حل ربيع الأنوار فهزت نسائمه قلوب المؤمنين شوقا إلى ذكرى مولد سيد الكائنات سیدنا محمد صلی الله عليه وسلم الذي غير مجرى التاريخ، وأخرج البشرية من الظلمات إلى النور.
لم يكن ميلاده صلى الله عليه وسلم حدثا عابراً، بل كان إعلانا لميلاد مشروع رباني يقوم على الحق والعدل والرحمة والجهاد في سبيل الله والمستضعفين.
واليوم ونحن نستحضر مولده الكريم، ونعيش أجواء من الفرحة والسرور تعبيراً عن الحب الذي يكنه المسلمون لرسول الله صلى الله علیہ وسلم، ينبغي أن نستحضر كذلك أنه لا يمكن أن نفصل هذا الحب العظيم لشخصه الكريم وسيرته عن معركتنا العادلة في فلسطين، وعن طوفان الأقصى الذي فجر في الأمة شلالات من الوعي والعزة.
كيف يمكن أن نفصل بين الأمرين ورسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا أن: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره”، فما بالك إن كان هذا المسلم هو المجاهد والمرابط في الأرض المباركة، منافحاً عن القدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقاتلا للاحتلال الصهيوأمريكي الذي اغتصب أرض المسلمين.
فهل من خذلان أعظم مما تعرفه قضية غزة؟ دماء تراق، وأطفال يقتلون جوعاً وقصفاً، بينما غالبية الشعوب لاهية وغير مكترثة لما يعانيه إخوانهم في غزة العزة. ومقابل هذا نجد ملوك الطوائف الجدد قد باعوا القضية في سوق النخاسة، خانوا العهد، خانوا الأمة، خانوا فلسطين، وشاركوا الاحتلال في خنق غزة وأهلها.
إن الاحتفاء بذكرى المولد الشريف ليس مجرد طقوس احتفال وزينة وأمداح، بل هي محطة لتصحيح البوصلة، نعيد فيها اكتشاف معاني المحبة الصادقة، ونربط بين حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم وبين واجبنا في نصرة قضايا الأمة، وفي مقدمتها فلسطين وغزة الجريحة.
إن ذكرى المولد النبوي الشريف ينبغي أن تربى فينا يقينا أن معركتنا مع الباطل طويلة لكنها مضمونة ومحسومة، والعاقبة للمتقين. وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ.
إن الهتاف بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصدق إلا إذا ترجم إلى نصرة لإخواننا في فلسطين، ومواجهة عملية لمشاريع التطبيع والخيانة، فرسول الله صلى الله عليه وسل قدوتنا وفلسطين قضيتنا التي تختبر صدق محبتنا ووفائنا، قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.