بمناسبة 10 دجنبر.. الفضاء المغربي لحقوق الإنسان يدعو إلى “جبهة حقوقية وطنية”

Cover Image for بمناسبة 10 دجنبر.. الفضاء المغربي لحقوق الإنسان يدعو إلى “جبهة حقوقية وطنية”
نشر بتاريخ

دعا الفضاء المغربي لحقوق الإنسان الأجهزة الحكومية المغربية في تقرير له بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان إلى “تحمل مسؤوليتها اتجاه التردي الخطير للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، أمام الارتفاع المهول للأسعار”، مشددا على ضرورة التجاوب مع الديناميات الاحتجاجية بالإنصات لبعض المحتجين وتحقيق مطالبهم المشروعة. كما طالب السلطات بـ “الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والصحفيين والمدونين ومعتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير، والعمل على حماية المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان”.

ورفع “الفضاء المغربي” للذكرى الرابعة والسبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شعار “من أجل جبهة حقوقية وطنية دفاعا عن الحقوق والحريات وتحقيقا للكرامة والعدالة”، منبها السلطات إلى ضرورة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحرية التنظيم والتجمع، باعتباره حقا كونيا وإنسانيا مقدسا لا ينبغي المساس به، حسب مقتضيات المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وطبقا للفصل 29 من الدستور المغربي.

الدولة تستمر في انتهاج سياسات عمومية مكرسة للفقر ومنتجة للحرمان

التقرير الشامل الذي أصدره الفضاء يوم أمس السبت 09 دجنبر 2022، وصف التراجعات المستمرة لوضعية حقوق الإنسان في المغرب بـ “الخطيرة”، على كل المستويات المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبيئية والتنموية وحقوق الفئات.

وأشار إلى أن هذه التراجعات تأتي في الوقت الذي تستمر فيه الدولة في “انتهاج سياسات عمومية مكرسة للفقر ومنتجة للحرمان، وتبني مقاربة أمنية شرسة لمواجهة مطالب المواطنات والمواطنين واحتجاجاتهم المتواترة المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.

وأشار التقرير إلى أن عدة تقارير دولية ووطنية صدرت من قبل عدة منظمات حقوقية طالبت فيها السلطات المغربية بوقف المتابعات القضائية على خلفية التدوين والنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا الكف عن قمع النشطاء والصحفيين والأصوات المعارضة من خلال محاكمات جائرة وأحكام سجن طويلة بتهم جنائية مفبركة للتغطية على حقيقة المتابعات ذات الطابع السياسي، وحملات تشهير في وسائل الإعلام التابعة للسلطة.

قمع المعارضين ومنع بعضهم من مغادرة التراب الوطني ومتابعتهم بتهم ملفقة

وبخصوص الحق في الحياة فقد عبر الفضاء المغربي “عن قلقه الشديد اتجاه البطء غير المستساغ في التحقيق بخصوص الملفات المرتبطة بحوادث ماسة بالحق في الحياة أثناء التظاهر،  أو أثناء تواجد مشتبه بهم رهن الحراسة النظرية”، وذكر في ذلك ملف كمال عماري شهيد حركة 20  فبراير حيث تم حفظ الشكاية دون أسباب معقولة، وملف الشاب ياسين الشبلي الذي قضى بمخفر الشرطة القضائية ببنجرير، مطالبا بـ “فتح تحقيق نزيه ومسؤول” مع كشف الحقيقة في هذا الملف وجبر ضرر الضحية والعائلة المكلومة، وترتيب الجزاءات في حق كل المتورطين، حتى لا يتكرر ما جر.

واستنكر تقرير الفضاء استمرار الاعتقال السياسي، والمحاكمات غير العادلة، ومواصلة السلطات رفضها الاستجابة لقرارات فريق الأمم المتحدة الخاص بالاعتقال التعسفي، التي تطالبها بإطلاق السراح الفوري لمجموعة من معتقلي الرأي من المدونين والصحفيين وجبر أضرارهم.

كما وقف على “قمع المعارضين السياسيين ومنع بعضهم من مغادرة التراب الوطني ومتابعتهم بتهم ملفقة قصد الزج بهم في السجون وتلطيخ سمعتهم وسمعة الإطارت السياسية والحقوقية التي ينتمون إليها، أمثال الدكتور باعسو ـ الدكتور لمعطي منجب ـ الدكتور رضا بنعثمان ـ النقيب زيان…”

منع تنظيمات من فضاءات عمومية وتشميع بيوت مواطنين

كما سجل التقرير امتعاضه من عدم تمكين تنظيمات حقوقية وسياسية من قاعات وفضاءات عمومية لعقد مؤتمراتها، والتضييق الممنهج “على الحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات والانضمام إليها، وذلك من خلال امتناع السلطات عن تسليم وصولات الإيداع القانونية المؤقتة والنهائية لعدد من الهيئات الحقوقية والسياسية والنقابية، والجمعيات الوطنية والمحلية أثناء التأسيس أو التجديد وفق القوانين الجاري بها العمل”.

كما سجل التقرير في هذا الصدد، استمرار تشميع البيوت لمواطنين من جماعة العدل والإحسان الأربع عشرة خارج إطار القانون، وتعرضها المستمر لسرقة واتلاف محتوياتها في غياب تام للحراسة والصيانة، معتبرا أن إغلاق هاته البيوت هو “بمثابة اعتداء مادي على ملكية نشطاء العدل والإحسان، وفعل يجرمه القانون الوطني والدولي”

واعتبر هذا التشميع “شططا في استعمال السلطة، يوقع على مرتكبيه جزاء وعقابا مشددا يصل إلى غاية العزل من الوظيفة والتجريد من الحقوق الوطنية“. مشددا على أن جميع القرارات الآمرة بإغلاقها “تعد قرارات باطلة ولا تستند إلى أي مؤيدات قانونية وقضائية، مما يستوجب إلغاءها وإبطالها واعتبارها هي والعدم سواء، لكونها مشوبة بعيب عدم الاختصاص، وعيب الشكل، وعيب السبب، وعيب مخالفة القانون، وعيب الانحراف في استعمال السلطة”.

قانون المالية لسنة 2023 سيعمق من أزمة الفقر

وفيما يتعلق بالحق في الشغل، سجل الفضاء المغربي لحقوق الإنسان هذه السنة “تفاقم البطالة بشكل كبير نتيجة أزمة التشغيل والتسريحات التعسفية التي يتعرض لها الآلاف من العمال والعاملات بالقطاع الصناعي والزراعي والسياحي في العديد من المدن كالبيضاء ومراكش وأكادير…”

ورأى تقرير الفضاء أن السياسات العمومية المتبعة كرست التفاوتات وسببت في الارتفاع المهول للأسعار، كما أن قانون المالية لسنة 2023، سيعمق من أزمة الفقر الذي يشكل تحديا صعبا بالمغرب، إلى جانب استهدافه للمهن الحرة من بينها المحامين بضرائب تفتقد إلى المشروعية وتتعارض مع مبادئ العدالة الضريبية والمساواة والقدرة.

كما انتقد تقليص ميزانية التعليم في الوقت الذي أصبحت تتحمل فيه الأسر مجموعة من النفقات المدرسية، مع استفحال ظاهرة الهدر المدرسي التي تشكل تحديا كبيرا حيث بلغ عدد الأطفال الذين غادروا المدرسة السنة الماضية حوالي 331.600 تلميذة وتلميذا.

تزايد حالات الغرق عبر البحر نتيجة الهروب من تردي الأوضاع

ووقف التقرير عند “التراجعات خطيرة على مستوى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للنساء، وارتفاع مظاهر العنف ضدهن بكل أشكاله، وخصوصا العنف ضد المدافعات عن حقوق الإنسان ومضايقة العديد منهن ومحاكمة أخريات”.

واعتبرت الهيئة الحقوقية المغربية أن الترسانة القانونية المعمول بها إلى اليوم “لا توفر ضمانات حقيقية لحماية النساء من كل أشكال العنف المادي والرمزي”.

وبينما طالب الفضاء في تقريره الدولة بإعمال سياسات عمومية “تمكن للنساء اقتصاديا وتصون كرامتهن وتحميهن من كل استغلال”، حذر كذلك من “التفشي الواسع للاعتداءات الجنسية والاغتصابات في حق الأطفال، وكذا مصادرة حق الأطفال في الترفيه والاستجمام بمنعهم من حقهم المشروع في التخييم بسبب الانتماء السياسي لآبائهم”.

وشدد تقرير الفضاء على أن التزايد الكبير في حالات الغرق والوفيات جراء محاولات الهجرة عبر البحر، هو “نتيجة السياسات الأمنية التي جعلت من الحدود مقبرة للهاربين من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلدانهم”.