تناقلت معظم وسائل الإعلام الدولية حضور جنود من لواء “غولاني” الصهيوني المجرم في مناورات الأسد الإفريقي التي انطلقت منذ الإثنين ما قبل الماضي بالمناطق الجنوبية للمغرب بإشراف الأمريكيين، والتي تعتبرها قيادة الأفريكوم أكبر مناورات عسكرية تنظم بإفريقيا، وذلك بالنظر للعدد الكبير من الدول المشاركة فيها وخاصة من إفريقيا.
مناورات “الأسد الإفريقي” لمن لم يسمع بها من قبل؛ هي تمرين عسكري تنظمه القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا، المسماة اختصارا بـ”أفريكوم”، بتنسيق مع القوات المسلحة المغربية، وتشمل تداريب بمختلف الأسلحة والقطع العسكرية البرية والجوية والبحرية. وقد عرفت انطلاقتها الأولى سنة 2004 في ظل ما كان يسمى آنذاك بالحرب على الإرهاب التي أشعلت نارها الولايات المتحدة الأمريكية ردا للاعتبار لنفسها بعد هجومات التاسع من شتنبر.
كان مسرح إجراء مناورات الأسد عند انطلاقها هو المناطق القريبة من مصب وادي درعة بالمحيط الأطلسي والتابعة إداريا لإقليم طانطان، ذي الرمزية التاريخية الكبيرة باعتباره أول جزء من المغرب يتم تحريره سنة 1958 بسواعد رجال المقاومة وجيش التحرير وذاك بعد الاستقلال الرسمي لسنة 1956، أو “الاحتقلال” بتعبير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي. لكن سرعان ما تم توسيعها شمالا لتبلغ السنة الماضية 2024 منطقة ابن جرير وسط المغرب.
المثير للاستغراب هذه المرة هو: ما الداعي والمبرر للسماح بمشاركة جنود لواء غولاني المجرم المسؤول عن قتل ما يقارب الستين ألفا من المدنيين الأبرياء بغزة؟ بل أي فائدة عسكرية أو مادية أو فنية يرجوها المسؤولون بالمغرب من هذه المشاركة الصهيونية في المناورات؟
وحتى الصهاينة المشاركون؛ ما هدفهم من هذا الوجود على أرض المغرب وضمن هذه المناورات، وهم الجيش الذي يعتمد على التفوق التكنولوجي في حروبه أكثر من قتالية وقدرات عناصره؟ خاصة وأن المناورات تجري في مناطق صحراوية مفتوحة، وهو الجيش المهيأ لقتل وقتال المدنيين داخل المدن ووسط الأحياء، إلا أن يكون الهدف من ذلك هو الدعاية التجميلية للصهاينة خارج حدود فلسطين.
يقع كل ذلك والمنتظم الدولي يتأهب لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني بساسته وقادته العسكريين القتلة، وهو ما عبرت عنه بكل وضوح المقررة الأممية بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانسيسكا ألبانيز التي اعتبرت استضافة المغرب لهؤلاء انتهاكا لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بملاحقة مرتكبي الجرائم الفظيعة والتحقيق معهم، ووصفت ذلك بالانحطاط، لأن العالم يراقب.
بل إن حتى الساسة الصهاينة يقرون بأنهم يقتلون الأطفال كهواية؛ مثلما عبر عن ذلك زعيم أحد أحزابهم (حزب الديمقراطيين) “يائير غولان”، الذي توقع نتيجة لذلك دخول كيانهم عزلة دولية بسبب الجرائم المرتكبة في غزة. وقبله كان وزير دفاع صهيوني سابق “موشي يعالون” قد أكد بأن ما يرتكبه الصهاينة في غزة يرقى لمجازر وجرائم حرب. وهو الشيء الذي عبر عنه قبل أيام وبكل وقاحة أحد وزراء الكيان بأنهم يقتلون مائة فلسطيني كل يوم في غزة والعالم لا يلتفت.
يبقى إذن قرار مشاركة الصهاينة في المناورات العسكرية التي تجري بالمغرب قرارا مفضوحا ولا مسوغ له بدعوى المصلحة الوطنية ولا بمبرر القوانين والالتزامات الدولية للمغرب، إلا ما كان من هرولة المطبعين والطمع في رضاء أسيادهم.