حوار: القانون والقضاء يكشفان ظلم 11 سنة من إغلاق البيوت المشمعة

Cover Image for حوار: القانون والقضاء يكشفان ظلم 11 سنة من إغلاق البيوت المشمعة
نشر بتاريخ

بمناسبة الذكرى 11 على تشميع ببوت أعضاء وقيادات جماعة العدل والإحسان، أجرى موقع الجماعة نت حوارا مع الأستاذ بنقادى عبد الحق المحامي بهيئة وجدة وعضو هيئة دفاع أصحاب البيوت المشمعة، حول استمرار تشميع بيوت العدل والإحسان، وسياقها، مع العروج على الإطار القانوني، والقرارات القضائية الصادرة في الموضوع. هذا نصه:

تم تشميع بيتي الأستاذين محمد عبادي الأمين لجماعة العدل والإحسان والحسن عطواني منذ سنة 2006، هلا ذكرتنا بالسياق الذي وقع فيه التشميع؟

تعود تفاصيل الحدث إلى شهر ماي سنة 2006 حينما قررت جماعة العدل والإحسان تنظيم الأبواب المفتوحة للتواصل مع مختلف أبناء الشعب المغربي، فجاء رد فعل النظام المغربي على لسان وزير داخليته الذي أعلن آنذاك قولته المشهورة والغبية “بتكثيفها لأنشطتها تكون العدل والإحسان قد خرقت القانون”؛ حيث أقدمت السلطات بمحاصرة عشرات البيوت وإخراج من كان فيها وكسر وإتلاف المحتويات باستعمال القوة غير المبررة، ناهيك عن منع مجالس النصيحة بعدما صودر حق أعضائها من عقد مجالسهم واجتماعاتهم بالمساجد والجمعيات والمراكز الثقافية ودور الشباب ومختلف الفضاءات العامة بل وحتى الخاصة رغم أن القضاء بكل درجاته أكد قانونية ومشروعية الجماعة واجتماعاتها على حد سواء بإصداره لعشرات الأحكام والقرارات النهائية التي لا تقبل أي طعن.

ونحن نخلد الذكرى 11 للتشميع، ما يزال لحد الآن بيتا الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الأستاذ محمد عبادي الكائن بوجدة، والأستاذ لحسن عطواني ببوعرفة، مشمعين بدون أي نص قانوني أو سند قضائي في خرق فاضح للفصل 24 من الدستور الذي ينص على أنه “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة. لا تنتهك حرمة المنزل. ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون”.

ما هو موقف القانون من التشميع؟ وهل من نصوص يستند إليها قرار التشميع؟

عندما نطلع على الفصل 62 من القانون الجنائي الذي ينص على أن من بين التدابير الوقائية العينية إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة، والفقرة الثانية من الفصل 90 من القانون الجنائي التي تنص على أن مدة الإغلاق المؤقت لا يجوز أن تقل عن عشرة أيام ولا أن تتجاوز ستة أشهر.

لكن بالرجوع للنازلة لا نجد هناك أي جريمة ارتكبت أصلا، وحتى إن كان الأمر كذلك فالمحكمة لم تصدر أي حكم يحدد العقوبة الأصلية، أضف إلى ذلك الجهة التي أعطت التعليمات بالتشميع غير مخولة قانونا كيفما كانت، ثم مدة هذا التشميع التي وصلت لحد الآن 11 سنة، وبالتالي فالنص القانوني لا يسعف إصدار قرار التشميع لا من حيث الشكل ولا من حيث الموضوع مما يبقى معه قرار التشميع هو والعدم سواء.

فما هو اتجاه العمل القضائي في قضية التشميع؟

لقد سبق للقضاء ـ بمختلف درجاته ابتدائيا واستئنافيا وعلى مستوى محكمة النقض ـ أن أصدر أحكاما وقرارات نهائية تعتبر قرارات التشميع غير مشروعة والجهة التي أصدرته غير مختصة، بل إن القضاء برأ أصحاب البيوت المشمعة من المتابعات التي سطرتها النيابة العامة في حقهم المتعلقة بالجنحة المنصوص عليها في الفصل 273 من القانون الجنائي “كسر الأختام الموضوعة بأمر من السلطات العامة” نذكر منها على سبيل المثال:

1ـ الحكم الابتدائي عدد 1378 الصادر بتاريخ 19/4/2011 في الملف الجنحي عدد 819/11 عن المحكمة الابتدائية بالناظور، والقاضي لفائدة السيد فريد زروال بالبراءة من تهمة كسر أختام منزله الكائن بزايو، وهذا الحكم تم تأييده بالقرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 19/4/2012 في الملف الجنحي عدد 1334/11 عن محكمة الاستئناف بالناظور.

2ـ الحكم الابتدائي عدد 1896 الصادر بتاريخ 21/6/2011 في الملف الجنحي عدد 890/11 عن المحكمة الابتدائية بالناظور، والقاضي لفائدة السيد الحسن مرجاني بالبراءة من تهمة كسر أختام منزله الكائن بالعروي، وهذا الحكم كذلك تم تأييده بالقرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 26/4/2012 في الملف الجنحي عدد 1388/11 عن محكمة الاستئناف بالناظور.

3ـ الحكم الابتدائي عدد 1377 الصادر بتاريخ 19/4/2011 في الملف الجنحي عدد 654/11 عن المحكمة الابتدائية بالناظور، والقاضي لفائدة السيد جمال البوطيبي بالبراءة من تهمة كسر أختام منزله الكائن بالناظور.

4ـ قرار محكمة النقض عدد 2165/5 المؤرخ في 03/12/2008 ملف جنحي عدد 10801/6/5/2007، الذي ألغى القرار الاستئنافي الذي قضى بإدانة السيد جمال بوطيبي من أجل جنحة كسر أختام موضوعة بأمر السلطة العامة.

ما هي الدعاوى والمساطر والإجراءات التي قامت بها هيأة الدفاع في هذا الصدد؟

عندما تم اقتحام بيت الأستاذ محمد عبادي بتاريخ 25 ماي 2006 وإخراج من كان فيه والاستماع لهم وإخلاء سبيلهم دون أية متابعة أو توجيه تهمة تذكر، مع الإشارة إلى أن الغريب في الأمر أنه لم يتم الاستماع لصاحب البيت أصلا، تقدمت هيئة الدفاع بدعوى استعجالية أمام المحكمة الإدارية بوجدة لرفع هذا الاعتداء المادي وتمكين صاحب البيت من ولوج بيته واستعادة ممتلكاته ورفع الحصار عنه، لكن للأسف قررت المحكمة عدم اختصاصها للبث في الطلب، وهكذا بقي البيت مغلقا من طرف الشرطة وتحت حراستها، وبعد اتصال صاحب البيت ودفاعه بجميع الجهات المعنية المتمثلة أساسا في الوكيل العام ووكيل الملك ووالي الجهة الشرقية ووالي الأمن، لمعرفة مصدر قرار إغلاق منزله أكدوا له جميعا بأنهم لم يصدروا أي تعليمات في الموضوع.

هذا الوضع دفع بالأستاذ محمد عبادي إلى توجيه رسالة لجميع المسؤولين بأنه يعتزم دخول منزله ما دام أنه ليس هناك أي جهة أصدرت تعليماتها بإغلاق المحل، وبتاريخ 13/6/2006 توجه صاحب البيت لمنزله لكنه تم منعه من ذلك وتمت متابعته رفقة من كانوا معه بتهمة كسر أختام موضوعة بأمر من السلطة العامة وقدموا للمحاكمة.

كذلك قامت هيئة الدفاع بمراسلة وزير العدل والمسؤولين القضائيين حول القضية لكن بقي ذلك بدون جواب، مع الإشارة إلى أن البيت تعرض للسرقة عدة مرات من طرف مجهولين رغم أن البيت تحت حراسة الشرطة وقدمت الشكايات لكن دون جدوى، الأكثر من ذلك أن الدفاع تقدم بملتمس لتلحيم باب المنزل لتفادي السرقات المتكررة لكن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوجدة رفض ذلك مهددا بالمتابعة في حالة المساس بالختم.

من زاوية نظر حقوقية كيف تقيمون تشميع منزل لمدة وصلت لحد الآن 11 سنة؟

نقول بإيجاز، إن العارف البسيط بالقانون المغربي يؤكد أن هذا الإغلاق لا يستند إلى أية شبهة مشروعة بل هو من قبيل أعمال الاعتداء المادي الذي يمس بحق من الحقوق المدنية الأساسية وهو حق التملك، أكثر من ذلك فإن القانون يلزم النيابة العامة بتحريك المتابعة ضد من اتخذ هذا القرار باعتباره عملا تحكميا يقع تحت طائلة الفصل 225 من القانون الجنائي المغربي، علما بأن جواب الوكيل العام للملك بوجدة المؤرخ في 23/3/2012 يقر بأن قرار تشميع بيت الأستاذ عطواني هو قرار إداري اتخذ من طرف جهة إدارية ـ لم يسمهاـ ولا علاقة لنيابته العامة بذلك، كما أن جواب السيد وزير العدل المؤرخ في 28/8/2013، في معرض جوابه عن سؤال كتابي بالبرلمان حول تشميع بيت الأستاذ عبادي، أكد بأن قرار إغلاق بيت هذا الأخير جاء بناء على قرار صادر عن الإدارة الترابية في شخص والي الجهة الشرقية بتاريخ 26/05/2006 دون ذكر السند والنص القانونيين لهذا الإجراء.

وقع هذا في مغرب الادعاءات الرسمية المتمسحة بقيم الإسلام والمتغنية صباح مساء بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، وعلى الرغم من كل الخطابات والتظاهرات المنظمة رسميا لإقناع الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي بإنجازات وهمية في مجال الحقوق والحريات، فإن الواقع أظهر بأن الأمر لا يتعلق بالتزام حقيقي من طرف السلطة يرقى إلى مستوى التصريحات والنوايا المعلنة وهو ما تشهد عليه التقارير الصادرة عن مختلف المنظمات الدولية والوطنية التي تتفق جميعها على تقهقر المغرب في مجال الحريات وحقوق الإنسان خاصة بعد مرحلة ما سمي بالربيع العربي.