بعد 591 يوما.. حرب الإبادة الجماعية تستمر والحصيلة الثقيلة تفضح “صمت العالم”

Cover Image for بعد 591 يوما.. حرب الإبادة الجماعية تستمر والحصيلة الثقيلة تفضح “صمت العالم”
نشر بتاريخ

ما يزال الكيان الاحتلالي الإرهابي يواصل حرب الإبادة الجماعية بما هي قتل جماعي منظم وتدمير متعمد ومنهجي على أساس تمييز عرقي وعقدي، في غزة الجريحة لليوم 591 على بدء العنوان و63 بعد تملص رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو من اتفاق وقف إطلاق النار بدعم أمريكي مباشر وصمت دولي متواطئ وتخاذل عربي مخز، لترتفع حصيلتها، بعد استشهاد حوالي 540 شهيدا خلال الأربعة أيام الأخيرة، إلى 174.873 شهيدا وجريحا؛ منها 53,486 شهيدا و121,398 إصابة.

وما تزال الصور التي تجوب العالم لحظة بلحظة تنقل مآسي عميقة تندى لها جبين الإنسانية، وتفند كل دعاوى الحضارة والتقدم والقوانين والحقوق والقيم والسيادة… أجساد تحرق، وأشلاء تتطاير في الهواء، وأوصال تقطع، وفقد يشق الأفئدة، وإعدامات ميدانية أمام أفراد العائلة، واختطافات واعتقالات وتعذيب يجافي المعقول… غارات وقصف وأحزمة نارية لا تفتر…

يصاحب هذا العدوان تدمير متوحش للمنازل، حيث تقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أن 92 بالمئة من منازل غزة تعرضت لتدمير كلي أو ضرر جزئي، يصاحبه نزوح متكرر في ظروف إنسانية غاية في الصعوبة؛ حيث نقص المأوى وتكدس الخيام التي لا تسلم هي الأخرى من القصف رغم إعلان مناطقها آمنة…

لم يترك الكيان الغاشم سلاحا إلا استعمله، بما في ذلك المحرم دوليا على مرأى العالم، فإضافة إلى معداته وأسلحته العسكرية فإنه يستخدم الغذاء كسلاح في حرب الإبادة المستمرة، ويواصل غلق المعابر كلها مانعا إدخال المواد الغذائية والإمدادات الطبية والوقود، مما أدى إلى نفاد المواد الغذائية وارتفاع مهول في أسعار ما تبقى منها، وتفاقم خطر المجاعة التي تصاعدت آثارها وأصبحت تودي بحياة الكبار والصغار؛ من ذوي الاحتياجات الخاصة والحوامل والأطفال والمرضى.. فغزة اليوم تتضور جوعا بينما تنتظر 116 ألف طن من الغذاء على الحدود.

ولأن الكيان السرطاني لا يرعوي لقيم ولا لقوانين، وسعيا منه لطمس الحقيقة التي عرت طبيعته المتعطشة للدماء وكونه خطرا حقيقيا على الإنسانية وعلى اجتهاداتها، فقد دأب منذ بداية عدوانه على توجيه سهام آلته الحربية إلى ناقلي الأخبار؛ الصحفيون الذين كان لهم الباع الطويل في تفنيد السردية الصهيونية الكاذبة وفضح أعمالهم القذرة، مما أسفر عن قتل 215 صحفيا منذ بداية العدوان، كان آخرها اغتيال الصحفي حسن إصليح  داخل مستشفى الشفاء في مجمع ناصر الطبي بخانيونس، بعدما فشلت محاولته الأولى قبل 37 يوما في تصفيته، وخرج منها مصابا بجروح خطيرة في السابع من أبريل المنصرم إثر قصف لخيمة الصحفيين، فأعاد الكرة ليغتاله هذه المرة فوق سريره بالمستشفى، في جريمة بشعة جمعت بين الاعتداء على مهنتين إنسانيتين مؤطرتين بقوانين دولية.

ولم تكن هذه أول مرة يستهدف فيها مستشفى، فللكيان المجرم سوابق عديدة في استهداف المستشفيات والطواقم الصحية ومستودعات المهمات الطبية، لتصبح المنظومة الصحية شبه منهارة، كان آخرها غارة على مستودع الأدوية بالمستشفى ذاته؛ مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، صباح اليوم الإثنين 19 ماي 2025، هذا عدا وفاة المرضى نتيجة غياب المستلزمات الطبية ونقص الأطر الصحية التي تتعرض هي أيضا للقتل الممنهج والاعتقال غير القانوني.

ولم تسلم كوادر الإغاثة الإنسانية من هذه الهمجية التي وصمت التاريخ الحديث، فقد أعلن المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، قبل بضعة أيام عن قتل أكثر من 300 من موظفي الوكالة في غزة منذ بدء العدوان.

ناهيك عما يقع في القدس الشريف من اقتحام قطعان المستوطنين لحرمته تحت الحراسة، والمحاولات المتكررة لذبح القرابين، وفي الضفة أيضا من قتل وهدم للبيوت وإخلاء للمناطق، واعتداءات متكررة على أصحاب الأرض..

كل هذه الجرائم السادرة في الوحشية والإرهاب وعيون العالم مغلقة وصوته مكتوم، إلا ما كان من هبة الأحرار على اختلاف أديانهم ومللهم وأجناسهم وأعراقهم الذين يخرجون معلنين تضامنهم وإسنادهم للمقاومة الفلسطينية وخصوصا الغزاوية، ورفضهم لما يقع على أرضها من حرب إبادة وتطهير عرقي، وتنديدهم بالسلبية التي تبديها الدول رسميا تجاه القضية، ودعوتهم للضغط في اتجاه إنهاء هذا العدوان المسعور.