المرأة حضور وتأثير 2

Cover Image for المرأة حضور وتأثير 2
نشر بتاريخ

عود على بدء

ويعلو صوت في الأفق يسأل:

ما السبيل لكشف الغمة عن الأمة في شأن المرأة؟

ألم تنحط المرأة إلا بانحطاط الأمة؟ وهل نتصور نهوضا بحالها منفصلا عن النهوض بحال المجتمع؟

هل نعالج حضور المرأة أو غيابها ومدى تأثير ذلك على مجتمعاتنا، في مواجهة الرجل المنافس والمحتكر في الميدان!.. أم نعالج هذه القضية في ظل واقع سياسي واقتصادي واجتماعي مترد لا يوفر أرضية صلبة ولا مناخا سليما لإشراك وإسهام قوي وفاعل لكل مكونات المجتمع رجلا كان أو امرأة؟

من هذا المنطلق تظل مقاربة قضية المرأة في حضورها و تأثيرها، تحتاج إلى صدق حقيقي يبتعد بها عن مزايدات السياسة وصراعات المذهبية الضيقة، فكثيرا ما توظف كورقة من قبل هذا الطرف أو ذاك، للتكسب الحزبي أو التوظيف السياسي أو الإديولوجي بغية الحصول على صكوك غفران تشهد بالتقدمية والحداثة، أو لجلب دعم مادي ينفق بسخاء يخفي وراء الأكمة ما يخفي، خصوصا إذا علمنا أن مؤسسات وهيئات خارجية متنوعة، مختلفة الأسماء و المشارب، لا يعلم مبتدؤها ولا خبرها، فتكون المرأة بذلك كله بابا مشرعا للاسترزاق باسمها، أو ساحة لمعركة خفية تدار حربها بالوكالة أو العلن يراد بها القضاء المبرم لا قدر الله على دعامة من دعائم صرح هذه الأمة.

واعتبارا لمركزية وحيوية دور المرأة في أي نهضة أو قومة حضارية للأمة، لا بد من مقاربة أصيلة لقضيتها، تنطلق من استحضار الإرث النبوي والنماذج التاريخية الراقية لنساء عالمات ومجاهدات ومربيات، كن جزءا من أمة سادت وانطلقت في الآفاق دعوتها، وامتد في العالمين أثرها وخبرها، كل ذلك بمعية الرجل وإلى جانبه، في العطاء وتحمل الأعباء.

مقاربة شاملة، لا تتصور نهوضا للمرأة في ظل واقع سياسي يسود فيه الاستبداد، ووضع اقتصادي يتآكله الجشع والنهب، و يحكمه منطق الريع، وواقع اجتماعي وأخلاقي تنخره الأنانيات والكراهية وحب الانتقام، وتسوق فيه الرذيلة بأبخس الأثمان.

أين نحن من روح المسجد وسكينته في عصر المزاحمة الإعلامية في الفضاء، وعلى الأمواج، وعبر القارات؟ لا يملك أن ينجو أي ميدان أو قطاع من النتيجة الحتمية لما تقدم من معادلة الفساد، إلا أن يكون أهلك وأفنى..

فلا يستقيم حضور المرأة وتأثيرها، وحضور الرجل وتأثيره هو الآخر، إلا بعد أن تستأصل أصول الداء، الذي جثى وعتى وأثخن ضربا وسطوا على حقوق الطرفين.

مقاربة واضحة ومسؤولة، بعيدة عن كل الدعوات الهاملة المائلة، أو المناشدات اللفظية، أو الحمولات الإيديولوجية، أو في أحسن الأحوال ظواهر صوتية تصرخ هنا وترضخ هناك، تأخر الإصلاح ولا تقدمه، تعيق حضور الجميع ولا تدفع به، ولا يستقيم القول عن التأثير في الواقع دون أن يصبح الحضور حقيقة لازمة و حجة لاحبة.

مقاربة إجرائية، تقترح حلولا عملية تتنزل على الواقع عبر مستويات ومراحل لتشمل جميع مناحي الحياة، منها ذات طابع استعجالي آني يرفع الجور ويرد المظالم ويدفعها، وأخرى ذات طابع استراتيجي وفق برنامج متكامل يبغي تصحيح السير ويرمي بناء أساسات صلبة شعارها الكرامة الإنسانية والعدالة والحرية.

أخيرا مقاربة مستقبلية، تستشرف بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاص هذه الأمة القريب إن شاء الله تعالى، الذي لا ينفصل عن الخلاص الفردي للمرأة باعتبار أن قضيتها الوجودية والمصيرية هي قضيتها مع ربها جلا وعلا .