خطوة نحو الكمال (7) | نساء كاملات -4-

Cover Image for خطوة نحو الكمال (7) | نساء كاملات -4-
نشر بتاريخ

عرضت الأستاذة السعدية بايرات، في سلسلتها “خطوة نحو الكمال”، الشخصية الرابعة من النساء الكاملات، هي السيدة فاطمة رضي الله عنها.

ودأبت بايرات على استقراء بعض المحطات من سيرة الكاملات التي ترى أنها بوأتهن هذه المكانة العظيمة بهدف الحث على السير على خطاهن لطلب درجة الكمال الإنساني المنشود، وفي هذا الصدد قالت:

“كانت سيدتنا فاطمة أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الكاملة بنت الكاملة امنا خديجة رضي الله عنها وبنت الكامل والقدوة المثال خلقا وخلقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

كانت رضي الله عنها أشبه الناس برسول الله، كانت مشيتها مشية رسول الله عليه السلام، وكلامها ككلامه صلى الله عليه وسلم.

تزوجت فاطمة رضي الله عنها من سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنجبت الحسن والحسين ومحسن وزينب وأم كلثوم.

كانت سيدتنا فاطمة الزهراء من أحب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا دخلت عليه يقوم لها ويقبلها على رأسها ويجلسها في مجلسه تكريما لها ولمنزلتها عنده، وقد روي عنه أنه قال: “فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني”.  كما كان يكره ما تكرهه ابنته. وكان إذا عاد من سفر دخل المسجد فصلى ركعتين، فيقصد أولا بيت ابنته فاطمة، مما يدل على شدة حبه لها صلى الله عليه وسلم.

كانت رضي الله عنها من أكثر الناس صبرا؛ إذ فقدت أمها، أمنا خديجة، وهي صغيرة، كما فقدت أخواتها؛ رقية فأم كلثوم فزينب، إضافة إلى شقاء الحياة ومُر العيش التي كانت تعانيه.

قال سيدنا علي: “لقد تزوجت فاطمة ومالي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار، وما لي ولها خادم غيرها”، وقد أرشدهما النبي صلى الله عليه وسلم لما هو خير من الخادم قائلا: “ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما أو آويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم”.

كانت رضي الله عنها أكثر بناته رعاية له صلى الله عليه وسلم، وأكثرهن حنوا وعطفا عليه، حتى لقبها بأم أبيها، وكان يناديها بأم أبيها. كانت تآزره وتناصره وتضمد جراحه بعد الغزوات، كما آزرته وناصرته عندما آذته صناديد قريش. كانت له رضي الله عنها نعم السند بعد وفاة أمها خديجة رضي الله عنها، وكانت بمثابة الأم التي تغدق عليه حنانها وعطفها، كما كانت مآزرة له في حصار قريش للمسلمين، إذ كانت بجانبه لا تفارقه.

روى البخاري عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: “أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “مرحبا بابنتي” ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فسألتها فقالت: أسر إلي أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي فبكيت فقال: “أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة” أو “نساء المؤمنين” فضحكت لذلك”.

كانت هذه بعض خصال الكاملة بنت الكاملين فاطمة رضي الله عنها؛ نموذج البنت البارة المحبة العطوفة على أبيها، سيدة أهل الجنة، أم سيدا شباب أهل الجنة، المناصرة لدعوة الله وللرسالة المحمدية، التي ربت وأنشأت سيدا شباب أهل الجنة، وصبرت على خدمة زوجها وبيتها رغم قلة ذات اليد.

جاءتها البشرى بمبعوث خاص؛ ملك لم ينزل الأرض قط، جاء ليزف البشرى العظيمة: قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: “هذا ملك نزل من السماء لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة”.

وفي حديث آخر يقول: “أما ترضين أن تكوني سيدة أهل الجنة وإنك أول أهلي لحاقا بي”. فكانت أول من لحق بالنبي عليه الصلاة والسلام، كما كانت لصيقة به لشدة حبها له، دائما في صحبته، كما كانت أول من نال شرف صحبته في الآخرة كما شرفت بها في الدنيا”.