حينما يصبح قبر سيدة قضية دولة

Cover Image for حينما يصبح قبر سيدة قضية دولة
نشر بتاريخ

شهدوا يا أهل الروضة.. المخزن داير فوضى).

الشعار أعلاه يختصر حدث القبر الذي أصبح قضية دولة، فما حدث في الرباط يوم الخميس 5 جمادى الثانية 1436/ 26 مارس 2015 يعتبر مفصلا في مسار الاستبداد في هذا البلد. يُمنع جثمان السيدة الكريمة خديجة زوجة الإمام عبد السلام ياسين رحمهما الله من ولوج مقبرة الشهداء والدفن بجانب قبر الإمام، وتنتهك حرمة الأموات وتدخل جحافل القواة المخزنية إلى المقبرة بدون أي مبرر وتعتدي على مجموعة من المشيعين المسالمين بالضرب، وتدوس على القبور، وتغلق باب المقبرة في وجه عدد من جنائز المسلمين رحم الله الجميع.

إننا بداية نحمد الله تعالى حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه أن وفق الجماعة للتصرف بحكمة تجاه ما وقع. فما تيسر ما تيسر إلا بما يسر الكريم الوهاب.

1- إن ما حدث يعبر عن عمى البصيرة لدى الحاكمين في هذا البلد، حيث سقطوا في فضيحة مدوية تابعها القريب والبعيد بجرمهم الشنيع هذا، وأضحكوا عليهم العالم وهو يشاهد قواتهم تنقض على مسالمين أحياء وترمي بهم فوق مسالمين أموات أفضوا إلى ربهم الرحيم، في مشهد يدل على خبل غير مسبوق.. إن الخذلان من الله تعالى والعياذ بالله، ذلك إن الله لا يصلح عمل المفسدين.

2- إن الإتيان بهذا الفعل الشنيع الذي لا يقره دين ولا عقل في حق سيدة كتومة ذنبها أنها أحبت زوجا عظيما وطائفة من المومنين والمومنات، يدل دلالة واضحة على العقل المريض الذي يدير شأن هذا البلد، والذي يدفعه الغباء إلى التربص بالمعارضين في كل درب من أجل النيل منهم، حتى وإن كان الأمر موتا وجنازة ومقبرة، ليسقط سقوطا سياسيا وأخلاقيا مدويا لن ينهض منه إلا ذليلا مخذولا مدحورا.

3- إذا كان هذا العقل المريض بهذا التخبط والارتباك والتهور فلا تستغرب ما وصل إليه هذا البلد من تخلف ومعاناة وفساد وسرقة وتبذير لثرواته وتهريب لأمواله وقتل للفطرة وبث الضياع في أفواج كثيرة من أجيال هذا الشعب المكلوم.

4- ما وقع كشف أكثر ادعاءات النظام احترامه لدين هذا الشعب دين الإسلام السمح الرحيم. وبين أن هذا النظام لا يرقب إلا ولا ذمة لدين الأمة وأنه لا يعرف ولا يحترم شعيرة ولا حرمة من شعائر وحرمات هذا الدين العظيم. وأن علاقته بهذا الدين هي علاقة توظيف ماكر من أجل التمكين لنظريته الاستبدادبة الوراثية القرونية المتسلطة على رقاب الشعب ظلما وزورا.

5- تظهر حقيقة بعض الكائنات البشرية عندما تفقد صوابها. وهذا بالضبط ما وقع لهذه السلطة عندما رمت عرض الحائط كل الأخلاق وكل الأعراف وكل المبادئ والمشاعر الإنسانية، وعمدت إلى ما عمدت إليه من عبث بحرمة أموات وهم جثامين ساكنة تشكو إلى الله جور الظالمين وفساد المفسدين.

7- إلى وقت قريب ورغم تهور الحاكمين في أكثر من مناسبة في حقنا وحق غيرنا كنا نظن أن في القوم بعض عقلاء على الأقل يمنعون البلد من أن يتجه نحو الانهيار الشامل لا قدر الله. لكن بعد هذه الواقعة يطرح السؤال بكل جدية ومسؤولية من يحكم حقيقة هذا البلد؟ وهل هانت المسؤولية إلى هذه الدرجة حتى يتم التصرف بهذه السفاهة وبهذه المغامرة بسمعة البلد!!؟

8- الأمر أمر موت وأمر مشاعر حزينة جدا بالفقدان المفاجئ في سن الثالثة والستين لأم ربتنا وآوتنا وآوت الدعوة وخدمت وقدمت في صمت رحمها الله وأجزل لها جميل الجزاء والثواب.. ماذا كان سيقع مع هذه المشاعر وتحت وطأة الظلم والاستفزاز لو لم يتحل أعضاء الجماعة بخصال التربية والتؤدة والأناة المعهودة فيهم وفقد الجميع التعقل واتصف الكل بالتصرفات الرعناء والطائشة التي سلكتها سلطة بكاملها؟! هل فكر الحاكمون أصحاب المخططات والاستراتيجيات في عواقب مثل هذا التهور الخطير؟ إن الحاكم المسؤول في هذا الزمان وإن كان أميا يشتري المعلومة من مراكز الدراسات المؤهلة لذلك وهي موجودة، وأنتم تنفقون الأموال في الفساد والإفساد وشراء الذمم، فعلى الأقل أنفقوا بعضها في الحصول على المعلومة النافعة لحاضر ومستقبل البلد!!

9- من غير المسؤولية أن يتفرج الشرفاء على بلد يدار بهذه الطريقة ولا يتداعون إلى حوارات ونقاشات عميقة وجادة حول مستقبل هذا البلد وحول الطرق السلمية للجم جبروت الاستبداد والفساد وتحقيق حرية وكرامة حقيقيتين يخرجان هذا البلد من ظلمات الجور والظلم إلى أنوار الانعتاق والعيش الكريم.

10- إن ما وقع في المقبرة يعتبر دفنا نهائيا لكل الآمال التي علقها البعض على سلوك النظام بعد خطاب مارس 2011، وإلا فأين الحكومة وأين البرلمان من اجتياح قوات عمومية لمقبرة وسط العاصمة من أجل منع جثمان من أن يوضع في قبر وسط مقابر المسلمين؟

وأخيرا صدق من كتب يوما عندما يحكم الغباء!!!).