د. عموري: العزوف عن الزواج يؤدي إلى اضطراب الشباب نفسياً واجتماعياً وصحيا

Cover Image for د. عموري: العزوف عن الزواج يؤدي إلى اضطراب الشباب نفسياً واجتماعياً وصحيا
نشر بتاريخ

أفاد الدكتور رشيد عموري بأن أهمية الزواج تكمن في أنه يؤدي إلى تكوين الأسر، وأنه على تماسك هذه الأسر يتماسك المجتمع، ويقوى. ومجتمع بدون زواج يعني بدون أسر؛ مجتمع روابطه النفسية والاجتماعية ضعيفة، مجتمع تجدُّره وتماسكه ضعيف.

واعتبر الباحث في علوم القرآن والدراسات الإسلامية، في تصريح لبوابة العدل والإحسان يصب في الحملة الأسرية الجارية على مواقع التواصل الاجتماعي الموسومة بهاشتاغ #الأسرة_نعمة #الزواج_عبادة، بأن الدعوة إلى تشجيع العزوبية والعزوف عن الزواج يؤدي إلى مشاكل كثيرة، عدّ منها:

– انتشار العلاقات غير الشرعية: عندما يعزف الشباب عن الزواج فإن كثيراً منهم سوف يتّجه إلى تحقيق غاياته وتلبية رغباته الغريزية عن طريق العلاقات غير الشرعية، وهذه العلاقات لها الأثر الكبير في انعدام استقرار الشباب نفسياً واجتماعياً وصحيا. ويعرض المجتمع لمقت الله وغضبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا” 1.

– وهذه العلاقات غير الشرعية بوابة مشروعة نحو الأمراض الجنسية التي تضعف الإنسان، وتضعف اقتصاد أي مجتمع – يضيف عموري – وعلى رأس الأمراض التي يعاني منها الناس السيدا والسيلان والزهري وغيرها كثير من الأمراض المنقولة جنسيا بسبب الزنا. مستدلا بدراسات كثيرة أجريت على تأثير العزوبية جسديا ونفسيا، أشار منها على سبيل المثل لا الحصر للدراسة التي نشرتها الجزيرة نت والتي أجراها باحثون على أكثر من 4000 من العزاب والعازبات ولفترة زمنية فاقت 25 سنة من جامعة كوبنهاغن؛ حيث تم اكتشاف مستويات أعلى من الالتهاب في الدم لدى الرجال غير المتزوجين.

وأيضا دراسة حديثة نشرتها جريدة هسبريس بعنوان: لن تصدق.. أخطار “العزوبية” الصحية تتجاوز أخطار التدخين، كشفت أن “العزوبية” هي أشد خطراً على العازب من التدخين، مشيرة إلى أن الشخص الذي لا يقدم على خطوة الزواج هو أكثر عرضة للأمراض والوفاة من المدخن. وهو ما عززه الأكاديمي الحاصل على الماجستير في علم الإحصاء، وخبير ذكاء الأعمال أحمد دعماس -يسترسل عموري- الذي وضح أن الرجال المتزوجين أقل عرضة للوفاة بحوالي 9% مقارنة بغير المتزوجين؛ لذا يُنصح بالزواج في أقرب وقت ممكن لتفادي خطر الأمراض، وبالتالي الوفاة المبكرة.

– والعزوف عن الزواج والدعوة للعزوبية يعني أيضا -وفق عموري- انتشار تربية أطفال من دون آباء أو أمهات، وهو ما اعتبره أكبر أضرار العلاقات غير الشرعية، حيث إن هؤلاء الأطفال غير الشرعيين سوف يشكّلون خطراً كبيراً على المجتمع وخاصة عندما يكبرون بسبب الحرمان الذي تعرضوا له في حياتهم، مما يشكل لديهم عدوانية غير مفهومة.

– ويعني كذلك غياب السعادة والاستقرار النفسي. قال تعالى: وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ (الروم – 21)، وهو ما تأكد علميا؛ فإن من فوائد الزواج هذا السكن والاستقرار النفسي الذي ينعم به الزوجان، وبغيابه تنتشر الأمراض والعقد النفسية الناجمة عن غيابه. وهذه العقد لها الضرر الكبير على الأفراد والمجتمعات.

ومن ميزات الزواج ذكر الدكتور عموري؛ أنه يؤدي إلى تكاثر البشرية. قال الرسول الكريم: “تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم” 2. واستطرد موضحا أن قوة أي مجتمع رهينة بقوة أفراده وكثرتهم، وكلما كانت بنية المجتمع فتية إلا وكان هذا المجتمع قويا، وعلامات استمراره متوفرة، وهذا ما تنعم به المجتمعات المسلمة حيث نسب الزواج به مرتفعة مقارنة مع المجتمعات الأوروبية عموما والانكلوساكسونية خصوصا، حيث نسبة الشيخوخة مرتفعة جدا تفوق 20 في المائة من الساكنة بسبب عزوف الشباب عن الزواج. ولا تخفى الأضرار من الناحية الاجتماعية ومن ثمّ الاقتصادية والإنتاجية في المجتمعات التي يقل فيها عدد الشباب.

ثم إن الارتباط بشريك فطرة إنسانية وحاجة بشرية يصعب التخلي نهائيا، يردف عموري وهو يحصي بعض محاسن الزواج، فإذا أخر المرء الزواج لأخريات عمره فإنه سيحظى بتداعيات كثيرة، منها تراجع الرغبة الجنسية وقلتها، والتعود على الوحدة مما يجعل التأقلم مع شخص آخر يشاركك حياتك أمر صعب خصوصا وقد تشكلت شخصية الاثنين واستوت مع الزمن، وهذا يجعل من الصعب على المرء الذي تطبعت شخصيته بمجموعة من المواصفات أن يتخلى عنها بين عشية وضحاها ليتوافق مع الشريك الجديد. إضافة إلى أن الحصول على أولاد في سن متأخرة له تداعياته الصحية على الأم والولد، وله تداعياته على الأسرة، فإن الصبر على الأولاد وتربيتهم، والسهر على شؤونهم المادية والمعنوية والنفسية خاصة مع تقدم سن الزوجين يجعل الأمر صعبا، خاصة في فترة مراهقة الأولاد.


[1] من حديث أخرجه ابن ماجه (4259)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (4671)، والحاكم (8623).
[2] من حديث رواه البيهقي في الكبرى 7/125 (13457)، والسيوطي في الجامع الصغير 1/293، والمتقي الهندي في كنز العمال 16/275 (44428)، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1/566 (2936)، وفي السلسلة الصحيحة 4/385 (1782)