د. الأنصاري: ملحمة غزة درس فريد في التحليل السياسي والاستراتيجي

Cover Image for د. الأنصاري: ملحمة غزة درس فريد في التحليل السياسي والاستراتيجي
نشر بتاريخ

اعتبر الدكتور أحمد بوعشرين الأنصاري الفاعل السياسي والمدني، أن ملحمة غزة “علمتنا درسا فريدا في التحليل السياسي والاستراتيجي، المفضي إلى فهم العالم وموازين قواه وموقع القوى المقاومة للاحتلال والظلم فيه”.

التحليل الاستراتيجي “سابقا” جعل من هيمنة المعسكر الصهيو أمريكي على العالم فكرة مقدسة  

الباحث في الفكر الإسلامي في تصريح مطول لـ “بوابة العدل والإحسان” ضمن تصريحات تحليلية عن مسارات “طوفان الأقصى”، لفت إلى أن هذا التحليل الاستراتيجي “ظل سابقا سجين هذه العوامل التي تجعل من فكرة السياق فكرة مقدسة”.

والسياق، يوضح المتحدث، “هو جبروت الصهاينة واستعلاء أمريكا وهيمنة المعسكر الصهيو أمريكي على العالم مما يجعل من أي تحليل لا يستحضر في استشرافاته هذه المعطيات تحليلا متهورا وغير متعقل”.

ومن نتائج ذلك وفق تحليل بوعشرين “القبول بصفقة/ خيانة القرن، القبول بما يسمى بالاتفاقات الأبراهامية، وبالتبع القبول بالتطبيع باعتباره تحصيل حاصل الخنوع لنتائج هذا التحليل”.

المقاومة تمردت على “التحليل الاستاتيكي” وأصبحت رقما صعبا قد يغير المعادلة

أما فرادة الدرس الفلسطيني المقاوم، كما وصفها بوعشرين، وباعتبار أن السياق فعل ودينامية، فإن “المقاومة بقدر تفاعلها مع هذا السياق بقدر فعلها فيه حتى تصبح هي جزءا رئيسيا منه ورقما صعبا قد يغير المعادلة ويقلبها رأسا على عقب”.

وتساءل بوعشرين حيال ذلك “من كان يظن أن طوفان 7 أكتوبر سيوقف هذا الخنوع التطبيعي وهذه الاتفاقات الأبراهامية المشبوهة وهذا التصهين المخترق لأمتنا ولأنظمتها الرسمية المهزومة في إرادتها وفي قرارها؟”

وشدد على أن المقاومة أصبحت سياقا “بل هي أم السياقات حين تتمرد على التحليل الاستاتيكي الذي يسجن الفعل في الانفعال ويسجن التمرد في التكيف ويسجن الحلم في الواقع الوقوعي”.

هذه الملحمة ربطت أوصال الذاكرة لتحمل مشعلها إلى الجيل الجديد

وفي تحليله لأحداث طوفان الأقصى بعد 7 أكتوبر، أشار بوعشرين إلى مسألتين، الأولى أن ملحمة غزة ضربت عصافير عدة بحجر واحد، “فهي أوقفت مسلسل التطبيع المذل”، كما “أعادت قضية تحرير فلسطين إلى الواجهة بعدما أرادوا لها أن تنسى وأن تغتال ذاكرتها الحية بهذا المسلسل التطبيعي”.

وفضلا عن ذلك فهي “ربطت أوصال هذه الذاكرة لتحمل مشعلها إلى هذا الجيل الجديد الذي ولد بعد انتصارات غزة وبعد الحصار وبعد عهد أطفال الحجارة، ولم يعش قضية فلسطين لا في الثقافة التي تشربها ولا في الميدان ولا في الواقع”، يضيف المتحدث.

أما الإشارة الثانية فهي أن ملحمة غزة ومقاومتها الباسلة “أظهرت للعالم زيف حقيقة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، وعرت عوراته الأمنية والاستخباراتية الفاضحة، وحطمت صورة الصهيوني الذي يخترق كل شيء ويضبط كل شيء ويتحكم في كل التفاصيل”.

“منتظم دولي” أم “هيمنة دولية منظمة”

ولفت الأنصاري إلى أن المنتظم الدولي أو ما أسماه “الهيمنة الدولية المنظمة” ويقصد بها الواجهة الرسمية والمنظمة للغرب الاستعماري وليس الغرب كافة، “كان دائما ضد أي تحرر لفلسطين وضد أي نهوض مقاوم من قلب فلسطين”.

وشدد على أن هذه الهيمنة لها “أدوات” محلية في فلسطين متمثلة في “تيار أوسلو الخانع”، كما له أدوات إقليمية متمثلة “في الأنظمة الرسمية التي مسحت من أجندتها فكرة تحرير فلسطين بل وسجلت أجندة جديدة تسعى إليها بكل ما أوتيت من قوة في الهرولة والتنكر للتاريخ والذاكرة ودماء الشهداء”، وانخرطت بموجب هذه الأجندة الجديدة في اتفاقات ما سميت بالأبراهامية والتطبيعية مع الكيان الصهيوني الغاصب.

وتابع يقول: “هذا “المنتظم الدولي” هو من تصدى لدمقرطة الحياة الفلسطينية، ورفض الاعتراف بفوز قوى المقاومة بانتخابات نزيهة شهد هو بديمقراطيتها ونزاهتها، وهو الذي دعم مسلسل الحصار على غزة وفلسطين عقابا على اختيارات شعبها الأبي الديمقراطية وعلى إرادته الحرّة”.

بعد تضحيات المقاومة وأهل غزة.. “المنتظم الدولي” يغير لهجته ويبحث عن مخرج

وهو المنتظم نفسه الذي يمارس الآن دور التضليل بامتياز عبر آلاته الإعلامية فيجعل من المقاومة طرفا معتديا ومن الصهاينة طرفا معتدى عليه. يقول المحلل السياسي المغربي.

كما أنه جعل من مشاهد القصف الصهيوني على المستشفيات والأطفال والشيوخ “حربا مشروعة ضد المقاومة ورجالاتها الأفذاذ، ومن قتلى الصهاينة وأسراهم مشاهد درامية لاستعطاف الرأي العام الدولي واستعدائه ضد المقاومة…”

والآن بعدما صمدت المقاومة وصمد أهل غزة بكل إباء وتضحية برغم العدد الكبير من شهدائهم وبرغم التدمير الوحشي لمنازلهم وأحيائهم ومستشفياتهم، يقول المتحدث؛ ها هو ذا “المنتظم الدولي” بقيادة الأمريكان يبحث عن مخرج ويغير من لهجته من حديث عن تهجير أهل قطاع غزة إلى تحذير من مغبة التهجير، ومن حديث عن تحرير أسرى المقاومة بالقوة إلى البحث عن طرق للتفاوض مع المقاومة وقبول شروطها.

بعد تفجر خلافات من داخل الكيان.. المرحلة تبشر بانتصار جديد سيكون له ما بعده

وشدد بوعشرين جازما بأن بشائر النصر قادمة، من قلب المربع الصهيوني الحاكم، بعد تفجر الخلافات من داخله وتبادل الاتهامات بين أطرافه حول التعنت الصهيوني والثمن الباهظ الذي يؤديه جيش الصهاينة في الأرواح والمعدات جراء هذا التعنت في قبول شروط المقاومة بتحرير الأسرى والانسحاب من غزة واستعادتها حرة أبية كما كانت.

وقدر المحلل المغربي أن هذه المرحلة “تبشر بانتصار جديد لأهل المقاومة بغزة وفلسطين سيكون له ما بعده، من بداية اندحار الصهاينة انطلاق العد العكسي لنهاية هذا الكيان الصهيوني الغاصب”.

ومما يقوي هذا التقدير لدى بوعشرين “التضامن الواسع لشعوب الغرب الإنساني مع أهلنا في غزة، مما ينذر بتقلص نفوذ الصهيونية حتى في بلاد الغرب وإن غدا لناظره قريب”.