المحامي بنقادى يذكر بكرونوجيا أحداث ملف الشهيد عماري ويؤكد إحياء الملف في كل محطة

Cover Image for المحامي بنقادى يذكر بكرونوجيا أحداث ملف الشهيد عماري ويؤكد إحياء الملف في كل محطة
نشر بتاريخ

قدم الأستاذ عبد الحق بنقادى، عضو المكتب التنفيذي للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، جردا كرونولوجيا لملف الشهيد كمال عماري، خلال مداخلة حملت عنوان “كشف الحقيقة في ملفات ضحايا عنف السلطة”، في الندوة الحقوقية والقانونية التي شكلت المحطة الأولى من برنامج فعاليات تخليد الذكرى 12 لارتقاء الشهيد كمال عماري، والتي كان موضوعها “عنف السلطة والإفلات من العقاب”.

واعتبر بنقادى فيما يتعلق بكشف الحقيقة في ملفات عنف السلطة والإفلات من العقاب، ملف الشهيد كمال عماري “ملفا ضمن سلسلة من الملفات التي عرفها تاريخ المغرب، تاريخ المس بالسلامة الجسدية واغتيال المناضلين والزج بهم في السجون وإقبار حقيقتهم، هذه هي السمة التي طبعت الممارسة السلطوية في المغرب”. مشيرا إلى ملف “الشهيد ياسين الشبلي بمدينة بن جرير، والذي يعرف تقاطعا كبيرا مع ملف الشهيد كمال عماري”.

وانطلق المحامي في جرده للأحداث من توضيح سياق قضية الشهيد عماري، ففي “20 فبراير 2011 كان المغاربة على موعد مع تظاهرات سلمية عبروا فيها عن موقفهم من السلطة الحاكمة ومن واقع الحقوق والحريات بمجموعة من المطالب في هذا الوطن الحبيب بشكل سلمي، أداره شباب هذا الوطن بكل اقتدار ومسؤولية، لكن السلطة كان لها موقف آخر، وبالضبط في 29 ماي 2011، أي بعد مرور حوالي أربعة أشهر على هذه الاحتجاجات السلمية، بالتدخلات واستعمال العنف المفرط لكبح جماح هذا الحراك الشعبي المتنامي والمتزايد، وهذا الأمر كان صلب ما أشار إليه وأكده تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي عرضه أمام البرلمان والذي جاء فيه بالضبط أن المغرب في 2011 شهد 23121 تجمعا ومظاهرة، وفي 2012 شهد 20040 تجمعا ومظاهرة. وبالتالي فنحن نتحدث عن فترة كان المغرب يعرف فيها حراكا متناميا واحتجاجات شعبية متزايدة في مختلف الأماكن ترفع مطالب مختلفة: سياسية ومدنية واجتماعية..”.

واسترسل بنقادى موضحا ما وقع للشهيد كمال عماري، عضو جماعة العدل والإحسان الذي كان يواظب على حضور الوقفات الاحتجاجية ضمن هذا الحراك في مدينته آسفي، “ما وقع بالضبط هو أنه في هذا اليوم (29 ماي 2011) بعد التدخل، وبشهادة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بآسفي أن “الأمر كان يتعلق ببداية تجمع لتظاهرة، وكان المتظاهرون مشتتون بين الأزقة والدروب بعد تدخل السلطة وتفريقها لهاته المظاهرات”. بعد ذلك تم الاستفراد بالشهيد كمال عماري في منطقة معزولة بعيدا عن مكان التظاهر بعد تفريق التظاهرة بأزيد من ساعتين، لتنهال عليه مجموعة من عناصر الشرطة بالضرب على مستوى الرأس والظهر وأجزاء متفرقة من جسده، ليفارق الحياة بالضبط يوم 2 يونيو 2011”.

بعد ارتقاء الشهيد كمال عماري إثر إصاباته البالغة ستبدأ هيئة دفاعه عملها، حيث “سارعت إلى تقديم شكاية أمام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بآسفي، الذي كلف نائبين عنه لمعاينة جثة الشهيد وتحرير محضر بالمعاينة، بعد ذلك تم تكليف مركز الطب الشرعي التابع للمستشفى الجامعي ابن رشد بإجراء تشريح طبي على الضحية”.

في اليوم الموالي – يواصل بنقادى سرده للوقائع – “تقدمت هيئة الدفاع بطلبين أمام كل من المحكمة الابتدائية بآسفي والمحكمة الإدارية بمراكش، من أجل إجراء خبرة طبية على جثة الضحية، قضت هاتين المحكتين بعدم قبول هذا الطلب. بعد ذلك، وبالضبط يوم 4 يونيو، وبعد مفاوضات مع الأسرة وبعد الوعود التي قدمتها النيابة العامة سواء لأسرة الشهيد كمال عماري أو لهيئة الدفاع بأنها ستمكنهم من نسخة من تقرير التشريح الطبي، وافقت الأسرة على القيام بإجراءات دفن الشهيد كمال عماري. ليفاجأ الرأي العام والأسرة وهيئة الدفاع يوم 6/6/2011 ببلاغ بثته أغلب وسائل الإعلام الرسمية في قصاصات مبتورة ومجزوءة لخلاصات التقرير الطبي، تعلن فيه بأنها كلفت الفرقة الوطنية بإجراء بحث تمهيدي في هاته القضية”.

وسيأخذ الأمر مدة سنة تقريبا من تاريخ الوفاة، يضيف المتحدث، “ليتم إحالة الملف من طرف الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بآسفي على السيد قاضي التحقيق، ونعرف أنه وفقا للمادة 83 من قانون المسطرة الجنائية أن التحقيق يكون إلزاميا في الجنايات التي تكون عقوبتها إما بالإعدام أو بالعقوبة السجنية التي تصل في حدها الأقصى 30 سنة، وبالتالي فمفهوم الإلزامية هنا يوحي إلى مفهوم السرعة، وأن هذا النوع من الملفات هي إجباريا وبدون اختيار مآلها الإحالة على قاضي التحقيق. سيبقى الملف إذن سنة قبل أن يحال على السيد قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بآسفي، ليباشر التحقيق ضد مجهول من أجل العنف العمدي المؤدي للوفاة دون نية القتل”.

“بعد هذا المسار القضائي للملف، وخلال الذكرى الأولى والثانية والثالثة التي تلت استشهاد كمال عماري، ستصدر هيئة الدفاع ثلاثة بيانات بهذا الخصوص، سجلت فيها حرمانها من نسخة من ملف القضية بما في ذلك محاضر السلطة القضائية، وتقرير التشريح الطبي، في خرق سافر وفاضح لحق الدفاع ولأبسط شروط المحاكمة العادلة. وأعلنت عن قلقها وتخوفها من مسار التحقيق الذي عرف عدة جلسات، دامت لمدة أربع (4) سنوات، استمع خلالها قاضي التحقيق إلى عدة أشخاص؛ رجال أمن ومسؤولين وغيرهم، دون أن يخرج بأية خلاصات أو استنتاجات، ودون أن يوجه أي إجراء من إجراءات البحث والتحقيق ضد أي من رجال القوة العمومية سواء رؤساء ولا مرؤوسين”. يوضح بنقادى قبل أن يعلن قرار السيد قاضي التحقيق بعد هذه السنوات، والقاضي “بعدم المتابعة بتعليل “لعدم معرفة الجاني”، وهو حفظ مؤقت إلى حين ظهور عناصر جديدة”. ويتابع كاشفا: “هذا القرار الذي صدر في 24/3/2016، ستتقدم هيئة الدفاع بطعن فيه أمام الغرفة الجنحية بالضبط في 8/6/2016، التي قررت تأييد قرار قاضي التحقيق. قرار الغرفة الجنحية هذا كان موضوع طعن أمام محكمة النقد، لتصدر قرارها بتأييدها هي الأخرى لقرار الغرفة الجنحية في 1 نونبر 2017”.

وخلص الناشط الحقوقي إلى مرماه من سرد هذه الكرونولوجيا، وهو “أن إعدام الشهيد كمال عماري بتلك الطريقة الفجة التي شهدت عليها التقارير الرسمية ممثلة خاصة في تقرير التشريح الطبي، والتقرير الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومختلف البلاغات الرسمية الصادرة، وشهادات عدد من تقارير المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية. بعد هذا الإعدام الجسدي وهذا القتل الممنهج، هذه الجريمة التي نعتبرها جريمة دولة بامتياز، سنكون في 1 نونبر 2017 على موعد مع إعدام لملف الشهيد، إعدام لقضية وقتل لها بالقرار الذي أصدره القضاء المغربي بخصوص هاته القضية”.

وختم بنقادى مداخلته بتأكيده “أن قضية الشهيد لا يمكن أن تموت في وجدان الشعب المغربي، لا يمكن أن تموت في وجدان الشباب ومحبيه وأصدقائه ورفاقه، ولكن على المستوى الرسمي؛ في زجر من قاموا بارتكاب هذا الفعل؛ سواء من أصدر الأمر بذلك، أو من نفذ، أو من سكت أو تستر عن الأمر، لحد الآن نقول إن هذه القضية لا على المستوى الشعبي ولا على المستوى الحقوقي ما تزال مفتوحة، وستبقى. لا هيئة الدفاع ولا جل المنظمات الحقوقية ولا المناضلين على أهبة أخذ زمام المبادرة في هاته القضية وإحيائها وتفعيلها في كل محطة وفي كل مرحلة”.