توجيهات وتوصيات للآباء في ظل الحجر الصحي

Cover Image for توجيهات وتوصيات للآباء في ظل الحجر الصحي
نشر بتاريخ

الأطفال هم أساس الأسرة وزينة الحياة وعصب كل دولة وضمان نهضتها، وصلاحهم ضمان لمستقبل الأمة وطريق لرضا الحق سبحانه وتعالى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عساكر عن وائلة ابن الأسقع قال: “إنه من ترضى صبيا صغيرا من نسله حتى يرضى ترضاه الله يوم القيامة حتى يرضى”.

توجيهات وإرشادات

1- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في محبته للأهل والأولاد    

محبتنا للأهل والأولاد يجب أن تكون تابعة ونابعة من محبة الله ورسوله؛ النبع الصافي للإيمان والذي لاينضب أبدا، منه نشرب ونرتوي ونفيض به على الأهل والأولاد، لا مجرد محبة فطرية غريزية، بل وجب ربطها بمحبة الله ورسوله؛ فهي عبادة وطاعة وقربة إلى الله عز وجل. روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: رَأَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّسَاءَ والصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ – قالَ: حَسِبْتُ أنَّه قالَ – مِن عُرُسٍ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُمْثِلًا فَقالَ: اللَّهُمَّ أنتُمْ مِن أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ. قالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ (1).

2- القبلة والعناق سبيل التلاقي

أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره، وقال: “اللهم علمه الحكمة” (2)، وفي حديث آخر  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيت ميمونة فوضعت له وضوءاً من الليل قال: فقالت ميمونة: يا رسول الله وضع لك هذا عبد الله بن عباس فقال: “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل” (3) (فيض من العطف الأبوي).

3- علموا ولا تعنفوا

روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “علموا ولا تعنفوا فالمعلم خير من المعنف” (4).

وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا” (البخاري).

وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم فليسكت) (5).

وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما” (6).

جاء في وصية سحنون الفقيه لمعلم ابنه: “لا تؤدبه إلا بالمدح ولطيف الكلام فليس هو ممن يؤدب بالضرب والتعنيف”، ويقول الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله: “والطفل لا يتعلم إلا في جو مفرح”.

وقال عمرو بن عثمان في الإمام المزني، أحد خلفاء الشافعي: “ما رأيت أحدا من المتعبدين في كثرة ما لقيت منهم أشد اجتهادا من المزني، ولا أدوم على العبادة منه، ولا رأيت أحدا أشد تعظيما للعلم وأهله منه، وكان أشد الناس تضييقا على نفسه في الورع وأوسعه في ذلك على الناس”. وقال سفيان الثوري: “إنما العلم الرخصة من ثقة وأما التشديد فيحسنه كل أحد”.

4- تدريب حواس الطفل بالتجارب العلمية

رأى النبي صلى الله عليه وسلم طفلا يسلخ شاة وما يحسن، فما كان منه إلا أن شمر على ساعديه وبدأ بسلخ الشاة أمام الطفل، وقال له: “تنحَّ حتى أريك” (7).

5- مخاطبة الطفل على قدر عقله وبما يفهم

في معركة بدر حاول الصحابة أخذ معلومات من أحد أطفال المشركين حول عددهم، حيث سألوا الغلام عن عدد المشركين فلم يفدهم بشيء، لأن عقله لا يحسن عد المئات والآلاف، حتى تدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله: “كم ينحر القوم من الإبل؟ قال الغلام: بين التسعة والعشرة، فقال صلى الله عليه وسلم: القوم بين التسعمائة والألف”.

6- إظهار الشعائر أمام الطفل

إظهار الشعائر أمام الطفل من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ من صلاة مفروضة ونوافل وأدعية مباركة ليستن ويتبع ويرغب فيها وأنت مقبل عليه، وتشاركه ويشاركك في بعضها  تحبيبا وترغيبا حسب ما هو متاح وممكن. فقدرة الطفل على الالتقاط الواعي وغير الواعي كبيرة جدا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعينوا أولادكم على البر، من شاء استخرج العقوق من ولده” رواه الطبري.

7- اختيار الوقت المناسب للتوجيه

القلوب تقبل وتدبر، وتكل وتمل، فلنختار أفضل الأوقات للتوجيه، وهو ما يسمى بالزمن النوعي، قال الإمام علي كرم الله وجهه: “روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلب إذا أكره عمى”.

8- الابتعاد من كثرة اللوم

البناء التربوي للطفل حتى سن العاشرة يجب أن يتم بشكل تلقائي وذاتي إذا أمكن من غير حاجة للأمر والنهي. وممارسة الضغط على الطفل قبل الثامنة قد يؤدي إلى النفور من الدين وإيذاء نفسه، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، أما بعد هذا السن فلا إشكال في استخدام أسلوب الضغط، ولكن بشكل مدروس وفي الظروف المناسبة.

9- ترك وقت كافٍ للطفل ليلعب

جاء في كتاب العيال لابن أبي الدنيا عن الحسن أنه دخل منزله وصبيان يلعبون فوق البيت ومعه عبد الله ابنه فنهاهم فقال الحسن: “دعهم فإن اللعب ربيعهم”. وهذا عروة بن الزبير يقول لأبنائه: “يا أبنائي العبوا فإن المروءة لا تأتي إلا بعد اللعب”. ونبه الغزالي لأهمية اللعب بالنسبة للطفل، وكونه أهم الوسائل لاستفراغ التعب فقال: وينبغي أن يؤذن له بعد المكتب – الكتاب القرآني – أن يلعب لعبا جميلا يستفرغ إليه تعب الكتاب بحيث لا يتعب في اللعب. فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعليم دائما يميت القلب ويبطل ذكاءه، وينغص العيش عليه حتى يطلب الحيلة من الخلاص منه رأسا.

10- سياسة التغافل

فما استقصى كريم قط، قال تعالى: فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض (سورة التحريم، الآية 3). قال سفيان الثوري: مازال التغافل من شيم الرجال.

توصيات

1) إيجاد هدف عائلي مرحلي موحد والاحتفال عند تحقيقه.

2) احترام حقوق الطفل داخل البيت وخصوصا اللعب، فاللعب ربيع الصبيان وجنتهم.

3) تخصيص وقت للحديث الحر دون قيد أو شرط، وأن يتكرر بانتظام.

4) إيجاد توقعات بناءة وإيجابية للأطفال في ما يتوقعنه أن يحدث، حيث  يصبح دافعا قويا  لنا للاتجاه نحو ما توقعناه، قال ابن القيم الجوزية: “أصل الخير والشر منبعه الفكر”.

5) التعامل مع الأولاد كشخص مهم.

6) الاستماع والإصغاء والانتباه المركز له، مع التواصل بالعينيين، والصمت حين يحاول التعبير عن اختياراته.

7) استعمال اللغة غير المنطوقة كالإيماء بالرأس، والابتسامة، واللمسات الحانية.

8) عدم الاستهانة بأفكاره واستصغارها، ومحاولة تدعيمها بصدق لفظي أو غير لفظي.

9) النقد المبالغ فيه ينتج عنه الإحساس بالذنب والخجل بدرجة أكبر مما يستوعبها عقل الطفل، كما أن التوقف تماما عن التوجيه وعن أي نوع من اللوم يمحو الإحساس بالمسؤولية.

10) عند تعاملك مع الطفل استحضر دائما هذه المبادئ الخمسة:

–       مبدأ المحبة وعلى أساسها يقوم العطف والحنان.

–       مبدأ التشجيع والتحفيز.

–       مبدأ القيد الذاتي أو الوازع الديني.

–       مبدأ الاعتدال والتوسط.

–       مبدأ الحرية في إطار الآداب واحترام الغير.


(1) أخرجه البخاري (3785) واللفظ له، ومسلم (2508).

(2) رواه البخاري (3756).

(3) رواه البخاري (143) دون لفظ: ((وعلمه التأويل))، وأحمد (1/266) (2397)، وابن حبان (15/531) (7055)، والحاكم (3/615). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (8/300): منهم من أرسله والمتصل هو الصحيح، وقال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (3/29): متفق عليه دون قوله: ((وعلمه التأويل))، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/279): لأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح‏‏.

(4) رواه ابن عدي والبيهقي.

(5) رواه الإمام أحمد في المسند 1/329 وفي صحيح الجامع 693، 4027.

(6) رواه البخاري ومسلم.

(7) عن أبي سعيد رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بغلام يسلخ شاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنح حتى أريك، فأدخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها حتى توارت إلى الإبط، ثم مضى فصلى للناس ولم يتوضأ” أخرجه ابن حبان في صحيحه (3 / 438) حديث (1163).