تقدير موقف.. “هيئة النصرة” تنتقد القرار الأممي وتعتبره عزلا لغزة واستهدافا لوحدة القضية وبنية المقاومة

Cover Image for تقدير موقف.. “هيئة النصرة” تنتقد القرار الأممي وتعتبره عزلا لغزة واستهدافا لوحدة القضية وبنية المقاومة
نشر بتاريخ

اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يتعلق بإنشاء “قوة الاستقرار الدولية” في قطاع غزة، وهو قرار يأتي في “ظل لحظة سياسية وإقليمية معقدة” أعقبت حربا مدمرة، وقد أعلنت الولايات المتحدة انتهاءها وفق خطة الرئيس ترامب، رغم أن “الاحتلال ظل مسيطرا على المعابر والأجواء والمنافذ”. وأصدرت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة “تقدير موقف” مفصلا، خلص إلى أن القرار يمثل “انتقالا من إدارة الحرب إلى إدارة ‘ما بعد الحرب’ في إطار رؤية أمنية تعيد تشكيل غزة بعيدا عن سياقها الوطني، وتستهدف بنية المقاومة ووحدة القضية”.

الخلفيات الاستراتيجية للقرار ودلالات التصويت

وأكدت الهيئة في وثيقتها أن الولايات المتحدة طرحت مشروع القرار مدفوعة برؤية تسعى إلى “إعادة تشكيل الوضع الأمني والسياسي في غزة بما يضمن منع عودة المقاومة إلى بناء قدراتها أو إدارة القطاع من جديد”، فيما رأت أطراف أخرى أن القرار محاولة “لإعادة تدويل قضية قطاع غزة وفصلها سياسيا عن القضية الفلسطينية عبر إنشاء مرحلة انتقالية تدار من الخارج”.

ويشير تقدير موقف الهيئة إلى أن القرار لا يمكن فهمه بمعزل عن خلفياته الاستراتيجية، وأبرزها “الرغبة الأميركية في منع إعادة بناء بنية المقاومة بعد الحرب”، و”محاولة إسرائيل تثبيت معادلة ‘غزة منزوعة السلاح’ عبر مسار دولي”، بالإضافة إلى “السعي لإعادة هندسة النظام السياسي الفلسطيني عبر مرحلة انتقالية تدار خارجيا”.

أما بنية التصويت، فقد اتسمت بـ “انقسام واضح بين القوى الدولية”، حيث دعمت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى القرار، بينما اتخذت الصين وروسيا ودول أخرى “مواقف متحفظة أو امتنعت عن التصويت، اعتراضا على غموض التفويض الممنوح للقوة الدولية، وعلى تجاهل جوهر الصراع المتمثل في الاحتلال”.

قراءة نقدية للقرار ومواقف الأطراف الفلسطينية

يرى تقدير الموقف أن القرار الأممي ينطوي على مخاطر عدة، أبرزها “عزل غزة عن سياقها الوطني”، حيث يتعامل معها بوصفها “منطقة أمنية دولية” منفصلة عن القضية الفلسطينية، ويركز “instead على إدارة مرحلة انتقالية مفروضة من الخارج”، وهو ما “يعمق خطر فصل غزة سياسيا وقانونيا عن الضفة والقدس”.

كما يشدد التقدير على أن القرار “يؤسس لآلية تشبه الوصاية الدولية”، حيث “يعيد إنتاج الاحتلال عبر قناة أممية”، ويصف أخطر ما فيه بأنه “يفصل بين ‘غزة’ و’المقاومة’، ويجعل سلاح المقاومة جزء من جدول أعمال دولي”، وهو ما “يمس أحد ثوابت نضال الشعب الفلسطيني ويخدم الرواية الصهيونية”.

فيما يتعلق بمواقف الأطراف الفلسطينية، فقد أكدت الهيئة أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضت القرار رفضا قاطعا”، واعتبرته “فرض وصاية دولية على غزة ومحاولة لتطبيق أهداف الاحتلال عبر آلية أممية بعدما عجزت القوة العسكرية الصهيونية عن تحقيقها”، بينما “رحبت السلطة الفلسطينية بالقرار بوصفه مدخلا لترتيبات سياسية جديدة في غزة”.

التحديات أمام التنفيذ وأوراق القوة الفلسطينية

يواجه تنفيذ القرار الأممي -وفق وثيقة الهيئة- تحديات كبيرة، أبرزها “انعدام الشرعية السياسية الداخلية للقرار”، حيث “لا توجد جهة فلسطينية جامعة توافق على القرار أو مستعدة لتنفيذه بصيغته الحالية”، بالإضافة إلى “استمرار السيطرة الصهيونية على المنافذ”، ما يمكن الاحتلال من “تعطيل أي مسار سياسي أو أمني تنص عليه المرحلة الانتقالية”.

ومن التحديات الأخرى التي يوردها التقدير “الرفض الشعبي الواسع في غزة”، حيث إن “الناس في غزة المنهكة من الحرب يرفضون أي وجود عسكري أجنبي داخل القطاع”، ما يجعل انتشار القوة الدولية “محفوفا بالصدام ويفقد العملية أي غطاء اجتماعي”، إلى جانب “هشاشة القوة الدولية وتعدد أجنداتها”.

في المقابل، يمتلك الشعب الفلسطيني ومقاومته “أوراق قوة” يمكن توظيفها، أهمها “الشرعية الشعبية ومركزية المقاومة”، التي تملك “رصيدا شعبيا قويا في غزة، يرفض الوصاية الدولية”، و”القدرة الميدانية على فرض خطوط حمراء”، بالإضافة إلى “وحدة الموقف الفصائلي الرافض للتدويل”، و”قوة الموقف القانوني الدولي” الذي “يكفل حق الشعوب المحتلة في المقاومة وتقرير المصير”.

توصيات الهيئة على المستويات المختلفة

خلصت الهيئة إلى مجموعة من النتائج العملية، مؤكدة أن “أي ترتيبات انتقالية لا تفضي إلى هذا الهدف المركزي لن تكون سوى إدارة للأزمة”، وتدعو على “المستوى الدولي” إلى “معالجة جذور الصراع وليس الاكتفاء بإدارة نتائجه، عبر التركيز على إنهاء الاحتلال ورفع الحصار”.

وعلى “المستوى العربي والإقليمي”، تشدد الهيئة على “رفض أي ترتيبات تمس وحدة الأرض والشعب الفلسطيني”، وعلى “ضرورة تشكيل موقف عربي موحد يرفض فرض وصاية دولية على غزة أو تجريم المقاومة”، وتدعو إلى “دعم جهود الإعمار بعيدا عن الشروط السياسية”.

أما في “الجانب الفلسطيني”، فتدعو الهيئة إلى “إطلاق حوار وطني شامل يعيد بناء الوحدة الفلسطينية على قاعدة حماية المقاومة ووحدة الأرض والشعب”، وتؤكد أن “سلاح المقاومة جزء من حق الدفاع عن النفس”، وفي “السياق المغربي”، ترى الهيئة ضرورة “تعزيز الموقف الشعبي والمدني الرافض للتطبيع مع الاحتلال، والمطالبة بوقف كل أشكال التطبيع”.