تجليات قوة الفعل في الذكرى الخامسة لرحيل الإمام

Cover Image for تجليات قوة الفعل في الذكرى الخامسة لرحيل الإمام
نشر بتاريخ

ومرة أخرى أبانت جماعة العدل والإحسان في إحيائها للذكرى الخامسة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين، على أنها تنظيم قوي ممانع يملك من القوة الاقتراحية ومن الفعل الواعي والوعي الفعال ومن المبادرات الوازنة ما يجعلها على رأس قائمة الفاعلين المؤثرين في واقع الأمة.
كثيرة هي المواقف وتجليات القوة والجرأة التي خاضتها الجماعة في مسارها النضالي، ولسنا هنا لذكرها كلها، وإنما سنقتصر على رصد هذه التجليات في لقاء الذكرى الخامسة لرحيل الإمام رحمة الله عليه، ونذكر منها ما يلي:
أولا- بر أبناء الجماعة بمرشدهم الراحل وحرصهم على تخليد ذكراه كل عام هو اعتراف بالجميل لهذا المربي الجليل، وتأكيد على أنهم مازالوا على العهد في تبليغ وصاياه في الدعوة الى الله تعالى بالرحمة والحكمة، والتواصل مع الناس والرفق بهم، وهذا إخلاص و فعل قوي وقوة يقين .
ثانيا– إصرار الجماعة على بناء جسور التواصل بينها وبين فضلاء الأمة، وإن اختلفت الايديولوجيات وتباينت المرجعيات الفكرية، لإيمان الجماعة بأن الوطن للجميع وأن بين الفرقاء هناك أرضية مشتركة ينبغي أن يتلمسوا جميعا حدودها ويسطروا خريطة الأمل لبناء مجتمع العمران الإنساني الذي يعترف للجميع بالحرية والكرامة والقسمة العادلة، وتلك قوة في نكران الذات وإشراك الآخر، وهو شيء عجز سياسيو القفة والمصلحة على الوعي به فضلا عن تبنيه.
ثالثا– تعد الجماعة من التنظيمات الإسلامية القليلة التي تؤمن بمشاركة المرأة وكونها طرفا مهما في التأسيس والبناء المجتمعي، بل وتخص منهاجا ورؤية وتصورا خاصا سطره الإمام في كتاب تنوير المؤمنات، ضمنه تحليلا لمسار قضية المرأة تاريخيا مع توجيهات عملية تنير طريق المرأة في برجها الاستراتيجي داخل بيتها ، وفي فعلها التأثيري في المجتمع، اعترافا بقدرات النساء و إمكاناتهن في حقل الدعوة إلى جانب الرجل. وهذه قوة وجرأة في الطرح كسرت تقليدا فكريا ساد لسنوات في المجتمعات الإسلامية اعتبر المرأة هي الجانب الأضعف وغير المجدي فيما سمي لعقود بعصر الحريم. قوة وفعل قويان يظهران جليا وعمليا في تكليف السيدة “أمان جرعود ” بالمحور الأساسي، موضوع ندوة الذكرى، لتناوله بالبحث والتحليل وعرضه أمام حضور متنوع من الفاعلين والمثقفين والصحفيين وغيرهم نيابة عن إخوتها في التنظيم، وبكل ثقة ولطف وقوة وحكمة، وكان بالفعل تناولا منهجيا دقيقا مركزا محترما قواعد التحليل، وهي نموذج لنساء كثيرات تربين في حضن هذا التنظيم العصي على التدجين وتكونّ في أروقته الفكرية ونهلن من مناهل مرجعتيه الزاخرة بما يفيد الأمة في حاضرها ومستقبلها، فاعلات وواعيات.
رابعا– رغم ما تعانيه الجماعة من تضييق مخزني وحرمان متعدد الجوانب، كحرمانها من فضاءات وقاعات للتواصل مع أبناء الشعب، فلم يمنع إصرارها وإيمانها بقضيتها من أن تبذل الغالي والنفيس في كل أنشطتها بسخاء، ولم يثن عزمها عن الإنفاق والاعتماد على مصادرها الذاتية البسيطة، وثمة تكمن قوة العطاء بلا مقابل.
خامسا– وأختم بقوة هادئة لطيفة، هي قوة الذوق والجمال، قوة تجلت في حسن الاستقبال وفي الاهتمام بأدق التفاصيل علاوة على جمالية الفضاء رغم صغره ومحدودية جوانبه، وقوة الذوق تعكس روحا لطيفة يتمتع بها أبناء الجماعة، مما تربوا عليه بين أحضان الإمام الذي كان لا يضيع فرصة متاحة إلا وأشار إلى هذه الجزئية: الإحسان في كل شيء نقوم به، وهي قيمة ربانية اكتشفناها في سيرة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وفي سلوك أمهات المؤمنين وفي سير الصحابيات، وهي قيمة تعكس شعار الجماعة ومشروعها الأعظم وهو العدل والإحسان.
جعل الله لنا ولكم نصيبا من ذوق وتلطف وإحسان وإتقان الرعيل الأول. آمين