بعد مليونية الرباط.. مليونية جديدة في الدار البيضاء ينتفض فيها الشعب المغربي نصرة لغزة الإباء

Cover Image for بعد مليونية الرباط.. مليونية جديدة في الدار البيضاء ينتفض فيها الشعب المغربي نصرة لغزة الإباء
نشر بتاريخ

سارع آلاف من ساكنة البيضاء نحو نقطة انطلاق المسيرة التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بالدار البيضاء، حيث احتشدوا قبل الوقت المعلن عنه بأكثر من ساعة، تدفقت خلالها جموع غفيرة من شتى الاتجاهات المحيطة بمسجد السنة في الدار البيضاء صباح اليوم الأحد 29  أكتوبر 2023، لتلتحم بوجوه وطنية معروفة وبأعضاء الجبهة محليا ووطنيا، ويتجه الجميع نحو زنقة محمد الحياني فشارع إبراهيم العلمي فشارع أبي شعيب الدكالي، وتختتم عند تقاطعه مع شارع عبد الله الصنهاجي.

عرفت المسيرة نزولا منظما لمختلف فئات المجتمع المغربي المكلوم على إخوته، في تنسيق بديع محكم، رجالا ونساء وشبابا وأطفالا.. كلهم رددوا الشعارات المرفوعة بقوة ما يعتلج في صدورهم علّ صوتهم يصل حكامهم والعالم أجمع، ومن بين الشعارات التي رفعت في مسيرة اليوم: “المغرب وفلسطين، شعب واحد مش شعبين”، “يا شهيد ارتاح ارتاح، سنواصل الكفاح”، “يا صهيوني يا ملعون، أقصانا في العيون”، “باليد اليد اليد، فلسطين قوية”، “سحقا سحقا بالأقدام، للصهيون ومريكان”، “شعب الأقصى سير سير، حتى النصر والتحرير”، “الشعب يريد إسقاط التطبيع”..

 

وقد عدّ الأستاذ سعيد مولاي التاج، عضو المكتب المركزي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، والتي تعتبر شريكا للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، المسيرة “حدثا مهما ومحطة تضاف إلى سجل الفخر المغربي”، وأوضح أن “الشعب المغربي يؤكد على تضامنه مجددا في مسيرة مليونية أخرى، لأن العدوان الصهيوني ما يزال مستمرا على شعبنا في فلسطين وفي غزة، ولأن القصف مستمر، ولأن استهداف المدنيين ما زال مستمرا، فالشعب المغربي ما زال مواكبا لهذه الأحداث بقلبه ووجدانه وروحه، وأيضا بفعالياته المدنية وعلى جميع الواجهات”. وأكد أن الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة “شريك قوي في هذا التضامن الشعبي غير المسبوق، فهي دائما حاضرة وبقوة على جميع المستويات؛ حيث نظمت وقفات مسجدية وإفطارات تضامنية وحملات للدعاء مع إخواننا الفلسطينيين ووقفات ومسيرات في مجموعة من المدن مع سائر شركائنا”، مجليا أن “المسيرة تأتي في هذا السياق”.

 

وشدد المتحدث في كلمة ألقاها على الهواء مباشرة خلال نقل أحداث المسيرة، بثته قناة الشاهد، أن “الأنظمة استبدادية وغير ديمقراطية؛ لا تعبر عن إرادة الشعوب ولا عن قيمها وهويتها”، لافتا إلى أن هذا الأمر لم يعد يقتصر على الشعوب العربية بل حتى الشعوب الغربية، “فقد صار واضحا مع عملية طوفان الأقصى هذا التميز ؛ فالموقف الشعبي الذي نراه في المظاهرات في لندن وباريس… هي معاكِسة كلها للموقف الرسمي الذي يعبر عن دعمه اللامشروط للكيان الصهيوني، في حين أن الشعوب في شعاراتها بما تحمله من كلمات، تعبر  عن موقف المساندة والتأييد للحق الفلسطيني والشرعية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وفي طرد المحتل الذي يمارس احتلاله منذ 75 سنة”.

 

مسيرة البيضاء الحاشدة شهدت أيضا حضورا مكثفا للنساء البيضاويات؛ اصطففن وراء نساء يمسكن بعربات وضعن فيها أبناءهن الصغار لمسافة ممتدة تبرز تهمم المرأة المغربية بحال أختها الفلسطينية، ومؤازرتها لها في كل أحوالها، حيث لم تتردد في الاستجابة الفورية لنداء الحق والواجب، مع رضيعها وطفلها صغيرا وشابا، تغرز فيه حب فلسطين، وأن الدفاع عنها دفاع عن العقيدة والمقدسات، يتشرب معانيه حالا وفعلا قبل المقال.

وتأكيدا للأمر ثمنت الأستاذة إلهام كميح، الناشطة النسائية والفاعلة الجمعوية، الحضور الوازن للمرأة المغربية المشاركة في هذه المسيرة الشعبية، وفي كل التظاهرات المساندة لقضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين.

التظاهرة حبلت أيضا بإبداعات البيضاويين، التي تنوعت بين مسرحيات تحيل على ما يعيشه أطفال غزة من تقتيل مقصود، وأطفال يحملون في أيديهم مجسمات لأسلحة المقاومة الفلسطينية، ولوحات تعبيرية تحيل على جثث أطفال غزة، وصورا حقيقة تثبت إجرام المحتل الصهيوني ضدهم، ولافتات تلخص رسائل المسيرة. أما العلم الفلسطيني فقد هيمن على طول المسيرة وعرضها، فها هو يرفرف في السماء، ويزين رؤوس وأعناق الحاضرين، وينزل ليزين خدود الأطفال رسما وأيديهم ببالونات بألوان العلم، وهو بشكل أكبر يمتد طويلا يمسك بتلابيبه عدد كبير من المشاركين..  

وفي الكلمتين الختاميتين، اللتان ألقاهما كل من الدكتور عبد المجيد الراضي منسق الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع والأستاذ عبد الصمد فتحي نائب منسقها الوطني، تم التأكيد على أن هذا اليوم يوم مشهود جدد فيه البيضاويون والشعب المغربي دعمهم الراسخ لفلسطين ومقاومتها، وشددا على أنه لا تخلي عن القضية الفلسطينية حتى يحقق الشعب أهدافه المشروعة في تحرير القدس وكامل الأرض ورجوع النازحين… شدد الراضي على أنه بهذه المسيرة وأمثالها نصنع تاريخا جديدا، نرفع رؤوسنا عاليا، موجها تحية الوفاء للمقاومة الفلسطينية بكل تلاوينها. وجدد منسق الجبهة في البيضاء نداءه إلى السلطة كي تستمع للإرادة الشعبية وتبتدر إلى إغلاق مكتب الاتصال وطرد ممثل الكيان الصهيوني.

أما عبد الصمد فتحي، وبعد أن وقف عند المشهد المهيب الذي عكسته المسيرة المليونية، فقد أعاد التذكير بوقوف الشعب المغربي مع الشعب الفلسطيني، ومع المقاومة التي انتفضت للأقصى المهدد، وللأسرى في سجون الاحتلال، ولحصار غزة الذي دام 16 سنة، وهي جريمة في حق الشعب الفلسطيني.

 

 

وأضاف: المقاومة اليوم تنتصر بوقوفها في وجه جلاديها ووجه المحتل ووجه المطبعين. المقاومة بعثت الأمل في الأمة وأحيتها، وأعطت دروسا لشباب الأمة ليقود التحرير. وحيا أيضا شعب فلسطين الثابت والذي يفدي مقدساته وأسراه ومقاومته بكل غال ونفيس، يموت تحت القنابل والقصف ولا يغادر أرضه. وأدان الاستكبار العالمي الذي يكيل بمكيالين والأنظمة العربية والمطبعة المتخاذلة. وأكد رسالة الشعب المغربي إلى المقاومة وشعب فلسطين؛ أن المغاربة معكم، معركتكم معركتهم، وأقصاكم أقصاهم، وأسراكم أسراهم، ومصيركم مصيرهم.

يذكر أن المسيرة تعتبر حلقة في سلسلة من أشكال تضامن الشعب المغربي في شتى مناطقه وجهاته مع الشعب الفلسطيني في عمليته البطولية “طوفان الأقصى”؛ التي عجز المحتل الغاصب عن مواجهتها عسكريا، حيث مني بإخفاقات عرت واقع جيش الاحتلال الكليل وأثبتت صلابة وشجاعة وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في التمسك بأرضه حتى الموت وعدم التنازل عن شبر منها، هزيمة نكراء أصابت المحتل بالجنون فراح يقصف المدنيين مقترفا كل جرائم الحرب المحظورة، في محاولة لإبادة الغزاويين وتدمير المنازل والمستشفيات والمساجد.. وقطع الماء والكهرباء والوقود والدواء والغذاء بل والانترنت، على مرأى من العالم “الديمقراطي”، بل وبمشاركة مباشرة من دول غربية على رأسها أمريكا، التي تمده بالسلاح والعسكر والخطط.. مخالفة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية، ومتبجحة بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنية التحتية لغزة الأبية في وحشية تحيل على همجية المغول والتتار. كل هذا والعالم العربي والإسلامي لا يحرك ساكنا حتى بأبسط ما يمكن فعله دبلوماسيا وإنسانيا، وكأن الذي يباد ليس قطعة من جسمه يسري عليه ما يسري عليها. كل هذا دفع منظمي المسيرة لرفع الشعارات: أوقفوا حرب الإبادة على غزة، افتحوا معبر رفح، أغلقوا مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط.