حـــــــــــــــــــــــــــــوار مع الأستاذة أمان جرعود عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية ورئيسة القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان

Cover Image for حـــــــــــــــــــــــــــــوار مع الأستاذة أمان جرعود عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية ورئيسة القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان
نشر بتاريخ

تشرف موقع أخوات الآخرة لسان نساء العدل والإحسان أن يستضيف الأستاذة أمان جرعود عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية ورئيسة القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان في حوار شيق في ظرفية خاصة تشهدها بلادنا، حيث إجراء الانتخابات التشريعية التي لا ترقى إلى مستوى التعبير عن طموح الشعب المغربي وتحقيق مطالبه وحيث، وهذا ما نطمح وضع الأصبع عليه، الاستغلال البشع للمرأة عوض العناية بمطالبها الاستراتيجية.

الأستاذة أمان، نود أن تضعيننا في قلب حدث الانتخابات في المغرب؟

هي ثان انتخابات برلمانية في ظل دستور 2011، دستور صفق له “الجميع ” معتبرين إياه نقلة نوعية تضع المغرب في مصاف الدول الديموقراطية، غير أن السياق السياسي الذي ميز أول انتخابات تشريعية في نونبر 2011 والذي أثر بشكل كبير في نتائجها، هو غير السياق السياسي الذي يخيم بظلاله على انتخابات أكتوبر 2016 والذي سينعكس لا محالة على مخرجاتها، بعدما تأكد بالواضح تعقبه وتربصه بمدخلاتها وهو الأمر الذي يلحظه المتتبع للأجواء التي تمر فيها الاستعدادات لـ “استحقاق 7 اكتوبر”، والمتمثلة أساسا في استمرار التدخل والتحكم السافر لوزارة الداخلية في ضبط كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها.

والأكيد أن المخزن هو بصدد التهييء لسناريوهات جديدة تتلاءم مع الظرفية السياسية داخليا وخارجيا والتي أعقبت الانتكاسات التي عرفتها أغلب دول الربيع العربي.

إن النتائج التي أسفرت عنها انتخابات 2011 والتي تمثلت في فوز حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية كانت منسجمة مع “تخطيط” و “إرادة” المخزن في امتصاص غضب الشارع وبغيته الالتفاف على مطالب الحراك المغربي، أما اليوم فالسياق غير السياق، وقد بدأت تلوح في الأفق ملامح سيناريوهات مغايرة تخدم احتياجات المرحلة كما يرسمها المخزن لا كما يحتاجها المواطن.

كيف تنظر الجماعة لهذه الانتخابات؟ وكيف تتفاعل معها؟

موقف جماعة العدل والإحسان من الانتخابات التشريعية لـ 7 اكتوبر2016 عبرت عنه بوضوح ومسؤولية من خلال إصدارها لوثيقة تدعو فيها الشعب المغربي إلى مقاطعة هذه الانتخابات مبينة المنطلقات والأسس التي بنت عليها موقفها هذا.

وهنا لا بد من أن نميز بين موقف الجماعة المؤيد للانتخابات كمبدإ ، باعتبارها أداة من أدوات التداول السلمي على السلطة، وفرصة يعبر من خلالها الناخب بحرية عن اختياراته وقناعاته السياسية معتمدا في ذلك على ما تقدمه الأحزاب من برامج انتخابية، وبين موقفها من العملية الانتخابية في المغرب والتي وللأسف الشديد هي عملية مشوهة ومعطوبة منذ ولادتها الأولى، وهذا أمر طبيعي لأن كل الانتخابات التي عرفها المغرب منذ بداية الستينات ارتكزت على أساس دساتير ممنوحة، والدستور الممنوح مهما جملت فصوله ومواده فهو يكرس دائما الاستبداد والحكم المطلق، وخير مثال على ذلك دستور 2011 الذي يصفه البعض أنه الأكثر تقدما من سابقيه، لكنه لم يشكل قطيعة مع الماضي، وبالتالي فإن الانتخابات التي ستنظم في ظله سواء كانت جماعية أو برلمانية لن ترقى أبدا إلى مستوى الانتخابات الديموقراطية.

هذا فضلا عما يشوب العملية الانتخابية في الواقع من سلوكات مثل التزوير وشراء الذمم وووو….

إن جماعة العدل والإحسان بموقفها المقاطع للانتخابات تنأى بنفسها أن تكون شاهد زور أمام الله والتاريخ، وتأبى أن تسهم في إضفاء الشرعية على الاستبداد والفساد، وترفض أن تزكي مؤسسات صورية وشكلية.

كما صارت العادة أستاذة أمان مع حلول “موسم الانتخابات” يطفو على السطح الحديث عن المرأة وقضاياها، ومشاركة المرأة وتمثيليتها وأحقيتها، ما قراءتك لذلك؟

تحتل قضية المرأة مكانا بارزا في اهتمامات الأنظمة والدول، فبلورة شروط الديمقراطية واحترام حقوق الانسان لا يتم دون فتح مجال لمشاركة المرأة وإدماجها في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

في المغرب المرأة تشكل نصف الساكنة أو أكثر، لكن للأسف فإن الاهتمام بقضاياها لا يرقى الى المكانة التي تحتلها في المجتمع، على الأقل من الناحية العددية. أما إن تحدثنا عن الفترات الانتخابية فلا يخفى عليكم التوظيف السياسوي للمرأة المغربية ولقضاياها العادلة إبان الحملات الانتخابية، مما يحول دون تحقيق حضور نسائي وازن لا على مستوى الكفاءات النسائية ولا على مستوى القضايا المطروحة.

زد على ذلك أن التهافت على الأصوات النسائية لا يترجم على مستوى البرامج التي تتبناها الأحزاب، إذ يتضح أن قضايا المرأة لا تتصدر اهتمامات الأحزاب الا في فترة الاستحقاقات الانتخابية لضمان خزان انتخابي مهم لا أقل ولا أكثر.

نفهم أن قضايا المرأة في المغرب، لا زالت هموما لم تجد بعد مفرجا، الغالب في التعامل معها انتهازية وظرفية هدفها جمع الأصوات أو كسب المقاعد، ألا ترين معي أن الجمعيات النسائية في المغرب لا زالت لم تلامس القضايا الحقيقية للمرأة؟ ألا ترسخ بعد هذه الجمعيات استغلال المرأة من أجل كسب الدعم ونجاح الحملات الانتخابية؟

إن الجمعيات النسائية مطالبة بالنضال من أجل القضايا الحقيقية للمرأة المغربية، والتي من شأنها أن تحفظ كرامتها وتضمن حقها في العيش الكريم ومساهمتها في تحقيق التنمية المنشودة وبناء غد العدل والحرية والكرامة، بعيدا عن المزايدات التي يعرفها النقاش حول حقوق المرأة ومطالبها. لكن المتتبع لمسار هذه الجمعيات – والتي هي رهينة للخطاب الحزبي في غالبيتها -سيجد انفصاما خطيرا بين الخطاب الحداثي لهذه الحركات والأشكال الفعلية للعلاقات الاجتماعية، وهذا الانفصام جعل الخطاب النسائي يجانب أحيانا أولويات المرأة المغربية ليتخذ بعدا نخبويا أو فئويا، مما يحد من فعاليته، ويجعله بعيدا عن هموم الفئات الشعبية التي ما زالت اهتماماتها متمحورة حول توفير المعيش اليومي لأسرها والبحث عن توفير أبسط الخدمات الاجتماعية كالتطبيب والتعليم والعيش الكريم.

كيف تتوقعين تأثير نتائج الانتخابات على الواقع المغربي وعلى وضعية المرأة المغربية خاصة؟

عرفت المشاركة السياسية للمرأة في المغرب تطورا بطيئا على مستوى الترشيح أو الفوز حتى سنة 2002 ، وهي سنة اعتماد الكوطا كإجراء قانوني مرحلي يسمح بتطوير الثقافة السياسية وتدليل العقبات أمام مشاركة المرأة، لكن الأرقام المسجلة ( 35 امرأة سنة 2002 وصولا الى 67 سنة 2011 ) تبين صعوبة فوز المرأة خارج هذه اللوائح الوطنية رغم مرور أكثر من عقد، كما أن هذه الآلية تختزل تمثيلية المرأة في عدد المناصب المحجوزة للعنصر النسوي واعتبارها مجرد “ديكور” يؤثث ركوب المغرب قاطرة الديموقراطية؛ وقد أثبتت التجربة بما لا يدع مجالا للشك أن التمكين السياسي للمرأة لا يمكن حصره بأي شكل من الأشكال في المعالجة القانونية، حيث أن مفاتيح قضية المرأة اليوم هي تغيير الذهنيات أكثر منها تغيير القوانين .

وبعيدا عن منطق الأرقام، فإن انتخابات تجرى في ظل دستور ممنوح ولعبة متحكم في مخرجاتها سلفا لن ينبثق عنها إلا مؤسسات صورية وشكلية يغيب فيها تحقيق العدل والكرامة والحرية للمواطن رجلا كان أو امرأة، ويتم توظيف المرأة فيها وللأسف الشديد كصورة وواجهة لتلميع المشهد السياسي ليس إلا.

سعدنا أستاذة أمان بهذه الاستضافة عبر موقع أخوات الآخرة، سدد الله خطاك وجعلك لسان صدق للدفاع عن المرأة وكل القضايا العادلة.