عبر الدكتور بوبكر الونخاري، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان والكاتب العام لشبيبة الجماعة، عن استيائه الشديد من الطريقة التي مُرِّر بها مشروع قانون تعديل المسطرة الجنائية، والذي اعتبره مرتبطا بـ”القضايا الجوهرية في منظومة العدالة الجنائية”، بعدد لا يتجاوز 24 صوتا داخل مجلس المستشارين، بعد تمريره في مجلس النواب سابقا.
ولفت الونخاري في تدوينة له إلى أن “أي إصلاح لا يحظى حتى بدعم ثلث أعضاء مجلس المستشارين” يطرح علامات استفهام كبيرة حول مشروعيته، متسائلا: “أي مشروعية لهذه القوانين حين تمرر في غياب النقاش الجاد، وبحضور باهت، ووسط اعتراض الحقوقيين والمهنيين؟”.
وأكد في التدوينة ذاتها أن ما جرى “ليس مجرد تصويت، بل عنوان صادم لحالة التفكك المؤسساتي، وتغوّل السلطوية، وتحويل البرلمان إلى غرفة تسجيل لا غير”، منتقدا “الصمت القاتل” الذي رافق تمرير المشروع، في ظل تغييب صوت المجتمع، والضحايا، والقضاة، والمحامين، والحقوقيين.
وختم تدوينته بالقول إن ما حدث يُعد “تتويجا لمسار طويل من التهميش والتفرد في التشريع، وتأكيدا أن ما يسمى الإصلاح لا يعدو أن يكون واجهة لتكريس الردّة الحقوقية”.
ومشروع القانون الذي أثار الجدل، هو مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية، الذي يُعد من أبرز النصوص التشريعية المؤطرة للعدالة الجنائية بالمغرب. وقد شمل المشروع مواد مثيرة للجدل، أبرزها المادة 3 التي تُقيد حق الجمعيات في تقديم الشكاوى ذات الصلة بالفساد والاختلاس والاعتداء على المال العام، والمادة 7 التي تمنع ضحايا بعض الانتهاكات من اللجوء المباشر إلى القضاء إلا عبر مساطر إدارية طويلة ومعقدة، وهو ما اعتبرته فعاليات حقوقية “تحجيما خطيرا لدور المجتمع المدني في حماية المال العام وتكريسا للإفلات من المحاسبة”.
وقد جرى تقديم المشروع في سياق تشهد فيه البلاد تراجعا مقلقا في مؤشرات الحقوق والحريات، مما دفع هيئات مدنية وقانونية إلى التعبير عن رفضها القاطع للصيغة الحالية، واعتبارها تهديدا لاستقلال القضاء وضربا لمبدأ الفصل بين السلط. وسبق أن دعت هيئات حقوقية وسياسية فضلا عن مبادرات مدنية إلى مراجعة شاملة للمشروع، وفتح نقاش عمومي حقيقي حول مضامينه، إلا أن تمريره داخل مجلس المستشارين بـ24 صوتا فقط بعد تمريره في الغرفة الأولى سابقا، يوضح حجم الاستخفاف بالمطالب المجتمعية ويؤشر على الانزلاق نحو تقييد الحقوق الدستورية ونحو التملص من الالتزامات الدولية في هذا الباب.