أصدرت المندوبية السامية للتخطيط تقريراً صادماً عن وضعية سوق الشغل بالمغرب، مبرزةً أن 15 مليون مغربي في سن النشاط هم خارج سوق الشغل، تشكّل النساء منهم نسبة 73 في المئة.
المندوبية أفادت في “مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل” قدمتها حول وضعية السنة المنصرمة، بأن أكثر من شاب من بين أربعة تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة (بنسبة %25,2 أي حوالي 1,5 مليون من أصل قرابة 6 ملايين)، على المستوى الوطني، لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، وما يقارب %72,8 منهم نساء.
وبالإضافة إلى ضعف مشاركة الشباب عموما في سوق الشغل، يعاني أغلبهم من ارتفاع مستوى البطالة، لافتا إلى أن معدل البطالة يبلغ %32,7 لدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، بالإضافة إلى %13,2 بالنسبة للأشخاص البالغين ما بين 15 و44 سنة، و%3,3 لدى الأشخاص البالغين 45 سنة فما فوق. ويبلغ هذا المعدل ذروته %61,4 في صفوف الشباب حاملي الشهادات ذات المستوى العالي.
وليس تدني نسبة النشاط الاقتصادي، التي لا تتجاوز %44,3، وحدها مظهرا من مظاهر أزمة الشغل في المغرب، ففضلا عن أن هذه النسبة تتراجع بشكل سنوي، فالملاحظ أن هناك فرقاً كبيراً بين مجموع الشغل حسب قطاع النشاط الاقتصادي والعدد الإجمالي على المستوى الوطني، وهو حسب ما يذكر التقرير ناتج عما يسميه بـ”الأنشطة المبهمة أو غير مصرحة” التي تشكل حوالي مليون و163 ألف شخص. ناهيك عن أن أكثر من نصف نسبة السكان النشيطين المشتغلين (حوالي 51,2%) لا يتوفرون على أية شهادة، و10,7% منهم يزاولون عملا موسميا، و12,8% يزاولون شغلا غير مؤدى عنه.
ورغم إحداث العديد من مناصب الشغل بعد جائحة كوفيد إلا أن عدد المناصب المفقودة لم يقارب عدد المناصب المستحدثة، حيث فقد سوق الشغل 24 ألف منصب في السنة المنصرمة.
وتحتسب أرقام المندوبية ضمن الشغيلة النشيطة كل أنواع الشغل، حتى غير المستفيدين من التغطية الصحية المرتبطة بالشغل التي لا يستفيد منها قرابة %73.5 من النشيطين المشتغلين، أو المرتبطة بنسبة المستأجرين الذين لا يتوفرون على عقدة عمل تربطهم مع مشغليهم والذين يشكلون قرابة %51,2، دون الحديث عن نسب المشتغلين بالعقدة “الشفوية” أو حتى العقدة ذات المدة المحددة وما يرتبط بها من غياب الاستفادة من أي أقدمية.
وتكتفي المندوبية بوضع ما يصطلح عليه بـ”الشغل الناقص” لتصف الفئة المتضررة من الشغل الهش، وهي حسب المندوبية مرتبطة بمكونين أساسا، الأول يرتبط بعدد ساعات العمل (ويشكل نسبة %44,9)، والثاني يتعلق بالدخل غير الكافي أو عدم ملاءمة الشغل مع التكوين (ويشكل نسبة %55,1). وتشكل هذه الفئة نسبة %9 على المستوى الوطني من مجموع الفئة النشيطة، أي قرابة 970 ألف شخص.
وإن كانت هذه الأرقام لا تعكس بالضرورة حجم الهشاشة التي يكتوي بنارها مئات الآلاف ممن يشتغلون في ظروف غير إنسانية، لا تحفظ الحد الأدنى من الكرامة، حيث يشكل عدد هائل من الوظائف المحتسبة ضمن الشغيلة النشيطة شكلا من أشكال البطالة المقنعة التي توفر يدا عاملة رخيصة في وظائف غير قارة ومؤقتة، ولا تقدم، وفق المعايير التي تعتمدها، النسب الحقيقية، إلا أنها على الأقل تكشف جزءا من الواقع المأساوي.