن ليست لدينا انتخابات ولو شاركنا فيها بكثافة، لا يمكن أن تكون النتيجة عقلانية وتفرز أغلبية منسجمة، مستحيل. هناك قوانين انتخابات وهناك تقطيع انتخابي.. وبالتالي الحزب الذي سيكون الأول سيضطر للتحالف مع أحزاب فاسدة، وهي أحزاب يتحكم فيها النظام، إذن فنحن أمام شروط تبرز أن الانتخابات أكذوبة، وأن القرار الحقيقي يبقى بيد أصحاب القرار الحقيقيين وهو القصر.

موضوع دكتوراك السيد عبد الواحد كان حول نشأة العدل والإحسان واستراتيجية التغيير، ورغم ذلك قد نعلم أشياء عن النشأة لكن الاستراتيجية تبقى في علم الغيب، ما أسباب كل هذا الغموض في الأفق السياسي الذي تريدون؟

كي نكون واضحين، نحن لنا تقدير، وهو أن أي تيار سياسي يمكن أن يكون له مشروع مثالي يرغب أن يحققه وهذا من حقه، فالاشتراكي له تصور للدولة والليبرالي له تصور والإسلامي كذلك، لكن نحن واعون أنه لسنا وحدنا في هذا البلد، وهناك تيارات أخرى لا غنى للبلد عنها، وهم يحبون وطنهم ويخالفوننا الرأي، إذن ماذا نفعل والحالة هاته؟ نحن بين خيارين، إما أن نتحاور وإما أن نعتمد الإقصاء وتغليب الخلافات والتناقضات الحدية، إما أنا وإما أنت؟ طبعا هذا الخيار الثاني لا يقبل به عاقل، وهو خيار من يريد الحرب الأهلية والدمار للبلاد، إذن فنحن نقول تعالوا نتفق وكل واحد يترك مشروعه عبر الأجيال، يجب أولا أن نضمن لهذا المجتمع أن يشعر بالحرية وأن يتنفس وأن يخوض في اختياراته بحرية تامة.

إذن وما سبب تعثر الحوار الإسلامي اليساري؟

أنا أطرح سؤالا، ولو أنك من تقومين بطرح الأسئلة، هل يعقل أنا أريد أن أتحاور معك وأشرط عليك، كي أقبل بالحوار معك عليك أن تقبل بكذا وكذا، هذا ليس حوارا بل إملاء، نحن نتحاور لأننا مختلفون وينبغي أن نحترم اختلافنا، أما بعض الناس فيقولون لا يمكن أن نتحاور حتى تقولوا لنا موقفكم من كذا ومن كذا، كمثلا ما رأيكم في الملكية البرلمانية؟ هذا ليس حوارا، فكما أننا لا نشترط على أحد، لا نقبل أن يشترط علينا أحد.

ألا يعود ذلك إلى أنكم تعرفونهم جيدا لأنهم واضحون وهم لا يعرفونكم جيدا؟

لا، ليس هكذا، الخلل في الاشتراط أساسا، والذي له استعداد للحوار ينبغي ألا يشترط. والآن هناك من الناس من أصبحوا يشعرون بأهمية الحوار وبأهمية التعاون، فرغم أني لا أقزم من أحد ولا أقلل من احترام أحد، فأنا لا أفهم حينما تجد حزبا صغيرا وله تواجد محدود ويركب رأسه ويريد أن يأتي بالتغيير وحده، هل هذا حمق أم سذاجة أم ماذا؟ إذن تفضل قدم لنا التغيير وحدك إن استطعت إلى ذلك سبيلا. لقد ضاعت فرصة في 2011 لسوء تقدير الطبقة السياسية، وما زلنا نشتغل بنفس الأسلوب، وما زلنا لم ندرك قيمة تعاون وتلاقي كل الأطراف بعيدا عن منطق القوة أو الضعف العددي، لأنه ليس بمقدور أي طرف مهما كان قويا ومهما كان متجذرا في المجتمع أن يأتي بالتغيير وحده.