خبير: الأستاذ مستبعد من التدبير الاستراتيجي للبحث العلمي.. والإصلاح الجديد مغطى بـ”وهم الإشراك”

Cover Image for خبير: الأستاذ مستبعد من التدبير الاستراتيجي للبحث العلمي.. والإصلاح الجديد مغطى بـ”وهم الإشراك”
نشر بتاريخ

لفت الدكتور عبد العالي زين العابدين؛ أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، إلى أن أساتذة التعليم العالي قاطعوا الجولات التواصلية الوطنية والجهوية التي كانت وزارة التعليم العالي قد نظمتها قبيل إعلان مشروع تطوير منظومة التعليم العالي، وكان ذلك عبر أجهزتهم النقابية “لأنها لم ترفق بجلسات استماع واكتفت بمنح الكلمة لبعض المسؤولين للتعبير عن أفكارهم وانتهى الأمر”.

الوزارة وحدها تتحمل مسؤولية هذا الإصلاح الذي لم نقتنع به

وأكد زين العابدين في حوار  أجرته معه قناة الشاهد الإلكترونية حول الإصلاح الجامعي أن هذا الإصلاح أحادي الجانب لكنه مغطى بـ”وهم الإشراك”، مشددا على أن السادة الأساتذة لم يشاركوا إلا في اقتراح السنة الثالثة من الإجازة بمشاركة اضطرارية استجابة للواجب المهني، “لكن الحقيقة هي أن الوزارة وحدها تتحمل مسؤولية هذا الإصلاح الذي لم نقتنع به”.

وفي حديثه عن الآلية التي اعتمدتها الوزارة في تنزيل هذا المشروع، قال إنها اعتمدت “شبكة العمداء” تعويضا لـ”شبكة الرؤساء” التي اعتمدها الوزير السابق، والإشكال أنه كلما التقى الأساتذة بعميدهم وسألوه قال لهم “لست أنا، لست أنا” وأرجع المسؤولية إلى الآخرين، لكن “من هم هؤلاء الآخرون؟” يتساءل عضو المكتب الوطني لقطاع التعليم العالي لجماعة العدل والإحسان.

وتابع: “تمنينا لو كان الأمر كما كان في التعليم الثانوي، بانتخاب من يسمونهم بالخبراء، على الأقل لتكوين هيئة تتحمل المسؤولية البيداغوجية، وتكون مرجعا ومحاورا”.

الهيئة التي أنجزت مضامين الإصلاح الجديد “مجهولة”

وانتقد ما وصفه بـ”الهيئة المجهولة” التي أنجزت مضمون هذا الإصلاح، موضحا أن الأساتذة كلما سألوا عنها لإمدادها بمقترحاتهم وملاحظاتهم لم يجدوا إليها سبيلا.

وأشار إلى أن نضالات أساتذة التعليم العالي استنزفتهم لأزيد من عشر سنوات من أجل النظام الأساسي، وكلما بلغت المفاوضات مبلغا، إلا وحصل طارئ ما، إنْ بتغيير الحكومة أو الوزراء المتعاقبين، مع الإشارة إلى أن وزارة التعليم والتعليم العالي هي الوزارة التي تعاقب عليها أكبر عدد من الوزراء منذ الاستقلال، وبالتالي فطبيعي ألا يكون هناك استقرار في السياسة التعليمية في البلد.

وذكر أن النظام الأساسي استمرت بشأنه مفاوضات النقابة الوطنية للتعليم العالي مع الوزارة، وبلغ صيغته النهائية، وصدّقت عليه النقابة الوطنية بتحفظات معينة، ولم تؤخذ تلك التحفظات بعين الاعتبار لكنه رأى النور.

النظام الأساسي عموما فيه إجابيات والحاسم فيه هي “النصوص التنظيمية” التي ننتظرها

واعتبر أن النظام الأساسي “عموما فيه أمور إيجابية لكن فيه أمور ينبغي أن تكون محل النظر وإصلاح، وفيه أيضا ما هو مرتبط بالنصوص التنظيمية التي لم نحط بها خبرا بعد”.

عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، أكد أن المكتب الوطني للنقابة قطع على نفسه أن يرجع هذه النصوص التنظيمية إلى اللجنة الإدارية للبث فيها، “وباعتباري عضوا في هذه اللجنة فنحن ننتظر هذه النصوص التنظيمية لأنها هي التي ستفسر كثيرا من الأمور”.

ومن أهم الاعتراضات على النظام الأساسي؛ وفق حديث زين العابدين “الزيادات التي نص عليها، وهي لم ترق إلى ما كان السادة الأساتذة ينتظرونه”، ورغم إرجاعه الأسباب إلى الظرفية الاقتصادية التي يعرفها البلد لكنه أكد قائلا: “ينبغي استدراكها فيما يستقبل، ولا ينبغي انتظار 20 سنة أخرى لتعديلها”.

ما هي الجامعة المغربية في تصور الوزارة؟ وما المراد بها؟

ومن إشكالات هذا النظام أيضا، يضيف الأستاذ الجامعي: “ما يرتبط بالعمل المناط بالأساتذة، من قبيل ساعات العمل أو عدم اعتبار بعض الأنشطة الأساسية للأساتذة… وغيرها، لكن في السياق الحالي يمكن غض الطرف عنها خاصة إذا أرجعت النصوص التنظيمية إلى اللجنة الإدارية لتدارك ما يجب تداركه”.

وفي هذا الحوار تساءل الخبير في قضايا التعليم العالي عما يراد بالجامعة المغربية فقال: “بالموازاة مع الإصلاح البيداغوجي ووضع النظام الأساسي لا ندري ما الذي يراد بالجامعة المغربية؟”، موضحا أنه اطلع على تقارير “توضح أن التكوينات الموجودة الآن لها رؤية المؤسسات وليست رؤية الجامعة”.

وبالتالي فما هي الجامعة في تصور الوزارة؟ وما مصير المؤسسات؟ وما المقصود بالتصميم الجديد الذي يسمونه التصميم المديري؟ وماذا عن استقلالية الجامعة؟ يتساءل المتحدث.

هناك مخاوف من وضع هيئة تقريرية للجامعة يكون فيها الرئيس مجرد مستشار

ثم يضيف: “هناك مخاوف من أن تكون للجامعة أعلى هيئة تقريرية يكون فيها رئيس الجامعة مجرد مستشار، والمنتخبون في تلك الهيئة يكاد ينعدم، وغيرها من المخاوف الكثيرة على مستقبل الجامعة المغربية”.

وذكر أن المس بالاستقلالية البيداغوجية للأستاذ فيه نقاش، “لأنه هو المؤهل بما يملكه من تجربة ونضج وإشعاع علمي ليكون هو المؤسس للنظام البيداغوجي، وهذا الأستاذ للأسف استُبعِد”.

فإذا استبعد الأستاذ من تدبير الأمور الاستراتيجية للبحث العلمي، فماذا بقي له؟ يتساءل المتحدث قبل أن يجيب: “بقي الشيء الخطير جدا، وقد كان في القانون 01.00 وهو مصطلح “المستخدم”، الذي أبطل مفعوله بفضل نظام الأساتذة رغم وروده في القانون”.

وما أراه الآن هو عودة واضحة إلى تفعيل هذا المصطلح، يقول زين العابدين الذي أضاف بعد سؤال مرتبط بنقاش التعاقد في الجامعة: “في خضم النقص الكبير في الأساتذة والأطر، فليس ببعيد أن نرى “سياسة التعاقد” تغزو الجامعة أيضا”.