انتظر المغاربة وكل شرفاء العالم بعد الفضيحة المدوية لممثل الكيان الصهيوني، وجريمته التي لا تغتفر في حق مواطنات مغربيات تحرش بهن جنسيا، أن يتابع قانونيا ويحاكم على فعله الشنيع، وتثور ثائرة الدولة المغربية غضبا لمواطناتها، وتنهي علاقات التطبيع الخبيث مع الكيان المجرم الذي ما حل بأرض إلا ودنسها.
بل إن الانتظارات كانت أكبر من ذلك، خاصة وأن المتضررات وضعن شكايات حول هذا الأمر منذ شهور.
لكن التستر على هذه الجريمة كان سيد الموقف، ولم يفتضح أمرها – مع الأسف – إلا من قبل الاحتلال “الإسرائيلي” نفسه، بسبب تضارب المصالح وليس من باب إنصاف النساء المتضررات، خاصة وأن هذا الحدث واكبه سرقة هدية قيمة قدمت من القصر بمناسبة ما يسمى عيد “استقلال إسرائيل”، وبلغة أوضح هو تاريخ احتلال فلسطين من قبل الكيان الصهيوني وتهجير أبنائها وسرقة أراضيهم.
وهذا يعني أن الاحتلال الصهيوني متمرس ومحترف في السرقة، لكن حينما يتعلق الأمر بسرقته ولو من قبل بني جلدته، كما فعل مبعوثه بإخفاء وسرقة الهدية المذكورة، فالأمر هنا وفي قانون الكيان يحتاج للمحاسبة، بعد التحقيقات التي تجرى من طرف واحد ويغيب فيها من يفترض أن يكونوا حماة الملة والدين.
والحقيقة أني كلما تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ومن قتل دون أهله فهو شهيد” (1) أشعر بحرقة تعتصرني لقلة من يحمي أهله ولو بنفسه، والمقصود بذلك إذا اعتدي على أهله من النساء، خاصة في أعراضهن، وجب الذود عنهن وحمايتهن ولو كان ثمن ذلك حياة من يدافع عنهن. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، حين اعتدى يهود بني قينقاع على امرأة مسلمة وكشفوا بعض عورتها، فهمّ رجل مسلم وهو في سوق يعج باليهود وأخذ بثأر المرأة فاجتمعوا عليه وقتلوه، لكن الأمر لم يقف هنا فعرض المرأة المسلمة غال تحشد لحمايته الجيوش ويستنفر كل صاحب نخوة ومروءة، وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نقض اليهود عهدهم مع المسلمين واعتدائهم على امرأة مسلمة، كان الرد قويا ومزلزلا لكل من سولت له نفسه أن يخدش حرمة الإسلام ولو بشق نظرة.
أما وقد تغير الزمان، وعلا الصهاينة اليهود في الأرض، وأفسدوا فيها طولا وعرضا، وما عاد المحسوبون على جلدتنا يبالون لا بأرض ولا بعرض، فنحن بحاجة إلى نداء وصرخة امرأة قالت وامعتصماه فأجابها ملبيا النداء، ولا يخلو من أمتنا شرفاء لا شك يلبون النداء ويطردون الأعداء.
(1) عنْ أَبي الأعْوَر سعيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرو بنِ نُفَيْلٍ، أَحدِ العشَرةِ المشْهُودِ لَهمْ بالجنَّةِ، رضي الله عنهم، قَالَ: سمِعت رسُول اللَّهِ ﷺ يقول: “منْ قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شَهيدٌ، ومنْ قُتلَ دُونَ دمِهِ فهُو شهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهو شهيدٌ، ومنْ قُتِل دُونَ أهْلِهِ فهُو شهيدٌ”.
رواه أَبو داود، والترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.