الهدائية (1)

Cover Image for الهدائية (1)
نشر بتاريخ

الهدائية استراتيجية للطريق المستقيم اهدنا الصراط المستقيمالفاتحة 6، تدبير فعلي للعبادة، معرفة بالطريق، تشخيص للذكرى، فلا يمكن أن تذكر بدون هداية أو اهتداء، فالهداة المهتدون هم المدبرون الذين يحسنون تدبير الطريق.

الهدائية مشروع للأمة، والاستقامة “تدبير فعلي” لها، فطلب الهداية طلب للتدبير والمعرفة، إنها استراتيجية للاستقامة، يقول ابن مالك في ألفيته:

كلامنا لفظ مفيد ك”استقم”

اسم وفعل ثم حرف الكلم

فالعبرة من الكلام، كل الكلام، الاستقامة، والاستقامة تجسيد للهداية وبوصلة لها.

الهدائية معرفة بالطريق المستقيم، طريق “نسق النعيم”، الخيط الرابط بين “نسق النعيم” الصراط المستقيم الفاتحة 6، و”سياق مذاقه” صراط الذين أنعمت عليهم الفاتحة 7، صراط النسق معرف ب”ال” تعريف الشمول المستمد من منهج الله، وصراط السياق خاص يرتبط بالممارسة والانجاز الفعلي والتدبير، “سياق حركي” نختلف فيه، كل ودرجة الهداية لديه، فقد نهتدي بنسب متفاوتة وقد نقترب من الهداية في لحظة معينة لحظة القرب من الله، وقد نبتعد في لحظة الغفلة حيث الابتعاد عن الهداية، فننتقل من سياق إلى سياق حسب درجة الإحساس ب”نسق النعيم”.

إنها نعمة الهداية ودرجاتها ودعوتها التي لا تتوقف لحظة في الزمان والمكان باختلاف السياقات، ندعوها في كل صلاة، والصلاة لا تتوقف على مدار الكرة الأرضية، وبذلك فهي تتحرك بالهداية الإلهية، ولا تصح الصلاة بدون طلب الهداية.

الله تعالى يهدينا الصراط المستقيم، ونحن نتحرك في الأرض حركة الهداية، حيث التنسيق بين حركة الإنسان وحركة الوجود في اتجاه رب العالمين، تدبير بين الدنيا والآخرة، فهم واستيعاب وحركة نحو الله تعالى، طريق تبدأ في الدنيا لتنتهي بالارتقاء في مراتب الجنة في الآخرة.

إن الهدائية ميثاق بيننا وبين الهادي تعالى، فلا طعم للحياة بعيدا عن الهداية، فمَن يَهْدِ اللَّـهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُ‌ونَ الأعراف 178، قاعدة حصرية، فلا يوجد مهتد بذاته ولا بأية قوة في الأرض، وإلا انتفى “نسق النعيم”، والذي يعيش خارج النسق وسياقه فهو ضال أو مغضوب عليه، فما بين النسق والسياق معرفة وهداية، والذي لا يعرف النسق لا يمكن أن يهتدي إلى سياقه.

فاللهم اهدنا الصراط المستقيم وارزقنا مذاق النعيم، فسياقات نعمك ونعيمك لا تعد ولا تحصى، لكنها قد تحجب عنا بسياقاتنا الدنيوية، فنحن لن ندرك النعيم بعيدا عن هدايتك، فاللهم اهدنا وأنعم علينا بالهداية.