يتعب القلب كثيرا فلا يجد وسيلة لتجديد همته إلا العكوف على الكلمة الطيبة، الكلمة المفتاح لكل خير: (لا إله إلا الله).
كلمة لا يعلم سرها إلا الله، ولا يتلقى بركاتها إلا قلب موقن بالله؛ فمن أغلق نوافذ قلبه، أنّى يدخل له النور؟
تلك الحجب الكثيفة التي تتراكم يوما بعد يوم، وعمرا بعد عمر، تعيق نبض القلب، فتلقي به في صف الغافلين، بل دعني أقل: صف المعتقلين في سجون النفس. حبال تلفه، فكيف يتخفف من عِقاله؟
أحتاج أن أعترف بداية أني مرهق حد الالتصاق بالأرض، متثاقل لا أقوى على الحركة، مغمض العينين، مسلوب الإرادة، منطفئة جمرتي، شاحبة روحي.
يا لتعب المسكينة!
كأني أسمع نداءها الخفي، وأرى غرقها الموشك، فهل إلى نجاة من سبيل؟
من يدلك على المفتاح؟ بل كيف تدير المفتاح وقد دلك الله عليه؟ وبأي همة تفتح باب الدخول؟
فإنك إن دخلت؛ دخلت دخولا لا خروج بعده؛ الكريم لا يرجع في كرمه، وإنما تهذيب وتطهير وتزكية.
لا إله إلا الله مبتدأ الطريق ووسطه ومنتهاه.
جدد نيتك، واشدد بأزر روحك، واجعل الله صاحبا لك في السفر.
أنت دائم الترحال، فتزود من لا إله إلا الله.
مع كل لا إله إلا الله قلتها حاضرا ينخلع عنك حجاب يثقلك، فيتخفف سيرك وتنشط من عِقال.
قال الحبيب المصطفى، النبي المجتبى، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا: “أكثروا من قول لا إله إلا الله”.
واتركها لهمتك وشوقك ويقينك. أتراك تبخل فتُحرَم، أم تُكثِر فتُكرَم؟ ومن زاد، زاد الله له؛ فلا يتعاظمَنَّ على الله ذو كرم إلا عرفه اللهُ على كمال كرمه، وهو أكرم الأكرمين. ربي وربك الله.
لا إله إلا الله لكل النوايا؛ إن استدفعتَ بها الشر دفعته، فلا غالب إلا الله، وإن استنفعتَ بها خيرا أتت به محمولا على التحقق حتى تراه عينك، فلا راد لفضله.
وإن استرفعتَ بها مقاما رفعتك؛ ألست تسمع: (اقرأ وارق).
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ.
لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم.
لا إله إلا الله ذو الوجه الكريم والسلطان القديم.
لا إله إلا الله باسط يد رحمته ولطفه على العالمين.
لا إله إلا الله ذكر المحبين وتاج المقربين.
لا إله إلا الله ذكر العارفين ونور مبين.
من يزعم أنه عرف قدر لا إله إلا الله؟
كلا والله! لا سبيل لنا عليها إلا أن يذيقنا الله أثرا من فضله وإحسانه، ويبسط علينا جمالا من فتحه وإكرامه.
فكن الملح في الطلب، ولا تغفل عن لا إله إلا الله.
اتخذ لك وردا لا تهجره؛ فوردك واردك.
واضرب لك مع الله موعدا تجلس فيه بأدب الجالسين، ولا ترض أن تقف عند الباب؛ فما ينتظرك من خير يحتاج إلى همة تخطو بك إلى منتهى القرب، والقريب لا حد لقربه. والسير في طريق الواصلين… وصول.