صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم ذكر مقيم حر وفي سن التكليف، يؤديها المسلمون كل أسبوع، ويوم الجمعة من أحب الأيام إلى الله تعالى، فإن كان لليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، فقد خص الله المسلمين بالجمعة دون غيرهم. هو يوم ليس ككل الأيام، هو سيد أيام الأسبوع، هو خير يوم تطلع فيه الشمس. وسبب تسميته بهذا الاسم كونه يجتمع فيه الخلق الكثير من الناس لأداء هذه الفريضة جماعة، والاستماع للخطبة التي هدفها جمع شتات المسلمين وتوحيد صفوفهم، ومعالجة قضاياهم سواء الدنيوية أو ما يخص مصيرهم الأخروي.
فضل يوم الجمعة
ليوم الجمعة خصائص كثيرة وميزات تظهر قدر هذا اليوم العظيم وفضله وشرفه بين الأيام والأزمان، فهو في الأيام كشهر رمضان بين الشهور، وفيه ساعة الإجابة كليلة القدر في رمضان. إن الجمعة ميزان الأسبوع، وشهر رمضان ميزان السنة، والحج ميزان العمر.
وهناك فضائل أخرى عديدة نجملها في ما يلي:
· أن الله سبحانه يغفر ذنوب وآثام وكبائر عباده ما بين الجمعتين.
· جلوس ملائكة الرحمن على أبواب المساجد وتسجيل أسماء المصلين الوافدين الأول فالأول.
· تستغفر الملائكة للمصلين الذين شهدوا الجمعة طيلة مكوثهم في المسجد.
· احتساب أجر كل خطوة يخطوها المؤمن صوب بيت الله في ذلك اليوم لحضور صلاة الجمعة، فكل خطوة تعدل في الأجر ثواب صيام سنة وقيامها.
· هو يوم عيد للمسلمين، يكره إفراده بالصوم.
· تعتبر صلاة الجمعة من آكد فروض هذا الدين.
ما يسن فيه من أعمال
– يسن في يوم الجمعة الاغتسال، وهي سنة مؤكدة، ولبس أحسن الثياب، والتطيب، وهو من الأمور المستحبة، والتبكير والذهاب مشيا لنيل الأجر والثواب، والمبادرة للصف الأول، والإكثار من الذكر، وصلاة النوافل، وقراءة القرآن إلى حين خروج الإمام…
– الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإكثار منها في يوم الجمعة وليلتها.
– قراءة سورة الكهف، فهي نور ينير للعبد يوم القيامة، ويغفر له.
– في يوم الجمعة ساعة إجابة إن وافقها مؤمن أعطي ما سأل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم و و قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه” (الدرر السنية – صحيح مسلم).
أنقذوا صلاة الجمعة يا علماء الأمة
بعد ذكرنا لفضائل هذا اليوم المبارك العظيم، نتساءل كيف يمكن الاستمرار في تعطيل صلاة الجمعة بدعوى الخوف من انتقال العدوى إثر جائحة كورونا، وتحت مبررات جد واهية، بينما تفتح المتاجر والأسواق الكبرى والأسبوعية المكتظة، والمدارس والمستشفيات، وكذا الشواطئ والقاعات المغطاة، والمقاهي المتراصة الواحدة تلو الأخرى..؟ والسؤال المنطقي: أيهما أضر وأدعى لانتشار الفيروس؟
كان الأمر مستساغا ومقبولا بداية لما كان الحجر شاملا وفي كل القطاعات، لكن لماذا تستثنى صلاة الجمعة وتعطل وتعود باقي القطاعات لحركتها الطبيعية؟
يكون مقبولا لو كان هناك تدرج في السماح بإقامة صلاة الجمعة، بل وحتى تقييد عدد المصلين والتأكيد على إجراءات الاحتراز، بحيث لا تعطل ولا تغلق نهائيا، كما هو معمول به في بعض مساجد البلدان الغربية، لكن أن تعطل وتوقف فهذا مما يبعث على العجب والاستنكار.
لا خوف على المصلين من العدوى، فليس هناك أنظف من مؤمن يتوضأ أكثر من خمس مرات في اليوم ليقصد بيت الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا” (الدرر السنية – أخرجه البخاري (528) ومسلم (667)). على الأقل إمكانية انتقال العدوى داخل المساجد تبقى منخفضة مقارنة مع باقي المؤسسات، فرواد بيوت الله من أكثر الناس انضباطا للإجراءات الاحترازية، وأداء الصلاة لا يقتضي التزاحم والتلاصق كما هو الشأن في أماكن أخرى كالأسواق والمقاهي.
هنا تطرح عدة تساؤلات من قبل كل غيور على دينه، وتطلق صرخات في أذن العلماء والفقهاء، وتوضع علامات استفهام يلزمها تعليل وحسن إقناع، فهل هي مسألة سياسية أم هو شأن طبي وقائي محض؟ أو قد يكون المقصود منه سلب حرمة هذه الصلاة وروحها، وإبعاد الناس عن المساجد خاصة الجمع و الجماعات…
يقول محمد حمداوي، أحد قياديي جماعة العدل والإحسان التي كانت سباقة لتوقيف أنشطتها وتجميدها منذ بداية تفشي الوباء، في شأن توقيف الجمعة بالمساجد: “أمر مريب وغير مفهوم هذا الإصرار العجيب الغريب على تعطيل صلاة الجمعة، بينما الأسواق والمدارس والمقاهي والحانات مفتوحة؟!” ويضيف: “يقع الإثم على صاحب القرار نعم، لكن أيضا على العلماء وعلى جميع المسلمين الساكتين على هذا المنكر الفظيع”.
هذه صرختنا فهل من مجيب؟؟