اليقين في موعود الله

Cover Image for اليقين في موعود الله
نشر بتاريخ

1. تقديم

كان اليقين ولا يزال الزاد الأمثل في سلوك العبد إلى الله، لذلك أولاه الله في كتابه العزيز عناية خاصة، وفي السنة النبوية الشريفة نجد ذكر فضله ومقداره والوصية بتعلمه، من ذلك ما أورده الإمام البخاري في صحيحه موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اليقين الإيمان كله” 1، وعن خالد بن معدان رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “تعلموا اليقين كما تعلموا القرآن حتى تعرفوه فإني أتعلمه” 2، وقد نهج الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله منهاج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تعلم اليقين ومعرفته، وترجم بشارته بالخلافة على منهاج النبوة إلى مشروع حي، فشمر وصبر واحتسب وربى؛ وأعد البناء والوعاء، وكله يقين وثقة في موعود الله.

وها نحن اليوم في خضم هذا المشروع الكبير نتطلع إلى البشارة النبوية ونسعى لنجدد هذا اليقين ونقويه، خاصة والأمة تعيش المرحلة الأخيرة من عهود الجبر، حيث المحن والفتن كقطع الليل المظلم، والمسلمون اليوم في أشد ما تكون الحاجة لمن يجدد لهم الإيمان، ويعطيهم الأمل، ويحمل إليهم بشائر النور والنصر القريب، بأن الله ناصر جنده، ومنجز وعده، وهازم الأحزاب وحده… فلنتهيأ للموعد هنا حيث العزة والشرف، وهناك على منابر من نور في مقعد الصدق والكرامة مع زمرة السعداء المقربين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

2. اليقين في موعود الله تأصيلا

علم ربنا ما قد يصيب الناس من شك وريب في حقيقة وعده، فخاطب الجميع بقوله مطمئنا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(فاطر: 5)، وعضّد ذلك  بإرسال الرسل مثبتين ومنذرين؛ وعلى رأسهم سيد الخلق أجمعين؛ فخاطبه قائلا: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ. (غافر: 55)،  فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ(غافر: 77.)

وأنزل الكتب، وقصّ القصص، وسرد علينا أحوال السابقين من الموقنين والمنافقين والمشككين والمكذبين، وما تعرض له الأنبياء والعلماء والمجددون من تكذيب وتقتيل؛ سنة الله الجارية في خلقه إلى يوم الدين؛ فقطع دابر الشك باليقين قائلا: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(الصافات: 171 – 173). وأضاف مؤكدا:  إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ(غافر: 51) بل زاد تأكيدا للَجْم المشكك بقوله: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (المجادلة: 21)، وقوله كذلك:  هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (الصف:9. )

ومع توال الأيام وانتشار التشكيك والنسيان بعث المجددين ليجددوا بواعث  الحياة في اليقين، فقال في صدق وعده: مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ(الحج: 15)، أما حين تقارع الأمة الباطل كما يحدث في غزة العزة وفلسطين، فذكرنا بيقين المومنين المجاهدين بفصل مبين قائلا: وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا(الأحزاب: 22)، وقوله:  ليختم ببشارة اليقين: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(الصف: 13).

3. القصد اليقين في بناء مشروع الإمام المجدد ياسين

ونحن نقرأ كتب الإمام التي خطها بلحمه وشحمه ودمه، أو نسمع ونرى مواعظه، أو ننظر إلى حال أصحابه وجماعته معه ومن بعده، نجد التصور الواضح لمنهاج العمل، واليقين  التام الذي لا يقبل الشك على أن المستقبل للإسلام وأن النصر آت آت آت، كيف لا؟ وقد جعل الإمام البشارة النبوية بعودة الخلافة على منهاج النبوة نصب عينيه، وغرس ذلك وسقاه وتعهده في قلوب المحيطين به بقلبه ويديه.

فبعد إشارة من إشاراته اللطيفة إلى البشرى والاستبشار والثقة في موعود الله ورسوله قال رحمه الله: “في هذا الحديث العظيم المنبئ عن العز المستقبَل الذي ينتظر هذه الأمة المرحومة أصلا، المقهورة بلاءً، الصاحية اليوم، المتيقظة المجاهدة المنتصرة بإذن الله 3. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد رحمه الله بسنده الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: “تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت” 4.

وكان الصحابة الرجال والصحابيات النساء المومنون والمومنات، النموذجَ الذي وضعه الإمام نصب عينيه، في ثباتهم على الحق ويقينهم ببشارات الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما أبدى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه احتجاجه على صلح الحديبية، ورأى في ذلك تنازلا ودنية تُعطى للمشركين، أجابه سيدنا أبو بكر مثبتا بعبارة تلخص معنى الثبات واليقين في موعود الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: “الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله، وأن الحق ما أمر به، ولن يخالف أمر الله، ولن يضيعه الله” 5، يعلق أحدهم على هذه الواقعة مبينا أن هذا الكلام من عمر لم يكن “شكاً بل طلباً لكشف ما خفي عليه، وحثاً على إذلال الكفار بظهور الإسلام، كما عُرف من خلقه رضي الله عنه وقوته في نصرة الدين وإذلال المبطلين. وأما جواب أبي بكر رضي الله عنه لـعمر بمثل جواب النبي عليه الصلاة والسلام فهو من الدلائل الظاهرة على عظيم فضله وبارع علمه وزيادة عرفانه، ورسوخه في كل ذلك، وزيادته فيه كله على غيره رضي الله عنه” 6، وهكذا كان ديدن الصحابة والصحابيات لزموا غرزه رغم المحن والحصار والتعذيب النفسي والجسدي حتى أظهر الله دينه وأظهرهم جميعا على البلاد والعباد.

فمن حيث انطلق الصحب الكرام انطلق الإمام، فبسط تصوره لمنهاج العمل في العشرات من الكتب، ثم بدأ في التربية وإعداد الرجال والنساء وهو يقول: “ولَنَحْنُ، المستضعفين في الأرض، تألبت علينا قوى الجاهلية من خارج متآزرة مع أنظمة الفتنة من داخل، أحوج إلى تجديد إيماننا بما يتجدد به الإيمان من صحبة في الله وذكر لله وإخلاص وصدق في اتباع سنة رسول الله عليه صلاة الله وسلام الله.” 7 كان هذا هو الأساس ثم ترجمه إلى مشروع كبير، لقد كانوا ثلاثة فأصبحوا تسعة، ثم أصبحوا كثيرا كثيرا بإذن الله، كان يحدِّث صديقيه بكل يقين وهم أذلة: سيهزم الجمع ويولون الدبر(القمر:45).

كتب رحمه الله وخاطب بجل لغات العرب والعجم، يبين أركان مشروعه المتكامل، حيث يبتدئ من معالجة الإنسان الفرد باعتباره بؤرة كل تغيير إلى بناء جماعة منظمة، ثم  إلى إقامة الدولة الإسلامية القطرية، فيشع نورها على باقي الأقطار، إلى آفاق دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة الموعودة وعد الصدق الذي لا يتخلف، إلى الفوز بالرضا والرضوان والزلفى عند أكرم الأكرمين، وهكذا كان قصده ورجاؤه، وكذلك أصحابه من بعده، ولقد أدوا لأجله ثمنا باهظا، كلفهم الكثير من حريتهم وصحتهم وراحتهم وحياتهم، لكن من عرف ما قصد هان عليه ما وجد والمنة لله وله الحمد والثناء الحسن.

4. كيف يتحقق اليقين في موعود الله؟

إن تحقق اليقين في موعود الله لا يكون ولن يكون إلا على منهاج النبوة، حيث يبدأ علما وتعلما ثم تشربا من قلب كل مؤمن ومؤمنة، فالتعلق الكبير بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم: منكسرا مفتقرا تائبا محفزا غيره على التوبة، لهو بداية الطريق إلى تحقق المراد، لماذا؟ لأن القلب كما قال الإمام رحمه الله: “هو مكمن الداء، فإن صح وسلم فهو مركز الإشعاع وهو العنصر الحاسم في معادلة وجود الأمة وانبعاثها” 8 وثقتها بموعود ربها، ولا حياة لهذه القلوب إلا بذكر الله، إلا بورد لازم  (جمع الإمام معالمه في يوم المؤمن وليلته)، لكن بشرط الصحبة الصالحة المجاهدة، يقول الإمام: “ولا مدخل لك في هذا يا أخي، ولا مدخل لكِ يا أختي في هذا المضمار إلا بصحبة تفتح أمامك وأمامكِ المغالق وتحدو بركبك إلى عالم النور والرقائق” 9، هذا شرط، بعده، وبعده فقط نتحدث عن الجهاد واقتحام العقبات إلى اليقين فيما عند الله، في موعوده…

يؤكد الإمام هذه الحقيقة في رسالة النصيحة، حيث يقول: “فما يقول جليس فينا ليس له ورد من الذكر، ولا جلسة للاستغفار بالأسحار؟ كيف يُنتظر ممن لا زمام يمسكه عن التسيب في الأوقات من ورد لازم، وجلوس للذكر عازم أن يرقى إلى مقام دوام الذكر ودوام التضرع ودوام الطلب؟ يفتر الطلب، وتتفتت العزيمة، وينقطع الحبل إن لم يكن الورد دواما ومداومة وصبرا ومصابرة. بعد ذلك فقط نتحدث عن الصبر في الغد الجهادي لا قبله” 10.

5. ثمرات اليقين المرجوة..

واستنادا إلى ما تأكد بيانه وبسطه، لا شيء في الدنيا يكدِّر على المؤمن(ة) حياته(ا)، وسيره(ا) إلى الله، مادام القلب معتصما به، ساكنا إليه، منشرحا بذكره، في ظل صحبة مؤمنة متواصية بالحق والصبر، حينها تكون الثمرات المرجوة من اليقين قد أينعت وحان قطافها.

فمن ثمرات اليقين المغروس في قلوب هذه الأجيال الذاكرة المنورة في الأفق سمو هممهم ليصبحوا قوة اقتحامية تهون معها كل التحديات، قصدها رضا ربها  والزلفى عنده، ثم إنجاح مشروع الأمة والنهوض بأعبائه: لكننا هنا نتلمس الآثار القريبة المشهودة لهذا اليقين المتزايد من خلال السلوك التربوي الجماعي على منهاج النبوة فردا وجماعة، وهذه بعض معالمها 11:

  • تحصيل محبة الله ومحبة الناس
  • التهمم بالهمين الفردي والجماعي
  • رفع الهمة ومضاء العزيمة
  • السكينة وطمأنينة القلب
  • الدخول في سلك المرحومين والمرحومات
  • الصبر على الشدائد والمحن مع الاحتساب
  • انشراح الصدر وطيب العيش
  • الثبات على الحق والتثبيت عليه
  • صدق الطلب
  • الهداية إلى طريق الله المستقيم
  • الاستقامة والمداومة عليها
  • حفظ الإيمان والترقي في مدارجه
  • المشاركة في الإعداد والبناء
  • التؤدة وعدم الاستعجال
  • العمل وفق النواظم الثلاث
  • الحِلم ودفع المكروه بالتي هي أحسن
  • الظفر والنصر والتمكين. قال سبحانه فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا(النساء: 175)، ومن أجمل ما نجمل به هذه الثمرات ما ورد عَنِ الْحَسَنِ البصري الذي قَالَ: “مِنْ عَلَامَاتِ الْمُسْلِمِ قُوَّةٌ فِي دِينٍ، وَحَزْمٌ فِي لِينٍ، وَإِيمَانٌ فِي يَقِينٍ، وَحِلْمٌ فِي عِلْمٍ، وَكَيْسٌ فِي رِفْقٍ، وَإِعْطَاءٌ فِي حَقٍّ، وَقَصْدٌ فِي غِنًى، وَتَجَمُّلٌ فِي فَاقَةٍ، وَإِحْسَانٌ فِي قُدْرَةٍ، وَطَاعَةٌ مَعَهَا نَصِيحَةٌ، وَتَوَرُّعٌ فِي رَغْبَةٍ، وَتَعَفُّفٌ فِي جَهْدٍ، وَصَبْرٌ فِي شِدَّةٍ، لَا تُرْدِيهِ رَغْبَتُهُ، وَلَا يَبْدُرُهُ لِسَانُهُ، وَلَا يَسْبِقُهُ بَصَرُهُ، وَلَا يَغْلِبُهُ فَرْجُهُ، وَلَا يَمِيلُ هَوَاهُ، وَلَا يَفْضَحُهُ بَطْنُهُ، وَلَا يَسْتَخِفُّهُ حِرْصُهُ، وَلَا تَقْصُرُ بِهِ نِيَّتُهُ” 12

6. خاتمة

نختم بهذه اللمعة من سيرة سيد الموقنين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يعلِّم أمته من وراء ستار الغيب بالحال والمقال: لقد “حدث الواقدي بإسناد له قال: قال عثمان بن طلحة: “لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة فدعاني إلى الإسلام فقلت: يا محمد، العجب لك حين تطمع أن أتبعك وقد خالفت قومك وجئت بدين محدث ففرقت جماعتهم وألفتهم وأذهبت بهاءهم، فانصرف، وكنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الإثنين والخميس، فأقبل يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس، فغلظت عليه ونلت منه وحلم عنى ثم قال: “يا عثمان، لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت”، فقلت: لقد هلكت قريش- يومئذ- وذلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بل عمرت وعزت يومئذ”، ودخل الكعبة فوقعت كلمته منى موقعا ظننت أن الأمر سيصير إلى ما قال: فأردت الإسلام، فإذا قومي يزبرونني زبرا شديدا ويزرون برأيي، فأمسكت عن ذكره. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جعلت قريش تشفق من رجوعه عليها، فهم على ما هم عليه حتى جاء النفير إلى بدر، فخرجت فيمن خرج من قومنا وشهدت المشاهد كلها معهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام القضية غير الله قلبى عما كان عليه ودخلنى الإسلام وجعلت أفكر فيما نحن عليه وما نعبد من حجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر، وأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وظلف أنفسهم عن الدنيا فيقع ذلك منى فأقول: ما عمل القوم إلا على الثواب لما يكون بعد الموت وجعلت أحب النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم” 13 والشاهد عندنا في هذه الرواية أنه بعد إسلام عثمان بن طلحة وفتح مكة قال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: “يا عثمان، إيت بالمفتاح، يقول عثمان: فأتيته به فأخذه منى ثم دفعه إلي وقال: خذوها تالدة خالدة ولا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان، إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف، قال عثمان: فلما وليت نادانى فرجعت إليه فقال: ألم يكن الذي قلت لك؟ فذكرت قوله لي قبل الهجرة بمكة: لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت، فقلت بلى، أشهد أنك رسول الله!.14


[1] صحيح البخاري، كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الْإِيمَانِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، الطبعة السلطانية، ج: 1، ص: 10 رقم الحديث: 7.
[2] ابن أبي الدنيا،  اليقين، حققه وعلق عليه: ياسين محمد السورس، دار البشائر الإسلامية، ص: 34، الحديث رقم: 8.
[3] عبد السلام ياسين، العدل الإسلاميون والحكم، الطبعة الأولى، 2000 م، مطبوعات الصفاء للإنتاج،  ص 23-24.
[4] أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون،  مؤسسة الرسالة، ج: 30، ص: 355.
[5] الجاحظ، عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، الطبعة: الأولى، 1411 هـ – 1991 م، ص: 77.
[6] أبو الأشبال حسن الزهيري، شرح صحيح مسلم، دروس صوتية فرغها موقع الشبكة الإسلامية ج: 96، ص: 15 http://www.islamweb.net.
[7] ياسين عبد السلام، رسالة تذكير، ص: 6.
[8] ياسين عبد السلام،  الإحسان ج:1، ص: 22.
[9] ياسين عبد السلام، الوصية
[10] من رسالة الإمام إلى مجالس النصيحة.
[11] خلاصات محمود هاشم عنبر الاعتصام بحبل الله بين الواقع والمبشرات، (دراسة قرآنية واقعية) وبعض المقالات المنهاجية  لأحمد الفراك  ومحمد أنفلوس.
[12] كتاب اليقين، ص47 https://shamela.ws/book/8220/32#p1
[13] أبو الربيع، الكلاعي الأندلسي، الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والثلاثة الخلفاء، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى: 1420هـ، ج:1، ص: 447.
[14] الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والثلاثة الخلفاء ج:1، ص: 447.