وصف الدكتور نبيل المراني أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس المنهجية التي اعتمدتها وزارة التعليم العالي في إحالتها لمشروع القانون 59.24 على المسار التشريعي بـ “الإقصائية” و”الانفرادية”، مشددا على أن غياب أي تقييم شامل للقانون الحالي 00.01 قبل أي مسار إصلاحي جديد هو “بناء على غير أساس”.
عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي في حوار أجريناه معه في بوابة العدل والإحسان، نبه إلى “خطورة” هذا المشروع المنظم للتعليم العالي ولفت إلى أنه “سيجهز على الجامعة العمومية وعلى التعليم العالي في بلادنا، ويرهن مستقبل أجيال من الطلبة”، وقال إنه من باب المسؤولية والأمانة وأداء لمهمة التبيان قرر قطاع التعليم العالي “إصدار وثيقة الرأي بخصوص قانون نعتبره مهددا تهديدا لا تخطئه عين فاحصة لمنظومة التعليم العالي بالمغرب”.
عضو المكتب الوطني لقطاع التعليم العالي للعدل والإحسان، اعتبر في هذا الحوار أن “مجلس الأمناء” كما جاء في هذا المشروع يشكل خطراً مباشراً على استقلالية الجامعة، لأنه “يُفقدها جوهر حريتها ويضعها تحت الوصاية، ويهدد الحرية الأكاديمية”. ورد المراني ذلك إلى كونه جهازاً “غير منبثق من المجتمع الجامعي نفسه، كما يُجسد فلسفة الضبط والتحكم بدل الحكامة والديمقراطية”.
وفيما يلي نص الحوار:
1. أصدر تم في قطاع التعليم العالي للعدل والإحسان وثيقة رأي بخصوص مشروع القانون 59.24. لماذا الآن؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. أولا شكرا على استضافتكم، وعلى تسليطكم الضوء على ملف من أهم الملفات الراهنة ببلادنا الآن. ألا وهو ملف التعليم العالي. وأحييكم وأحيي من خلالكم كل متابعيكم، وكذلك كل من يقرأ هذا الحوار، وأتمنى لهذا المنبر الاعلامي كل التوفيق.
إجابة عن سؤالكم، لماذا يصدر الآن قطاع التعليم العالي لجماعة العدل والاحسان وثيقة يعبر فيها عن رأيه بخصوص مشروع القانون 59.24؟ يجدر التأكيد على أن القطاع تطرق للأمر منذ أربعة أشهر عبر بيان مؤرخ بتاريخ 30 يونيو 2025، عبر فيه عن رفضه للمنهجية الانفرادية التي تنهجها الوزارة الوصية في تدبير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي.
وقد بدت ملامح هذه المنهجية الإقصائية منذ أن أحالت الوزارة، في تعتيم، في بداية 2025، نسخة من مشروع القانون على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي طلبا للرأي، ولم تلتفت للشراكة التي ينبغي أن تؤطر موضوعا من هذا الحجم في الاجتماع الذي جمع الوزير بالمكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي في شهر ماي 2025. وتكرست المنهجية بإحالة مشروع القانون في عز العطلة الصيفية على مجلس الحكومة الذي صادق عليه في ذات الجلسة من غشت 2025. هذه الخطوة أقبل عليها الوزير في نقض خطير لوعده الصريح للمكتب الوطني بفتح الحوار معها حول المشروع قبل إحالته على مسطرة المصادقة البرلمانية. وللأسف، ذاك ما كان، فقد تنكر الوزير للاتفاق وأحالته الحكومة على البرلمان فلجنة التعليم والثقافة والاتصال. في هذا الصدد، أصدر قطاع التعليم العالي لجماعة العدل والاحسان بلاغا بتاريخ 25 غشت 2025، خصصه للتنديد بانفراد الوزارة بإحالة مشروع القانون على المسطرة التشريعية بدون إشراك الأساتذة الباحثين في إعداده، وطالب بسحب المشروع من جدول أعمال المجلس الحكومي وإرجاعه لطاولة الحوار الوطني الموسع المستند إلى تصور واضح تسهم في صياغته مختلف مكونات منظومة التعليم العالي، وفي مقدمتها النقابة الوطنية للتعليم العالي. وذكر بالمخاطر الكبرى المرتبطة بمشروع القانون. كما ذكر الحكومة بالالتزام بتعهداتها المبرمة والمتعلقة بتفعيل المقاربة التشاركية منبها إياها في الوقت نفسه إلى عواقب الانفراد والاقصاء.
من جهة أخرى، وإيمانا منه بأهمية العمل الوحدوي المشترك في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي، لم يدخر مكون العدل والاحسان في النقابة الوطنية للتعليم العالي جهدا من أجل إصدار وثيقة جامعة تعبر عن موقف النقابة من المشروع ورأيها المفصل فيه، توازيها خطوات عملية لتحقيق ما عبرت عنه في بلاغاتها وبياناتها وخاصة مخرجات اللجنة الإدارية المنعقدة يوم 14 شتنبر 2025.
بالنظر لكل هذا الذي سردت لكم، وبالنظر لخطورة هذا المشروع الذي سيجهز على الجامعة العمومية وعلى التعليم العالي في بلادنا، ويرهن مستقبل أجيال من الطلبة، ومن باب المسؤولية والأمانة وأداء لمهمة التبيان قررنا إصدار وثيقة الرأي بخصوص قانون نعتبره مهددا تهديدا لا تخطئه عين فاحصة لمنظومة التعليم العالي بالمغرب.
2. لقد عبرتم عن رفضكم للمشروع منهجية وشكلا ومضمونا. ما هي أبرز انتقاداتكم لمشروع القانون 59.24؟
الانتقادات كثيرة، وبالمناسبة فلسنا وحدنا من عبر عن رفضه للمشروع. وأبدى بخصوصه انتقادات لاذعة، غير أننا حرصنا في قطاع التعليم العالي لجماعة العدل والاحسان أن نضمن انتقاداتنا للمشروع في وثيقة جامعة، بذلنا فيها الوسع، ولا ندعي لها كمالا، للإحاطة بمختلف مواطن الخلل ومكامن الخطر في مشروع القانون هذا.
أولاً: المنهجية
طبعا أول عيب هو المقاربة والمنهجية باعتبارها المدخل الأساس لأي إصلاح جاد. وبديهي جدا أنها إن صحت، أسست لصحة ما يأتي بعد ذلك وإما إن كانت معيبة، فلن يأتي المشروع إلا معيبا قطعا شكلا ومضمونا. والحال كما ترون أن المنهجية المعتمدة في كل مسار مشروع القانون هذا فاسدة معيبة، وأسوق إليك على سبيل المثال لا الحصر ثلاثة أمور كافية للحكم على المنهجية.
· غياب التقييم الشامل للقانون 01.00 قبل اقتراح قانون جديد، وهو «منطلق خاطئ» لأي إصلاح.
· إقصاء مكونات منظومة التعليم العالي والبحث العلمي وخاصة النقابة الوطنية للتعليم العالي من التشاور وصياغة المشروع.
· منهجية فوقية وانفرادية للوزارة؛ تمرير في ظرفية عطلة صيفية، وقطع وعود دون تنفيذ.
ثانياً: الشكل
أوردت وثيقة الرأي الصادرة عن قطاع التعليم العالي لجماعة العدل والإحسان أربعة عيوب رئيسة في الشكل، ألخصها لكم كالتالي، ولا غنى لمن أراد التوسع والتفصيل من الرجوع إلى الوثيقة نفسها:
· غياب ديباجة تحدد المبادئ الكبرى مثل: التمسك بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها، تكافؤ الفرص بين المواطنين، مواصلة تطوير التدريس باللغة العربية.
· حصر المرجعية في القانون الإطار 51.17 رغم أنه كان محط خلاف.
· توسيع التعليم العالي ليشمل فروع مؤسسات أجنبية بما يمس سيادة الدولة.
· تبخيس مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعة إذ تم تبخيس وضعها لتصبح مجرد مؤسسات قطاعية ناهيك لما في ذلك من إقرار للبلقنة.
وتجدر الإشارة إلى أن الديباجة كانت حاضرة في نص القانون 01.00، وكانت تنص بوضوح على الأهداف والمبادئ الكبرى، فما الداعي إلى حذفها حذفا.
ثالثاً: مضموناً
أما فيما يخص المضمون فإني أجمل لك الأمر في التالي، وأذكر أن الباحث عن التوسع والتفصيل لا بد له من الرجوع إلى الوثيقة فسيجد فيها بغيته:
النص المقترح أتى على مكتسبات عديدة وتناقض في فلسفته التشريعية، وإليكم بيان ذلك:
· ضرب استقلالية الجامعة، ومجلسها عبر تفريغ صلاحياته ونقلها إلى مجلس الأمناء.
· تقليص تمثيلية الأساتذة في مجلس الجامعة.
· إقرار “التوقيت الميسر” المؤدى عنه بما يضرب مجانية التكوين الأساسي ومبدأ تكافؤ الفرص.
· تعميق بلقنة المنظومة بين مؤسسات جامعية وقطاعية وخاصّة وأجنبية.
· تراجع عن اتفاقات سابقة أبرمت مع الحكومة، خاصة بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعة، والتي سماها المشروع مؤسسات قطاعية للتعليم العالي.
· المشروع تحدث عن الاستقلالية وشرع الوصاية من خلال مجلس الأمناء.
· المشروع تحدث عن الحكامة وأسس للتحكم.
· المشروع كان متناقضا فيما يخص شروط الترشيح للمسؤولية ومدة الانتداب فضيق هنا ووسع هنالك؛
· تكريس للبلقنة وضرب لمبدأ التوحيد؛
· إخلاف الوعد بدعم البحث العلمي؛
· الترسيم الفعلي لمؤسسات من قبيل منتدى الرؤساء وشبكات رؤساء المؤسسات الجامعية؛
· صناعة لتعليم عال بسرعتين من خلال منح الامتيازات للتعليم العالي الخاص في غياب شروط ومقومات منافسته من التعليم العالي العمومي؛
· الشراكة عام -خاص تدليس ينذر بتبديد المال العام بل ويشرعن له؛
· غموض الوضعية النظامية للأساتذة الباحثين يعيد روح “المستخدم” وإن غاب نصها، أو لربما موظف الجامعة.
وهذا غيض من فيض.
3. أشرتم في وثيقتكم وأكدت في حديثك الآن أن عدم بناء مشروع 59.24 على تقييم شامل للقانون الحالي 00-01 هو «منطلق خاطئ» منهجية ومقاربة، لماذا؟
أظن بكل بساطة أنه في أية عملية إصلاح تشريعي حقيقية، وفي أي حكومة تحترم نفسها، يُعدّ تقييم التجارب السابقة شرطاً منهجياً ومدخلا أساسياً لضمان نجاح الإصلاح الجديد. فالقانون 00-01 شكل الإطار الذي حكم التعليم العالي في المغرب لأزيد من عقدين، وخلال هذه المدة تراكمت اختلالات عملية، وصعوبات في التنزيل، وقد تكون برزت أيضاً مكتسبات ينبغي تثمينها والبناء عليها. لذلك فإن تجاوز مرحلة التقييم يُفقد أي إصلاح جديد مرجعيته العملية والعلمية، ويكون بناء على غير أساس، لأنه ينطلق دون فهم دقيق لما نجح وما فشل. كما يجعل المشروع الجديد عرضة لتكرار نفس الأخطاء السابقة، وربما إنتاج اختلالات أكثر عمقاً، لأنه صيغ بعيداً عن الواقع الميداني وعن مشاركة أهم الفاعلين داخل المنظومة.
إضافة إلى ذلك، فإن غياب التقييم يلغي النقاش العمومي الضامن لبناء رؤية إصلاحية واضحة، ويجعل التعديل التشريعي استجابة لأجندة بعيدة كل البعد عما يطلبه الإصلاح الحقيقي. كما أن غياب التقييم يُفرِغ الإصلاح من بعده الديمقراطي، لأن التقييم يمثل لحظة محاسبة ومساءلة للسياسات العمومية بامتياز. فضلا عن أن تجاوز التقييم يعني بدء إصلاح جديد على أرضية غير صلبة وغير مؤسسة معرفياً. نعتقد جازمين أن أي تعديل للقانون دون تشخيص دقيق وتقييم موضوعي لسابقه يعتبر منطلقاً خاطئاً منهجياً ومقارباتياً.
4. المنهجية التي اعتمدتها الحكومة ووصفتموها بأنها “فوقية إقصائية انفرادية” ما هي آثارها المباشرة على ورش من قبيل إصلاح قطاع التعليم العالي؟ ولماذا تعتبرون الوزارة منفردة فعلا ورافضة لأي حوار جاد في الموضوع مع بقية الأطراف المرتبطة بالتعليم العالي؟
إن اعتماد منهجية فوقية إقصائية في تدبير الوزارة لملف إصلاح التعليم العالي يُجسِّد، في جوهره، امتداداً لأسلوب يقوم على الاستفراد بالقرار وإقصاء أهل الميدان في التعامل مع ورش مصيري كالتعليم العالي والبحث العلمي. فبدل أن يكون الإصلاح ثمرة حوار مجتمعي واسع يشارك فيه المجتمع العالِي من أساتذة وباحثين وطلبة وفعاليات نقابية ومدنية؛ يُختزَل القرار في دوائر ضيقة تتحكم من فوق في مستقبل الجامعة دون مساءلة أو مشاركة. هذه المنهجية تُضعِف الثقة بين الفاعلين، وتحوِّل الجامعة من فضاء للحرية العلمية والنهضة المعرفية إلى مجال للضبط والتحكم، وتُبقي التعليم العالي رهينة لإملاءات ظرفية أو خارجية بدل أن يكون جزءاً من مشروع حضاري مستقل يخدم هوية الأمة المغربية وقيمها. كما أن تمرير المشاريع في غياب التوافق لا يُنتج إلا مزيداً من التوتر والاحتقان، ويُضعِف منسوب الثقة الضروري لنجاح أي ورش وطني. وهو ما يجعل النصوص القانونية فاقدة للسند التعاقدي، ويُفرغ الحديث عن الحكامة والجودة من مضمونه؛ لأن الحكامة بلا مشاركة، والإصلاح بلا تقييم ولا مساءلة، إنما هو استمرار لمسار الأزمة في لبوس جديد لا غير. وهكذا تتحول اللحظة الإصلاحية، التي كان يُفترَض أن تكون فرصة لبناء تعاقد وطني جديد حول الجامعة، إلى لحظة يكرَّس فيها منطق الوصاية والتحكم بدل الشفافية والمشاركة، وهذا ما يهدد مستقبل الإصلاح برمَّته.
من جهة أخرى نعتبر كما اعتبرت النقابة الوطنية للتعليم العالي في بلاغها بتاريخ 29 شتنبر 2025 أنه بإحالتها مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي على البرلمان تكون الوزارة قد أغلقت باب الحوار بشأن المشروع المذكور، وهي بهذا السلوك تكون قد أخلت باتفاق 20 أكتوبر 2022.
إن شئتم لخصنا الأمر في النقط التالية:
· تجاهلت الوزارة وعدها والتزامها بعقد يوم دراسي لتدارس المسودة؛
· أحالت المشروع للمجلس الحكومي رغم الاحتجاجات؛
· عرضت المشروع على البرلمان رغم مطالبة النقابة بتجميده؛
· وقبل ذلك كله كانت النية واضحة، وقد عززتها الشواهد اللاحقة، لما خطت الوزارة خطواتها الأولى في المشروع دون الاكتراث للشريك النقابي ودعوته لمناقشة مشروع القانون.
5. ما هي مؤاخذاتكم على إحداث “مجلس الأمناء” بتركيبته التي يطرحها المشروع، وما هو الخطر الذي يمثله هذا المجلس على استقلالية الجامعة وحريتها الأكاديمية؟
تقوم تركيبة مجلس الأمناء هذا أساساً على التعيين بدل الانتخاب، مع تغييبٍ تام لتمثيلية الطلبة، مما يجرده من الطابع التشاركي والديمقراطي الذي ينبغي أن يميّز هيئات الحكامة الجامعية. كما مُنح هذا المجلس صلاحيات واسعة تخوّله التحكم في استراتيجية تطوير الجامعة والإشراف على تنفيذها، الأمر الذي يجعله عملياً جهازاً رقابياً فوقياً على مجلس الجامعة. وزاد من حدة التخوّف ما يظهر من تنازعٍ في الصلاحيات بين المجلسين، كما تبرز ذلك مقتضيات المادتين 35 و46، وهو ما يُنذر بإرباكٍ مؤسساتي قد يُضعف فعالية القرار الجامعي بل يلغيه.
أعتبر شخصيا هذا المجلس خطراً مباشراً على استقلالية الجامعة، إذ يُفقدها جوهر حريتها ويضعها تحت الوصاية، ويهدد الحرية الأكاديمية لكونه جهازاً غير منبثق من المجتمع الجامعي نفسه، كما يُجسد فلسفة الضبط والتحكم بدل الحكامة والديمقراطية.
لاحظ مشروع القانون ما منحه لمجلس الأمناء:
1. حسب المادة 46، صلاحية “إبداء الرأي” في مشروع استراتيجية تطوير الجامعة قبل المصادقة عليها من قبل مجلس الجامعة، ليصبح دوره موجهاً، بل رقيباً، على مجلس الجامعة.
2. حسب المادة 47، لرئيسه تحديدا الحق في رفع “تقرير سنوي حول أداء الجامعة” إلى رئيس الحكومة، وهو ما يعزز طابع الوصاية للمجلس على مجلس الجامعة؛
3. وفق المادة نفسها، الحق في أن تكون له توصيات في هذا الشأن؛
كما يطالب المشروعُ رئيسَ الجامعة بتقديم مذكرة توضيحية حول مدى اعتماد الآراء والتوصيات الصادرة عن مجلس الأمناء، مرفقة بمبررات عدم الأخذ بها عند الاقتضاء. فأي سلطة وأي صلاحيات وأي دور سيبقى لمجلس الجامعة !؟
6. جاء في بنود المشروع، وأشرتم إلى ذلك أيضا في الوثيقة، أن رئيس المؤسسة يشترط فيه أن يكون أستاذا للتعليم العالي، بينما رئيس الجامعة ورئيس مجلس الأمناء لا يشترط فيه ذلك، ماهي قراءتكم لتباين هاذين الشرطين؟
نعتبر ذلك تناقضاً تشريعياً يكشف ارتباك واضعي المشروع. فالمنطق المعتمد يشترط في رئيس مؤسسة جامعية (عميد كلية أو مدير مدرسة) أن يكون أستاذاً للتعليم العالي ولكن رئيس الجامعة لا يشترط فيه أن يكون أستاذاً باحثاً، وكذلك رئيس مجلس الأمناء. ويشترط فيهما أن يكونا “شخصية ذات كفاءة في التدبير العمومي” دون مؤهل أكاديمي.
ولا أرى هذا إلا تمييزا غير مبرر بين مستويات المسؤولية، وتكريسا لمنطق التعيين الإداري على حساب المنصب الأكاديمي، وإضعافا للطابع الأكاديمي لقيادة الجامعة، وتوسيعا لسلطة الدولة مقابل تقليص سلطة الجسم الجامعي.