براعم القرآن | الإمام عبد السلام ياسين

Cover Image for براعم القرآن | الإمام عبد السلام ياسين
نشر بتاريخ

يتحدث الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في هذا الفيديو عن أهمية تحفيظ الصبية القرآن الكريم وتعليمهم الصلاة فيقول:

كنت أخُبرت أن هذا الاجتماع مخصص للتلامذة الأطفال حافظي القرآن، فإذا بي أفاجأ بحضور كثير من آبائهم وأعمامهم جاؤوا من كل فج عميق، فيكون هذا المجلس إن شاء الله مباركا. هذا المجلس وجدتكم تقرأون: إن الأبرار لفي نعيم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن، وأي فأل أحسن من كلام الله عز وجل حين يخبرنا ويبشرنا بأن الأبرار لفي نعيم.

هؤلاء الصبية محظوظون إذ وجدوا من يوجههم لحفظ القرآن. فمن حفظ القرآن وهو لا يزال صبيا يمتزج القرآن بلحمه ودمه، كما جاء في الحديث، فلا يكاد ينساه إلا أن يفرط فيه. نسأل الله عز وجل ألا نكون من الذين ينسون ما حفظوا من كلام الله عز وجل. أما إذا بقي ناس من الناس حتى بلغوا العشرين والثلاثين والأربعين فيكون حفظ القرآن أشق عليهم وبالتالي تكون الأجور ويكون الثواب لهم مضاعفا. وإذا كانوا حريصين على أن يحتفظوا بالقرآن يكررونه ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار حتى لا ينفلت منهم فيكون الأجر مضاعفا مرة أخرى.

سيدنا عبد الله بن عباس يقول إنه حفظ القرآن حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمره عشر سنوات. الإمام الشافعي رضي الله عنه حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين. في كل جلسة من جلسات الجماعة نتعاهد ونتواصى بحفظ القرآن قبل أن نموت لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قال إن حامل القرآن يأتي القرآن  يوم القيامة فيشفع فيه فيقول يا رب: تَوِّجْهُ فيتوجه الله عز وجل بتاج الكرامة فيقول: يا رب زده. القرآن يصبح محاميك.

اعلموا وفقكم الله أن بين أيديكم أنفس ما تنتجه الأمة وهو أطفالها، بنوها وبناتها. فهذه كنوز بين أيديكم يعلم الله عز وجل أي خير يخرج من كل فرد من هؤلاء الأفراد. يكبر ويسبق القرآن إلى جوفه وكان القرآن هو الغذاء الأول الذي تغذت به روحه… يخرج منهم علماء ومجاهدون وحاملو الدعوة فينبغي أن تسهروا عليه.

إن من غرس غرسة فينبغي أن يتعهدها لأنه إذا أهملها فربما تهب عليها ريح سموم فتيبس وتعطش فتجف ولا تؤتي ثمارها، فإذن تعهدوهم. وليكن القرآن ومعاني القرآن الشيء الذي حوله تدور حياتهم.

الله عز وجل يقول: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، من هم؟ أعداء الدين. لماذا المسلمون في الوقت الحاضر مغلوبون ويحكمهم غيرهم ممن يتسمون بإبراهيم وأحمد وإسماعيل وهم ليسوا مسلمين ولا يصلون ولا يعرفون الله؟ لماذا؟ لأنه ليس لنا القوة. وأي قوة نحتاج لإعدادها؟ إنها قوة الإيمان، قوة اليقين. ومن أين لنا بقوة اليقين؟ من الصلاة أولا.

يقول الله عز وجل: واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا…وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا… وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا… وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ…… ثم يقول تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا.

تعليم الناس مبادئ الدين من آكد المؤكَّدات؛ يكبر الإنسان ويشيب وهو يدعي أنه مسلم يصلي وهو لا يتقن وضوءه ولا طهارته فأحرى أن يتقن صلاته. إذا لم تكن طهارته طهارة وإذا لم يكن وضوؤه وضوءا وإذا لم يكن غسله غسلا فلا تعد صلاته صلاة.

لنتعلم كيف نعلم الناس وكيف نتسلل إلى الناس بالرحمة واللطف والكلمة الحسنة.

قال الله تعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا… سجود الجسم هو ما نعرفه، وسجود القلب هو الخشوع. وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ. الصفة الأولى هي أنهم تركوا الصلاة. فلذلك الشباب اليافع ينبغي أن يتمسكوا بعادة الصلاة، وإياكم أن تصيروا في سن 16 أو 17 كالغول حيث يشعر بالقوة في جسمه… فإذن لننظر كيف نتأسى  بالأنبياء والرسل.

ماذا نفعل بالقرآن؟ القرآن نقيم لفظه ونحفظ معناه ونفهمه ونحرم حرامه ونحلل حلاله. وذلك يقتضي منا أن نتعلم اللغة العربية ونتقنها لأنه من لا يعرف اللغة العربية لا يفهم القرآن. ثم نتخلق بالقرآن ونستحي من الله عز وجل أن نكون من حاملي القرآن ثم نلطخ ثياب إيماننا بالمنكرات وبالذنوب التي لا نستغفر الله تعالى منها. ثم يكون كل منا مدرسة متنقلة عبر الأجيال.