احتضن مقر جماعة العدل والإحسان بمدينة سلا، صباح اليوم السبت 19 صفر الخير 1436هـ/13 دجنبر 2014م، فعاليات الذكرى الثانية لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، والتي حضرتها بالإضافة إلى قيادات من الجماعة، شخصيات فكرية وسياسية وفعاليات من المجتمع المدني لبت دعوة الجماعة من داخل وخارج المغرب، وعرفت تغطية إعلامية في مستوى الذكرى وصاحبها.
وبعد استقبال الضيوف، افتتح برنامج هذه الفعاليات بآيات بينات من سورتي الفاتحة ويس، تلاها القارئ إدريس الإدريسي الملياني، تردد صدى صيغتها المغربية الأصيلة في أرجاء الدار العامرة التي طالما تردد فيها أصداء كلمات صاحب الذكرى الإمام المجدد عبد السلام ياسين، وطالما التفت حوله فيها قلوب محبيه على مدى عشرات الأعوام.
وتناول الكلمة الدكتور محمد منار، مدير الندوة، الذي رحب بالحاضرين من داخل وخارج المغرب، ليقدم لكلمة الأستاذ محمد عبادي الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، الذي رحب فيها بالحاضرين، وشكرهم على تلبيتهم للدعوة، ودعا الله تعالى أن يتغمد صاحب الذكرى بالرحمة والمغفرة، وأن يصلح أحوالنا ويسدد خطانا ويجعلنا ممن اجتمع على الله وعلى إقامة دين الله وشرعه وأن يجعل المجلس مجلس علم وحلم). كما شكر الحضور الذين تكبدوا عناء السفر من داخل وخارج المغرب، ودعا الله أن يتقبل خطواتهم ويكتبها في صحيفة حسناتهم.
وقد أكد الأستاذ عبادي أنه كان بودنا أن نستقبلكم في فضاء أرحب وأوسع ولكن ظروف الحصار ما زلنا نكتوي بنارها مما حال دون الحصول على مكان مناسب لإقامة هذا الحفل). واستطرد أن فيما يختار الله الخير كله، وأن الله أراد أن يقام الحفل في البيت الذي عاش فيه الإمام المجدد لثلث قرن، والذي ترجم فيه صاحب الذكرى نظرته للتغيير عمليا، حيث تخرج منه كثير من المومنين والمومنات، وشهد رباطات ومجالس علم).
وأشار الأستاذ عبادي إلى الموضوع المطروح في الندوة وهو التغيير، فأكد أنه عندما ينحرف الإنسان عن منهج الله يحتاج الأمر إلى تغيير، والإنسانية تتدهور لأن التغيير لم يوافقه قانون الله في التغيير ولهذا لا بد من الرجوع إلى منهاج الله لضمان السعادة لأنفسنا وللعالم).
وبعد كلمة الأمين العام، أوضح الدكتور عبد الواحد متوكل، رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، في الكلمة الافتتاحية لندوة التغيير في فكر الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله)، دواعي اختيار الجماعة لهذا الموضوع، مشددا على أهميته وأولويته بالنظر للمرحلة الحساسة التي تعيشها الأمة.
وأجمل أسباب هذا الاختيار في ثلاثة هي: أهمية الموضوع في المرحلة الراهنة)، وتعدد وجهات النظر داخل وخارج الحركات الإسلامية” و”قلة المعرفة بفكر الأستاذ رحمه الله ورؤيته للتغيير خاصة).
كما تطرقت كلمة رئيس الدائرة السياسية، لـتنبيهات حول كتب الأستاذ رحمه الله ومنهجه في الكتابة)، وياسين بعيون منتقديه).
ومباشرة بعد محاضرة الدكتور متوكل، افتتحت الجلسة الأولى للندوة الفكرية التي عنوانها التغيير.. قضايا نظرية)، سيرتها الأستاذة خديجة مستحسان، فرحبت بالحضور الكريم فضلاء وفضليات، وعرضت بعض الإشارات حول الإمام رحمه الله وحول مسيرته الجهادية والفكرية التي تهمم فيها بحال ومصير الإنسان فأثل مشروعا تغييريا ضخما أفقه منهاج النبوة. وتحدثت المسيرة عن دواعي طرح موضوع التغيير في هذه الذكرى الثانية باعتبارها جوهر الرسالة الإنسانية.
وقدمت المسيرة المتدخلين في هذه الندوة الذي استفتحت مشاركاتهم بمداخلة الدكتور أحمد الزقاقي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في موضوع التغيير مفهومه ومرجعياته). فعرض مفهوم التغيير عند الإمام، ودعوته إلى اكتشاف المنهاج النبوي، الذي هو منهاج تغيير خاصة أن صاحبه يؤكد أنه لا معنى للمنهاج إذا لم يكن التغيير غايته ولم يمكن من التحرير لرقاب الناس. وأشار إلى أن الإمام يعتبر القرآن الكريم لب المنهاج، وأنه ليس تراثا بل هو الفهم والعلم والحياة.
ثم صدّر الدكتور عبد العلي مسؤول، أستاذ علوم القرآن بجامعة محمد بن عبد الله وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي عنون ورقته بـ: التغيير، موضوعه ومقاصده)، مداخلته بمقدمات أكد فيها على أن نظرية الإمام مستقاة من القرآن الكريم ومن التطبيق العملي للسنة ومما أنتجته خبرة الفكر البشري، وأن نظرية الإمام إعادة بناء الأمة على أصولها، على العدل والإحسان، وأنه كتب ما كتب لتحيى الأمة، وكتب للأمة وكل الأمة، وكتب للإنسان، ودعا إلى الاجتهاد بضوابطه وأصوله.
وتساءل الباحث عن موضوع التغيير فأجاب أنه هو الإنسان عقله وحركته وقلبه وأن معرفة الله هي لب التغيير عند الإمام.
أما قصد التغيير فأكد الدكتور مسؤول أنه عند الإمام رحمه الله هو تحقيق عبودية الإنسان لربه، وتحرير الإنسان وهو رأس حقوق الإنسان، ومستقبل الأمة وعزة الأمة، باختيار الأمة لمن يحكمها، وإسعاد البشرية في العاجل والآجل معا، ووحدة الأمة، التي هي أم المقاصد.
وأخذ الكلمة الدكتور الزبير خلف الله، الباحث التونسي الأستاذ في جامعة أوروبا الإسلامية، تحت عنوان أسلوب التغيير ووسائله). وأكد أنه سيقرأ فكر الإمام بخلفية تجربتين هي التجربة التونسية والتجربة التركية.
وشدد على أن ما كتب عن التغيير عند الإمام سقط في ما هو نظري لم يستحضر أنه قرأ الوحي على ضوء الواقع، وطرح ثلاثة محاور في مداخلته.
محور التغيير وأبعاده، فذكر بكون التغيير حال عملية ناتجة عن قراءة للواقع، وأن الفكر لا قيمة له وهو منفصل عن الواقع، لأن سلطة الواقع لا يمكن تجاهلها.
وعرج الباحث على طرح القومة عند الإمام مؤصلا هذا المفهوم من القرآن ومن التاريخ، معتبرا مفهوم القومة مختلفا عند الإمام عن مفهوم الثورة، ليتطرق لوسائل التغيير وسائله وآلياته، وواقع الأمة على ضوء نظرية المنهاج النبوي.
وتوجت الندوة بمداخلات للضيوف من المغرب وتونس والسنيغال وموريتانيا، تناول فيها كل منهم إضافاته وملاحظاته الخاصة على ما جاء في ثنايا الجلسة الأولى من المداخلات التي أعطيت الكلمة في الختام للمشاركين في الندوة للإجابة عنها.
واختتمت الجلسة الأولى للندوة على وعد بالعودة في الجلسة الثانية لقراءة بعض أفكار الإمام المجدد رحمه الله.