دة. وفاء: مركزية مشاركة المرأة في التغيير والإعمار “قناعة راسخة” في منهاج العدل والإحسان

Cover Image for دة. وفاء: مركزية مشاركة المرأة في التغيير والإعمار “قناعة راسخة” في منهاج العدل والإحسان
نشر بتاريخ

أوضحت الدكتورة وفاء توفيق، المتخصصة في الشريعة وأصول الفقه، طبيعة نظرة الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى إلى المرأة، مشددة على أنه “يستبعد بقوة إمكانية حصول أي تغيير مجتمعي حقيقي وبناء دون مشاركة المرأة”، مستندا في ذلك إلى قول الله تعالى في سورة التوبة: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله. أولئك سيرحمهم الله. إن الله عزيز حكيم، وذلك أثناء مشاركتها في ندوة: العمل النسائي بجماعة العدل والإحسان، يوم أمس، الأربعاء 08 مارس 2023، ضمن فعاليات الذكرى الأربعين لتأسيس الجماعة.

وقد اعتبرت أن هذه الآية استخرج منها الإمام “الحكم الشرعي القطعي الصريح القاضي بوجوب مشاركة المرأة في الاهتمام بالشأن العام”، حيث نجد فيها دمجا واضحا بين أمرين، “وجوب إقامة كل من الرجال والنساء للتكاليف الشرعية من صلاة وزكاة”، و“وجوب تعاونهما معا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو لب التغيير ومنطلق إصلاح المجتمع”، وذلك عبر سعيهما لتحقيق العدل والحرية والكرامة وغير ذلك من المطالب الإنسانية، ومحاربتهما لكل أشكال الظلم والاستبداد…

وتأكيدا لحكم وجوب مشاركة النساء للرجال في الاهتمام بالشأن العام المستخلص من الآية الكريمة، أوردت المتحدثة نصا للإمام يقول فيه: “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية مشتركة بين الرجال والنساء، تدخل الصلاة وتدخل الزكاة في طاعة الله ورسوله كما يدخل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دخولا اندماجيا لا فصل معه بين الدين والسياسة”.

وبينما ترى “توفيق” ذلك تأكيدا للقناعة المنهاجية الراسخة بمركزية مشاركة المرأة في التغيير والبناء وإعمار الأرض، ترى أيضا أنه “لا يمكن حصول أي انخراط حقيقي وبناء للمرأة في التغيير، إلا بعد أن يسبقه اجتهاد المؤمنة في اكتساب أسباب القوة الذاتية التي تمكنها من تغيير ما آلت إليه أوضاعها بعد العهد النبوي والراشدي من شعور بالدونية والتبعية والاستكانة والعجز…”.

وذهبت إلى أن الإمام أجمل جهاد المرأة في تغيير ما بنفسها، استعدادا وتأهيلا لها لأداء واجبها التغييري البنائي، في مطالبَ اعتبرها كمالات، تلامس مختلف أبعاد شخصيتها وتحقق لها حظها من تغيير ما بقلبها وإرادتها وعقلها ونفسها، فيحصل لها الارتقاء المطلوب إيمانا وعلما وعملا، وقد اختزلتها المتحدثة في خمسة كمالات، هي الكمال الروحي، والكمال العلمي، والكمال الخلقي، والكمال الجهادي، والكمال الوظيفي.

وترى الباحثة أن الأستاذ ياسين ينظر إلى المرأة بفطرتها وبمؤهلاتها الأنثوية الطبيعية وبسجيتها، على أنها “تحظى بالنصيب الأوفر من شروط التغيير وما يتطلبه من رفق ورحمة وتدرج وصبر وحلم وأناة ومكابرة…”. فمشاركة المؤمنة في البناء والتغيير والتعبئة الشاملة في الفكر المنهاجي، كما ترى المتحدثة، تسع أمرين رئيسين: “أولهما صناعة أجيال الأمة، وثانيهما المشاركة في تعبئة الأمة وبنائها… وهي جبهات بعضها يمسك بتلابيب البعض الآخر”.

وأشارت المتخصصة في الشريعة وأصول الفقه إلى أن الأسرة هي “الجبهة التغييرية الأولى للمرأة”، واعتبارا لاستراتيجية هذه الجبهة فقد سماها بأسماء عميقة “توحي بجوهر طبيعتها وخطورة أدوارها وعظم أهدافها، فهي عنده: لبنة، وبرج، وخندق، ومبعث”.

وبتحكم المؤمنة في برجها بناء وتأهيلا وحماية، تُفتح أمامها جبهات أخرى تقول “توفيق”، لتصل بذلك هموم ولدها بهموم أمتها، وتجمع بين مسؤولية صناعة أجيال الأمة وبين واجب بناء الأمة وصناعة غدها.

وفي المحور التنظيمي تطرقت لما تستلزمه تلك المكانة التي أولاها الفكر المنهاجي للمرأة، وهو تنظيم عملها وجهدها في “عمل منظم له أسس وأصول هي بمثابة القواعد المنهاجية الثابتة المؤطرة للعمل النسائي في جماعة العدل والإحسان”.

ومن تلك الثوابت أن انخراط امرأة العدل والإحسان في الفعل المجتمعي والتعبئة العامة ينطلق من ثغرها الاستراتيجي، بانسجام كامل مع خصوصيتها، ودون تفريط في أداء مهام جبهتها الأساسية والأولى، مع تمتعها بالاستقلال الكامل في تدبير عملها التنظيمي وشؤونها التربوية والتعليمية والدعوية وغيرها، “بما لا يعني أن تنظيم المؤمنات والمؤمنين جزرا متفرقة، بل من المؤكد شرعا وواقعا وجود حيز مهم مشترك بينهما، يكون مجالا لممارسة الولاية الشرعية الأخوية بينهما تشاورا وتنسيقا وتعاونا”.

وفي إشارة منها إلى المتغيرات في تنظيم نساء العدل والإحسان، أكدت أن الأشكال والوسائل والهياكل والبرامج وطرق تنزيلها، تتغير بما يناسب الحاجيات المرحلية للمؤمنات، وبما يخدم الأصل ويثبته.

وكانت الباحثة توفيق تتحدث في هذه الندوة إلى جانب الدكتورة أمينة بوسعداني والأستاذة سعاد ياسين، ونظمت مداخلتها في ثلاثة محاور؛ أولهما تمهيدي حول المشروع التغييري لجماعة العدل والإحسان، وثاني المحاور حول مركزية العمل النسائي في المشروع التغييري لجماعة العدل والإحسان وشروطه ومقوماته، أما ثالث المحاور فيخص أسس وخصائص ومتغيرات العمل التنظيمي للمؤمنات داخل جماعة العدل والإحسان.