حكايات أبوية | طوفان الأقصى

Cover Image for حكايات أبوية | طوفان الأقصى
نشر بتاريخ

في بيت من بيوت المسلمين، استيقظ حسام مذهولا في الرابعة صباحا بعد أن رأى مناما أثار دهشته، رأى فيما يرى النائم أسوار المسجد الأقصى تفتح فيخرج منها نور عظيم يضيء له ما بين السماء والأرض، وأفواج من الناس من شتى البقاع يرتدون لباسا أبيض يزحفون إلى المسجد مكبرين ومهللين. أزاح عنه الغطاء طلبا لشربة ماء، وفي طريقه إلى المطبخ وجد أباه الحبيب في محرابه راكعا ساجدا يصلي الوتر النبوي، فلما فرغ قص عليه رأياه فقال الأب مستبشرا: خيرا إن شاء الله تعالى.

تنفست أسارير الصباح، وتزينت نسماته بعبق الرياحين، “يا له من صباح جميل تعلوه أصوات الطبيعة!” أطل الأب من الشباك المقابل للحديقة يستنشق النسيم العليل واقترح على زوجته فاطمة أن يخرجوا إليها مع الأولاد، وهناك يعيشون فرحة انتصار غزة ويحيون ذكرى طوفان الأقصى بحكاية جميلة من حكاياتهم الأبوية التي طال قعودها مغلقة على الرف، فقابلته بالإيجاب، وبدأ الزوجان كما الأيام الخوالي يحيكان خيوط حكايتهما الجديدة المليئة بالأحداث الواقعية.

بعد الفطور اجتمع الأب والأم فاطمة وحاتم وصوفيا وحسام في الحديقة، فاستهل الأب حديثه بالحمد والثناء على خالق الأكوان والصلاة والسلام على خير الأنام ثم قال: في فجر يوم مبارك مشهود، يوم من أيام الله له ما بعده، كتب في صفحات التاريخ بالخط العريض “إنها البداية”؛ بداية تحرير الأمة من قيودها وتحرير الأقصى من محتليه، لم يكن المخطط له سوى استهداف فرقة غزة في قاعدة ريعيم، لكن الله شاء أن تتسع الرقعة إلى مدن وبلدات غلاف غزة ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وها نحن نتفيأ ظلال هذه القومة المباركة ضد الاستكبار والظلم الذي باركه العدو ومن كنا نظنه قريبا.

إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ بهذه البشرى انطلقت في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت 7 أكتوبر 2023 طائرات شراعية محلية الصنع نحو غلاف غزة، تزامن معها إسقاط آلاف الصواريخ على نظام القبة الحديدية لاختراقها فلم تستطع تعقب الطيارين لخفة وزنهم بالمقارنة مع الصواريخ، هبطت الطائرات الشراعية بسلام وأمنت محيطها فبدأت الخطوة التالية بالتحرك البري لاختراق الجدار العازل الذي ظلت إسرائيل تفتخر باستحالة تجاوزه لكن في 7 من أكتوبر اتضح كم كان أهون من بيت العنكبوت وسط انهيار أمني و فشل استخباراتي وعسكري وسياسي ذريع أبطل أسطورة الجيش الذي لا يقهر.

إن عملية طوفان الأقصى كانت بالفعل طوفانا هز العالم وأعاد ترتيب الأوراق، كما أرجع القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى بعد أن كانت محل تهميش وإهمال، فماذا غيّر فينا طوفان الأقصى؟

تناول حاتم الحديث قائلا: ما غيره فيّ طوفان الأقصى أني أصبحت أحافظ على صلاة الفجر في المسجد وأشارك في الوقفات.

تابعت صوفيا: إضافة إلى الوقفات فأنا مستمرة في مقاطعة المنتوجات الداعمة للكيان الصهيوني.

وأضاف حاتم: إني نشيط في مواقع التواصل الاجتماعي ولدي أصدقاء كثر من جنسيات مختلفة، فأنا أستعمله للتعريف بالقضية الفلسطينية العادلة بجميع اللغات.

أضافت الأم: ولا ننسى الدعاء أيضا يا أبنائي كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الأب: بارك الله فيكم يا أسرتي الطيبة، يا ترى ماذا غيّر هذا النصر الذي حققه الله على أيدي قلة مؤمنة في الأفراد والأمة؟ وإلى حكاية أبوية أخرى إن شاء الله تعالى.