حفل تأبين الداعية المجاهد الأستاذ أحمد الملاخ رحمه الله

Cover Image for حفل تأبين الداعية المجاهد الأستاذ أحمد الملاخ رحمه الله
نشر بتاريخ

نظمت جماعة العدل والإحسان، مساء الأحد 11 صفر الخير 1432 الموافق لـ 16 يناير 2011، حفل تأبين الداعية المجاهد الأستاذ أحمد الملاخ رحمه الله.

حضر التأبينَ، لتعزية أسرة الراحل الصغيرة ولتعزية نفسها، أجيالٌ ممن كان للراحل الأيادي البيضاء عليها رجالا ونساء، وحضر إخوة الدرب والدعوة، جيل التأسيس وجيل البناء، أعضاء مجلس الإرشاد، والأمانة العامة للدائرة السياسية، وقيادات الجماعة من القطر ومن الأقاليم، يتقدمهم الأساتذة: محمد عبادي، وفتح الله أرسلان، وعمر أمكاسو، وعبد الكريم العلمي، ومحمد بارشي، ومنير الركراكي، وأبو بكر بن الصديق، وعبد الهادي بلخيلية، ومحمد سعودي، وعبد الله الشيباني، وعبد الصمد فتحي، وعمر إحرشان.

وتميز حفل التأبين بحضور العديد من المنظمات والجمعيات والأحزاب والشخصيات المجتمعية والدعوية والسياسية والمدنية والعلمية بمدينة مراكش، من بينهم الأساتذة: عبد الرحمن العمراني وعبد الرحيم المجدوبي ممثلان لحركة التوحيد والإصلاح، ومحمد أشويح عن الحركة من أجل الأمة، ومحمد الصبان عن الحزب الاشتراكي الموحد، وسعيد بوزيان عن العدالة والتنمية، وعبد الإله طاطوش عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وشكيب برادة عن جمعية الخدمات الصحية، وسعيد المسوسي عن أصدقاء المركز الاستثنائي بمراكش، وعبد الحق الفروكي عن فيدرالية المجتمع المدني بمراكش، ومحمد مكمان مدير المركز التربوي الجهوي بمراكش، وأحمد الشهبوني عن مركز التنمية الجهوية بمراكش، وممثلين عن المكتب المحلي لنقابة التعليم العالي، وممثلين عن جمعية الحافظ بن عبد البر.

يا أيتها النفس المطمئنة

من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

كانت هذه الآية الكريمة شعار حفل تأبين المجاهد الراحل الأستاذ أحمد الملاخ رحمه الله، وقد وُفِّقَ مَنْ صمم الخلفية الفنية للمنصة فاختار صورة للفقيد الكبير يُرى فيها كأنه يلتفت إلى من خَلَّفَهُمْ من أحبابه، ينظر إليهم نظرة مودع أدى مهمته وقفل راجعا إلى رحاب الله.

أحباب كُثُرٌ ودعوا حبيبهم، كان منهم الطاعن في السن الذي واكب مسيرة الراحل الدعوية على مدى أربعين عاما، وكان منهم الكهل الذي أخذ عنه الثبات على الحق واستمد من قوته فيه رسوخ الجبال الشُّمِّ في وجه الريح العاتية، وكان منهم الشاب الذي يغبط الراحلَ لشباب شيبته على ما ألم بجسده المنهك بمحنة الظلم وعلل الأمراض المزمنة، وكان منهم اليافع الذي جعل الله له من عبده أحمد الملاخ مثالا يقول بفعله ونموذجه أكثر مما يقول بلسانه، ويمنحه من أنفاسه في طريق الدعوة نَفَسًا يصبره ويقويه ويعزيه.

جنازة وتأبين نطقا من صمت وإطراق الحضور بأفصح مما ينطق ألف خطيب. صمت وإطراق وطأطأة أخجلها روح الراحل وجهاده وبناؤه، وصبره ومصابرته، وشجاعته وفضله، وسابقته ولاحقته معًا. ولهذا كادت وجوه أولئك الحضور، الشاهدةُ على ما للرجل من فضل على أجيال الدعوة، أن تُغْنِيَ عن كلام المتكلمين لولا أن الذكرى تنفع المؤمنين.

افتُتِحَ التأبين بخير ما يُفتتح به: كلام الله جل وعلا، وربط بين فقراته، بما عُهِدَ فيه من يسر وسلاسة، الأستاذ عمر أمكاسو، عضو مجلس الإرشاد، الذي استهل بتعريف مختصر لمسيرة الراحل، بدءا من مسيرته الدراسية والوظيفية وانتهاء بمسيرته الدعوية الغراء.

كلمة الأسرة الصغيرة

تقدم نجل الراحل، الأستاذ نور الدين الملاخ، بكلمة باسم الأسرة الصغيرة شكر فيها الحضور نيابة عنها وعن والدته الكريمة، التي لم يكن نصيبها من الجهاد والصبر والمصابرة أقل من نصيب من ودعته في يومها ذاك، وربط الابن البار بين الحديث عن فضل الوالد الطيب الحنون عليه وعلى زوجه وبُنَيَّاتِه، وبين الحديث عن فضل الداعية المعلم المجاهد عليه وعلى شباب الدعوة.

كلمة الأستاذ المرشد

فإن كان من أحد هو أَغَرُّ في ميدان الجهاد يَدًا، وأدرى بِرُزْءِ الدعوة فيه خُبْرًا، وأقربُ إليه في نسب الدعوة رُحْمًا فهو معلمه ومربيه الأول الداعية المجاهد الأستاذ عبد السلام ياسين، مرشد الجماعة، وأحق من يشهد للرجل وهو في جوار ربه. وقد كان للكلمة المرئية المسجلة المقتضبة وقع وأي وقع في قلوب الحضور. فقد نعى الأستاذ المرشد حبيب قلبه ورفيق دربه بعد سنتين من نعيه لثالث الثلاثة في ملحمة “الإسلام أو الطوفان” الأستاذ محمد العلوي رحمه الله. والرجلان (الملاخ والعلوي) كما قال الأستاذ المرشد: أبليا البلاء الحسن في هذه الجماعة فكانا ممن أسسوا العمل فصبروا وصابروا، وكانوا مثالا يقتدى به في الاِستقامة والسلوك الحسن والتهمم بمصير الأمة). وبنظرة من يربط بين الدنيا والآخرة ذكَّر الأستاذ المرشد بما يربط بين قلوب أهل القافلة النورانية الأثيلة: نسأل الله عز وجل أن يرحمهما وأن يلحق بهما هذه الأجيال المقبلة التي ينبغي لها ألا تنسى موعدا لنا يوميا نسميه دعاء الرابطة، فإن من انصرفوا من هذه الدار ينتظرون من يترحم بهم ممن خلفهم). وكان ختام هذه الكلمة النفيسة تذكير بأن شيب جماعة العدل والإحسان ينصرفون من هذه الدنيا تباعا يتلو الأولين الآخرون، وبقيت أمانة جماعة العدل والإحسان في أيديكم أنتم أشبال جماعة العدل والإحسان.)

كلمة مجلس الإرشاد

الأستاذ فتح الله أرسلان، عضو مجلس الإرشاد والناطق الرسمي باسم الجماعة، عدد من مناقب الراحل بعضا مما سمحت به دقائق لا تفي بما للرجل على أهل الدعوة من فضل. وكيف تكفي دقائق معدودة ليطلع الحضور على ما خَبَرَه من المجاهد الراحل وهو الذي عرفه على مدى أربعين عاما سفرا وحضرا، شدة ورخاءً، في الحركة الميدانية بين لفحات الطريق الشائك، وفي سكون الليل بين يدي الله تعالى تعرضا لنفحاته ركوعا وسجودا وقياما وتبتلا وذكرا؟ لقد كان كما وصفه الأستاذ فتح الله: ممن ينطبق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم “إن لله رجالا إذا رُؤوا ذُكِر الله”، وكان من القلائل الذين انتقلوا من الكلام إلى العمل الذي تجلت ذروته في مساهمته في طبع ونشر رسالة “الإسلام أو الطوفان” في ظرف سياسي عصيب، واختار الأصعب على الترقي الوظيفي بائعا نفسه لله. ولئن كان هذا العمل هو كل ما قام به في وقت سكت الناس وخاف الناس لكفاه). وبلغ من شدة تعلقه بمجالس الإيمان رحمه الله أنه كان يحرص على حضورها وهو يتهادى بين الرجلين يغالب من أجلها أسقامه.)

وللغة الحب والشعر كلمة

وكان للغة الحب والشعر كلمة نطقها الشاعران المحبان الأستاذان منير الركراكي وعبد العالي مجذوب.

فأما الأستاذ منير الركراكي فعنون قصيدته: “دمعة الحمراء في البسمة الخضراء”، جامعا بين رثاء حبيب بدمعة حمراء حمرة مراكش، وبين بارقة الأمل التي برقت من بسمة تونس الخضراء التي لم يرحل الراحل رحمه الله إلى مثواه الأخير حتى انتهى إلى مسمعه رحيل طاغيتها وغرقه في موجة من موجات الطوفان الموعود.

وأتحف الشاعر الحضور بقصيدته فكان فيها محبا وراثيا ومبشرا:إن كان غادر حِبُّنا الدنيا فقد

أفضى إلى رب يُثيب ويُسعد
نم مطمئنا كلنا عهد على

إتمام مشوار لمثلك يسند
كرم وإقدام وعلم نافع

قلب سليم واللسان مُفَرِّدُ
إن كان نور الدين من حسناته

أبشر فقد خلفت من يتعهدأما الدكتور عبد العالي مجذوب فنظم قصيدته تحت عنوان: “حروف دامعة”، فكان كل حرف فيها يدمع باسم كل سامع يرثي نفسه ويذكر الموت وما بعده: وإنْ يَكُ دمـع عينِي غيرَ مُجْدٍ

فدمع الْحرف مُغْنٍ فِي الشعور
وتبغتـنا الـمنـون بغيـر إذن

وتسـلمنا العمـارة للقـبـوروكانت كل كلمة فيها تشع من روح الراحل بنبراس سيرته في الناس وفي الدعوة.ومن صحب الرجال فنال خيرا

وجـاهد في البنـاء وفي المسير
منار للتائهـين إلى الـمراسي

ويهدي الْحائرين إلَى الـخبيركما تخللت حفل التأبين ابتهالات ربانية مذكرة بالله تعالى قدمها الفنان رشيد غلام، الذي استهل مشاركته بكلمة في حق الفقيد وأبيات شعر، وفرقة الفجر بمدينة مراكش.

ومما قاله الفنان غلام في قصيدته: يا أحمدَ الأخلاقِ حِبُ دَلِيلنَا

يا أحمدَ الأرْفاقِ طاب المضجعُ
يا أحمدَ الأقوال والأفعالِ سراجُهَا

يا أحمدَ الفرسان طاب المرجِعُ
يا أحمدُ الملاَّخُ أبشِر باللِقَا

عند المليك عِزُ المنازل تُوسعُ

كلمة القطاع النسائي

الأستاذة عزيزة الصخرجي، ألقت كلمة مؤثرة باسم القطاع النسائي، عددت فيها بعض مناقب وخلائق الراحل الذي كان مثالا في الاقتداء بالأسوة العظمى، صلى الله عليه وسلم، في خيريته لأهله). خيرية زرعها المعلم المربي صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”، فكانت رحمة وحنانا وعطفا على زوجه، رحمه الله، وعلى بنياته السبع، بالقدر الذي كان رحمة وحنانا وعطفا على عامة الناس وعلى خاصة أهل الدعوة.

كلمة آل الملاخ

لم يكن حفل التأبين ليستغني عن كلمة آل الملاخ، هذه العائلة المجاهدة المناضلة في وجه الاستعمار والظلم معًا. كلمة قدمها المخرج المسرحي الفنان عبد اللطيف الملاخ شقيق الراحل رحمه الله. وقد شكر باسم آل الملاخ الحضور الذي أبدى انبهاره وإعجابه بالجماعة التي زرعت وأنبتت سنابل الجماعة الحقيقية وأعطت الأكل.)

كلمة آل العلوي

قدم هذه الكلمة الأستاذ أحمد العلوي السليماني نجل الراحل سيدي محمد العلوي، فنثر بعضا من فضائل الملاخ رحمه الله، والذي رعى الشباب بالتربية التي نرى ثمارها الآن وفي المستقبل.)

كلمة الجيران

السيرة في الأهل مقياس أول من مقاييس الخيرية، والسيرة في الجيران مقياس ثانٍ له شأن وأي شأن. ولِتُعْرَفَ سيرة الراحل في جيرانه تقدم الأستاذ عبد السلام بونيت بكلمة بليغة باسم جيران الراحل، تحدث فيها عن الرجل الذي أعرف فيه الحلم، والرجل الذي يعرف للجار حقه وللناس حقوقهم). ورصع الأستاذ بونيت كلمته بأبيات من الشعر نظمها في حق الجار الراحل عربون محبة ووفاء.

كلمة تلامذة المجاهد المعلم

الأستاذ مصطفى السنكي كان أحد تلامذة الأستاذ أحمد الملاخ بالمركز التربوي الجهوي بمراكش حيث كان، رحمه الله، يدرسهم التربية وعلم النفس بداية الثمانينات من القرن الماضي. وقد أتى الأستاذ السنكي على ذكر ما للراحل من فضائل على جيل من المعلمين ومن الأطر التربوية.

وقبل ختم حفل التأبين استمع الحاضرون إلى تسجيل مسموع للأستاذ المرشد يُذَكِّرُ فيه الراحل عند موته بالله تعالى وبرحمته ويلقنه شهادة التوحيد في آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة. وأعيد بث كلمة الأستاذ المرشد في نعي المجاهد سيدي أحمد الملاخ.

وختم الأستاذ محمد بارشي الحفل بالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل أن يجزل المثوبة للداعية المجاهد الذي مضى على العهد فما بدل وما غير، وأن يرزق أبناءه وتلامذته من أبناء الجماعة والأمة الثبات على الطريق المستقيم حتى لقاء رب العالمين.