حكومة بنكيران حملت معها منذ اللحظة الأولى مسببات الفشل وهي لا تملك مقاليد القرار السياسي

Cover Image for حكومة بنكيران حملت معها منذ اللحظة الأولى مسببات الفشل وهي لا تملك مقاليد القرار السياسي
نشر بتاريخ

حكومة بنكيران حملت معها منذ اللحظة الأولى مسببات الفشل وهي لا تملك مقاليد القرار السياسي

خصت الأستاذة حسناء قطني القيادية في جماعة العدل الإحسان عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، مجلة نون الإلكترونية بتصريح/مقال، شخصت فيه من وجهة نظرها المشهد السياسي الحالي، ومايشهده من احتقان وتجاذبات بين الأحزاب، وهو الشيء الذي يطرح سؤالا حول مصير التدبير الحكومي للشأن العام في ظل تداعيات الأزمة التي أضحت تخيم على البلاد.

أستهل كلامي حول المشهد السياسي المغربي عامة والحكومي خاصة بمقولتين أعتقد أنهما يلخصان بل ويشخصان في الوقت ذاته الحالة التي آلت إليها الأوضاع في المغرب:

المقولة الأولى هي: أن المغرب هو بلد الفرص الضائعة بامتياز) أما الثانية فهي: أن المغرب يتغير لكنه لا يتطور .)بلد الفرص الضائعة)، لأنه فوت عليه فرصة تاريخية كانت بالإمكان أن تكون فيصلا بين ماضي الاستبداد والفساد، وبين مستقبل لا يبغي دون مطلب الكرامة والحرية أية خيارات أخرى، فنحن وجميع الأحرار في هذا البلد نريد الانعتاق من العبودية وليس تحسين شروط العبودية.

أما أن المغرب يتغير لكنه لا يتطور)، فكثيرون صفقوا للدستور الجديد، وعلقوا آمال كبيرة عليه، ثم جاءت انتخابات ‌25 نونبر2011 التي أفرزت فوزا لحزب العدالة والتنمية، فتشكلت حكومة من سوء حظها أنها جاءت في سياق سياسي استثنائي إن لم نقل في لحظة تاريخية خطأ، فأطلقت وعودا حالمة لكن؟ ماذا تحقق بالمغرب بعد هذا التغيير؟ سوى لائحة طويلة عريضة من الانتكاسات والإحباطات المتتالية على جميع الأصعدة والمستويات.

فعلى المستوى السياسي، ما زلنا نشهد مزيدا من تمركز القرارات المصيرية والحاسمة في البلاد في يد أقلية مهيمنة ومستفردة بالمال والسلطة، الأمر الذي ينعكس سلبا في التعاطي مع كثير من الملفات الحساسة مثل ملف الصحراء)” الذي ظل يدار طيلة أربعة عقود بشكل انفرادي إقصائي، والذي كان من المفروض أن يتم فيه إشراك فعلي وحقيقي للشعب المغربي وقواه الحية، الأمر الذي كان سيغير النتائج التي آل إليها الوضع في الصحراء.

أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فحدث و لا حرج، عجز خطير في الميزانية وفي الاحتياطي من السيولة، وازدياد ضغط الدين الخارجي، كل هذا يفضي إلى الارتفاع المهول في الأسعار وتصاعد نسبة البطالة وازدياد الضغط على الطبقات الوسطى.

هذا كله في مقابل أداء حكومي دون المستوى المطلوب ودون الانتظارات والآمال التي كانت معلقة على حكومة تبين في مابعد أنها لا تملك مقاليد القرار السياسي.

ولا غرابة في ذلك، على اعتبار أنها حكومة حملت معها منذ اللحظة الأولى مسببات الفشل كيف لا؟ وقد ارتضت لنفسها أن تكون إفرازا لانتخابات عرفت أدنى نسبة في المشاركة. هذا فضلا عن تشكيلتها غير المتجانسة لا إيديولوجيا ولا سياسيا، وما التصدعات التي تعرفها الحكومة في الآونة الاخيرة إلا نتيجة للمقدمات السابقة، هذا إن لم نقل أن هذا الهرج الحكومي ما هو إلا معركة مفتعلة القصد منها إلهاء الشعب المغربي وصرف نظره عن قضاياه الجوهرية.

إن الأمر الذي يجب التنبيه إليه قبل فوات الأوان، هو إمكانية حدوث ما هو أعمق وأخطر من كل هذا، حيث يبدو أن “الانفجار الاجتماعي” أصبح أقرب من أي وقت آخر.

إنها دعوة صادقة لكل الغيورين على هذا البلد من هيئات وشخصيات ونخب سياسية، أن تضع جانبا خلافاتها الفكرية وحساباتها السياسية الضيقة، وأن تنخرط في فعل تاريخي، جماهيري، شعبي، يبدأ بحوار جاد ومسؤول بين كل القوى الحية، وينتهي بميثاق وطني جامع، يفضي إلى جمعية تأسيسية تعمل على صياغة بنود دستور ديموقراطي، يؤسس لمرحلة انتقالية، تتحرر فيها الإرادات وتقطع مع ماضي الفساد و الاستبداد و الاستفراد .