د. أقيور يعتبر مدخل القيم أساس مواجهة الأخطار المهددة للأسرة

Cover Image for د. أقيور يعتبر مدخل القيم أساس مواجهة الأخطار المهددة للأسرة
نشر بتاريخ

قال الدكتور سعيد أقيور إن الأسرة لها “مركزية ومحورية لدى كافة الأمم”، وعدّها مظهرا من مظاهر الثقافة والحضارة لدى الجميع؛ إذ من خلال الأسرة ممكن أن “نتعرف على عادات وتقاليد الشعوب والتجمعات البشرية أينما كانت. كما تمكننا دراسة الأسرة من تحديد التحديات والمشاريع الموجودة في ذلك المجتمع”.

الباحث في الفكر الإسلامي والفلسفة المعاصرة، الذي تدخَّل في موضوع “القيم الضامنة للتماسك الأسري والاجتماعي” ضمن فعاليات اليوم الثاني من الذكرى الحادية عشرة لرحيل مؤسسها ومرشدها الإمام عبد السلام ياسين رحمة الله عليه، التي تنظمها جماعة العدل والإحسان يومي السبت والأحد 16 و17 دجنبر 2023؛ أكّد أن “الأسرة ليست بنية معزولة، بل جزء لا يتجزأ من البنية العامة والمنظومة السائدة في كل مجتمع”. وهذه الأسرة، يضيفالعيش تهديدات حقيقية ومخاطر كبرى.

ومن أبرز هذه المخاطر حسب الدكتور أقيور؛ التهديد الذي يطال كينونتها واستمرارها ووجودها، ومؤشرات المؤسسات المعنية تدق ناقوس خطر انقراض الأسرة، وأعطى أرقاما إحصائية في بعض البلدان الغربية مثل فرنسا والسويد. أما التهديد الثاني في نظر المتحدث فهو مرتبط بالهوية؛ وسيادة ما يسمى اليوم بالهوية الكونية ما هو “إلا عولمة للمنظومة الفكرية والقيمية للدول المهيمنة على العالم”. وفي هذا الصدد يرى الباحث في الفلسفة المعاصرة أن استهداف الأسرة المسلمة هو محاولة لتنميط الأسر بنمط الأسرة الغربية؛ فظهرت مصطلحات ومشاريع تفتل في هذا المخطط من قبيل “الفردانية”، “العلاقات الرضائية”، “الأم العازبة”، “الجندر” … وأعطى مثالا في هذا الصدد بتحديد الهوية في وسائل التواصل الاجتماعي الذي انتقل من الهوية الكلاسيكية (ذكر وأنثى) إلى عشرات من أصناف الهوية.

كما أشار إلى مخاطر أخرى مرتبطة بالكرامة خاصة في بلدان العالم الثالث حيث لا يمكن، بحسبه، للأسرة أن “تستقر وتنقل القيم إذا كانت تفتقد إلى الحد الأدنى من مقومات الكرامة، خاصة في مناطق التهميش والحرمان والفقر والجهل”.

 

وبعد استجلائه لأهم المخاطر المهددة للأسر، انتقل الدكتور أقيور إلى رصد بعض المداخل والرهانات التي تتقاطع فيما بينها لتجاوز المخاطر ركز منها أساسا على مدخل القيم؛ وفي مقدمة هذه القيم: قيمة العدالة والكرامة التي تعني في نظره “تحسين وضعية الأسر، وتحسين شروط الحياة الكريمة لأفرادها، وإشراكهم في الاستفادة من ثروات بلدانهم”.  وثاني هذه القيم، يسترسل الباحث في الفكر الإسلامي؛ قيمة العفة والفضيلة وهي من القيم الأساسية في الإسلام التي تقابل ثقافة اللذة والمتعة والاستهلاك والوصول إلى الحرام في المجتمعات الغربية. ويرى أهمية “أن تُراعى هذه القيمة في الأسرة والمدارس والإعلام للتصدي لمغريات ثقافة اللذة التي تستهدف الأجيال الحالية”.

أما ثالث القيم التي حرص الدكتور أقيور على إبرازها في مداخلته فهي قيمة المودة والرحمة. وهذا الزوج المفهومي “المودة والرحمة” أصيل في ثقافتها وحضارتنا وجذره قرآني وأساسه رباني، يضيف أقيور. وهذا المفهوم “مُعبِّر عن الامتثال لشرع الله المتعالي عن الجنس، ومُعبِّر عن طبيعة العلاقة التي يجب أن تسود الأسرة. وهي أيضا مَعبَرٌ لتحقيق الاستقرار والوقار والاحترام داخل أسرنا”.

كما أشار المتحدث إلى قيمة رابعة هي قيمة الاستقلالية والتكامل؛ فالمرأة، يقول، “ليست ملكا للرجل ولا تابعة له، وليست وسيلة للاستمتاع”. وبالمقابل رأى أن الرجل والمرأة متكاملان في وظائفهما داخل الأسرة، ورأى أن أي خلل أصاب أي وظيفة سينعكس على العلاقات الزوجية، وعلى الأبناء، بل وعلى المجتمع برمته. واستدلّ بمؤشرات الطلاق المهولة التي تؤشر على التحديات التي تواجه هذه القيمة.

وختم مداخلته بقيمة خامسة وهي قيمة التكافل والتضامن؛ وأشار شارحا لهذه القيمة أن “الدافع الذي يجعل مُغتربا مهاجرا من بلده يرسل جزءا مهم من أمواله التي تشكل موردا هاما للدولة هو الروابط التي تجمعه بأسرته تكافلا وتضامنا”، وهي بدورها، يُواصل، قيمة تُواجِه تحديات كثيرة.

وإلى جانب الدكتور سعيد أقيور، شارك في تأطير هذه الندوة التي خُصّصت لتدارس موضوع “مؤسسة الأسرة والتماسك الاجتماعي: التحديات والرهانات”، وأدارت فقراتها الأستاذة آسية فرحي، عضو المكتب الوطني للقطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، كل من الأستاذة تورية البوكيلي الباحثة في قضايا الأسرة والطفل، والدكتور عبد الله الجباري الباحث في الدراسات الإسلامية، والدكتورة بثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية.