اليوم في ذكرى الإمام رحمه الله

Cover Image for اليوم في ذكرى الإمام رحمه الله
نشر بتاريخ

افتتح اليوم السبت بتاريخ 20 صفر الخير الموافق ل13 دجنبر حفل الذكرى الثانية لرحيل الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، بثلاث مداخلات حول محور” التغيير في نظرية المنهاج النبوي”

شكل مطلب تغيير ما بالإنسان محور عملية التغيير التي نادى بها الأستاذ ياسين رحمه الله وبنى عليها دعوته لتغيير الآفاق باعتبار الإنسان هو المعني دون غيره بالنداء الإلهي: (يا أيها الانسان)، ثم يلحق به كل تغيير على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحضارية.

وقد توزعت المداخلات حول هذه الأرضية كالتالي:

د. أحمد الزقاقي: تناول محور “التغيير عند الإمام يتطلب النظر في مرجعيات الوحي والتاريخ والتربية الايمانية”، طرح فيه تساؤلا جوهريا: حول ما إذا كان هناك جديد في كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين حول موضوع التغيير ما يمس المنعطف الخطير الذي تمر به الامة في الفترة الراهنة، ثم انطلق مجيبا من خلال خمسة محاور أساسية: بين في أولها:

“أسبقية رسم منهاج العمل والنظر”: أوضح من خلاله أصالة مفهوم المنهاج النبوي في نظرية التغيير أي مطابقته لمنهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم في التغيير وفق الوحي الإلهي.

وتحدث في الثاني عن القرآن ومعادلة القلب والعقل، حيث أكد على أن مرمى حل معادلة القلب والعقل تجديد مناهج التعقل والتفكير).

وفي محور الواقع والتاريخ وسوء الفهم الكبير) أشار الباحث إلى أن الإمام يرى أن سوء فهم التاريخ من شأنه أن يجعل التاريخ واسطة وحجابا بيننا وبين القرآن، وأن سوء قراءة التاريخ ينم عن أزمة وعي تاريخي تُلقي بظلالها على الواقع الراهن) .

أما المحور الرابع، فأكد الدكتور الزقاقي فيه على أنه من خلال التَّتبُّع المُستقصِي لأقوال الإمام وأعماله في الموضوع يتبين أنه أحاط الموضوع “بمجموعة من التفاصيل والجزئيات يفضي استقراؤها إلى رسم قواعد كلية تتأسس عليها التربية الإيمانية” .

وختم الباحث محاوره بموضوع التصوف الذي هم فيه مختلفون) حيث اعتبر نظرة الإمام رحمه الله إلى التصوف نظرة متوازنة؛ “فهو من جهة يُنوِّه بما اشتمل عليه من ذخائر وكنوز في طرق وأساليب التحلي بمكارم الأخلاق” ،ومن جهة ثانية يوجه سِهام النَّقد إلى من “عَكَّروا صفو التصوف، وأشاعوا فهوما سلبية له وانتظارية وتواكلية وتبركية” .

وأنهى مداخلته بالتأكيد على أن التغيير في المجال الحضاري الإسلامي، من وجهة نظر الإمام – رحمه الله – “يتطلب النظر في ثلاث مرجعيات أساسية: الوحي، التاريخ، والتربية الإيمانية” .

بينما تمركزت مداخلة د. عبد العلي مسؤول المعنونة ب”التغيير عند الأستاذ عبد السلام ياسين: موضوعه ومقاصده” حول نقطة هامة مفادها: أن تغيير الإنسان أسبق وآكد من تغيير السياسات والهياكل، حيث قال: “محور التغيير وموضوعه عند الإمام عبد السلام ياسين هو “الإنسان الذي يراد تغيير سلوكه وأخلاقه وإرادته وعقله، كي ينهض بأعباء الدعوة والتعبئة والبناء” ، مشددا على أنه “أسبق وآكد من تغيير السياسات والهياكل” لأن التغيير الأول عنده أصلي والثاني تابع لاحق، موضحا بأن المقصد الأساس من التغيير عند الأستاذ ياسين هو “تحقيق العبودية لله تعالى، وتحرير الإنسان، وإسعاد البشرية في العاجل والآجل معا”.

ورأى بأن نظرية التغيير عند الأستاذ عبد السلام ياسين “نظريةٌ متكاملة مستقاة من كليات القرآن الكريم، ومن التطبيق العملي للسنة المشرفة، ومما أنتجه الفكر البشري، وما عرفه تاريخ الأمم والملل والنحل من أحداث ووقائع وطبائع”.

وإذا كان الإنسان باعتباره فردا، هو محور اشتغال نظرية التغيير المنهاجية، فإن الأمة لم تغب بل إنها حاضرة بشكل قوي ومركزي، فالنظرية المنهاجية تروم إعادة بناء الأمة على أصولها، مستحضرة مقصدي العدل والإحسان في كل عملية تغييرية) ، كما أن هذا التغيير يتسم “بالعمق والتدرج والشمول كي يكون ناجعا ومؤثرا”.

وألمح د. مسؤول إلى مقصدين هامين حكما الإمام في مرامي التغيير هما “تحرير الإنسان من عبودية غيره” إذ جعلها “أم الحريات” ، وإصلاح أمر الأمة الذي يتهدد مستقبلها نظام الحكم العاض والجبري لتختار “من يحكمها ويسوسها، عملا بمبدإ الشورى”.

بينما تمحورت مداخلة د. الزبير خلف الله : الباحث التونسي المعنونة ب”أسلوب التغيير ووسائله” حول كون التغيير عند الأستاذ ياسين حالة عملية ناتجة عن قراءة للواقع، وذلك من خلال ثلاثة محاور أساسية: هي التغيير وأبعاده، “وسائل التغيير وأبعاده”، و”واقع الأمة على ضوء نظرية المنهاج النبوي”، قال في هذا المضمار : بأن التغيير عند الأستاذ ياسين “حالة عملية ناتجة عن قراءة الواقع، وأن الفكر لا قيمة له منفصلا عن الواقع لأن سلطة الواقع لا يمكن تجاهلها، وأكد أنه سيقرأ فكر الإمام بخلفية تجربتين هما، التجربة التونسي والتجربة التركية، كما أصل لمفهوم القومة عند الإمام، من القرآن ومن> التاريخ، معتبرا مفهوم القومة مختلفا عند الإمام عن مفهوم الثورة.

بينما تناولت الجلسة الثانية المحاور التالية:

ـ التغيير بين النخب والشعوب

ـ ضرورة الحوار ومعيقاته

ـ تدبير المرحلة الانتقالية

تم تداولها من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية

– هل التغيير تصنعه النخبة أم هو موجة عارمة تفجرها الجماهير؟ وهل النخبة قادرة على قيادة التغيير أم إنها تنساق وراء الجماهير؟

وكيف يمكن تنشيط دور الجماهير ؟ ثم هل المقصود بالحوار في نظرية المنهاج النبوي مجرد الجدال حول القضايا الفكرية الخلافية أم يقصد به الحوار السياسي لتدبير الواقع العام؟ ما تصور الإمام للحوار؟ وهل هو مجرد محاولة لإبراء الذمة وإقامة الحجة أم استشعار للمسؤولية وأداء للواجب؟ وهل اشتراطه، رحمه الله، لأرضية الإسلام فرض مسبق لنتائج الحوار ووصاية على مساره؟ ما المقصود بالميثاق؟ ما مدى معقولية وواقعية فكرته؟ إلى غيرها من التساؤلات التي أثرت الجلسة.