القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان يحذر من خطر تصاعد وتيرة العنف الذي تتعرض له المرأة المغربية

Cover Image for القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان يحذر من خطر تصاعد وتيرة العنف الذي تتعرض له المرأة المغربية
نشر بتاريخ

بسم الله الرحمان الرحيم

بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة

“ما أهانهن إلا لئيم”

بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والذي يصادف 25 نونبر من كل عام، يسجل المكتب القطري للقطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، باهتمام وقلق بالغين، التصاعد المخيف لوتيرة العنف ضد النساء، خاصة في محيطنا الإقليمي والعربي. وتيرة متسارعة لم تكتف بحصد أرواح المئات، لكنها حصدت أمن واستقرار وكرامة الآلاف من النساء.

حروب مدمرة وصراعات مسلحة وانقلابات دموية خلفت وراءها وما تزال ضحايا كثرا، وأصبحت المرأة فيها مستهدفة بلا رحمة في حياتها و أمنها وعرضها ورزقها… واللائحة تطول.

ورغم نواقيس الخطر التي نبهت لحجم الظاهرة واستفحالها عبر تقارير ودراسات وملتقيات، إلا أنها لم تفلح في الحد من هذا الوباء وإيقاف هذا النزيف الذي تدفع ثمنه نساء العالم بالدموع وبالدم.

وما كان المكتب القطري ليترك هذه المناسبة تمر دون أن يلتفت إلى معاناة الآلاف من النساء ويعبر عن استنكاره الشديد لما تتعرض له نساء الأمة من أشكال العنف والقمع والتضييق والاضطهاد والاستغلال الجنسي… في فلسطين وسوريا والعراق ومصر واليمن وغيرها على مرأى ومسمع من العالم، ولا حياة لمن تنادي.

وبالعودة لمغربنا الحبيب فإن ظاهرة العنف طالت فئة واسعة من النساء المغربيات، ظاهرة ترتفع أرقامها، وتتفاقم تداعياتها يوما بعد يوم وسنة بعد أخرى، إذ من بين ما يفوق 10 مليون امرأة تتعرض ما تناهز 6 ملايين امرأة لشكل من أشكال العنف بنسبة تصل إلى 63%.

لقد أصبح العنف علقما تتجرعه المرأة سواء في المجتمع القروي أو الحضري، تختلف أشكاله والأثر واحد: عنف جسدي، جنسي، نفسي، اقتصادي، فكري، بنيوي… أشكال يتعاقب على ممارستها الزوج والأهل والمستخدم والشارع والإعلام والدولة… بل تمارسها حتى المرأة نفسها في إطار ما يمكن أن نسميه ب”عنف الظل”، هذا إضافة إلى أشكال أخرى يصعب تحديدها وسط ثقافة الصمت التي تكتنف الظاهرة، ومناخ الإفلات من العقاب الذي يساهم في التطبيع مع الظاهرة والتشجيع عليها، وأمام عجز الكثير من النساء عن إدراك أن ما يتعرضن له من ممارسات هو نوع من أنواع العنف.

إن هول الأرقام التي تكشف عن حجم انتشار ظاهرة العنف ضد النساء من جهة كأنما أصبحت نساؤنا وسيلة للتنفيس عن حالة الإحباط التي يعاني منها المجتمع، إلى جانب هول المآسي الاجتماعية والآثار النفسية والجسدية والاقتصادية المترتبة عنها من جهة أخرى، يؤكدان عجز الحملات التحسيسية والمقاربات القانونية التشريعية لوحدها عن تطويق الظاهرة من كل جوانبها بهدف الحد منها والقضاء عليها.

وهذا يزيد من إيماننا بأن أي سعي لمناهضة العنف لا يمكن أن يؤتي أكله في غياب إرادة حقيقية للدولة بكل مؤسساتها لاستئصال الورم من جذوره، وذلك بوضع استراتيجية شمولية عميقة تتبنى سياسة بناء الإنسان، استراتيجية تلامس جوهر الإنسان الأخلاقي، التربوي والقيمي، وتشمل أوضاعه الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فلا يمكن بحال عزل الظاهرة ومعالجتها بعيدا عن السياق الذي أنتجها وغذاها.

وإننا في هذا الإطار نؤكد أن النظام الذي يعتمد الظلم والاستبداد والعنف واستعباد البلاد والعباد منهجا للحكم، لا تنسجم شعاراته بأي حال من الأحوال مع قيم الإنسانية والحرية والعدالة وحقوق المرأة وتمكينها، وغيرها من الوعود الزائفة والشعارات البراقة التي تثار في مناسبات ثم يطويها النسيان حتى موعد الذكرى في السنة الموالية.

وإننا في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان وأمام هذه الأوضاع المتأزمة للمرأة المغربية خاصة ونساء العالم عامة نعلن ما يلي:

1- رفضنا المطلق للعنف الممارس ضد النساء أيا كان مصدره أو شكله.

2- استنكارنا لما تتعرض له نساء فلسطين وسوريا والعراق ومصر، وما تتعرض له النساء في كل بؤر التوتر من عنف مادي ومعنوي.

3- تحذيرنا من خطر تصاعد وتيرة العنف الذي تتعرض له المرأة المغربية.

4- تحميلنا الدولة بجميع مؤسساتها ومستوياتها مسؤولية استفحال ظاهرة العنف وتفاقم تداعياتها.

5- رفضنا للسياسات المراوغة التي تكيل في قضايا المرأة بمكيالين وتلعب فيها دوري القاضي والجلاد، وذلك بدعم العنف وتغذيته من جهة، وادعاء محاربته من جهة أخرى.

6- إيماننا بأن إنصاف المرأة المغربية وتمتيعها بحقوقها الضامنة لكرامتها لا يتحقق إلا في إطار تمتيع كافة الشعب المغربي بحقوقه وضمان كرامته.

7- إيماننا بأن تطويق ظاهرة العنف واستئصالها من المجتمع لا يتم إلا في إطار إصلاح شامل يكون الجانب التربوي الأخلاقي بوابته الرئيسية.

8- دعوتنا لكل المنظمات والجمعيات والغيورين والفضلاء من رجال ونساء هذا البلد إلى تعاون حقيقي جاد بعيدا عن الحلول الترقيعية، من أجل تخليص النساء من كابوس العنف الذي يشل فاعليتهن داخل المجتمع.

وفي ختام هذا البيان نعزي كل المغربيات والمغاربة في أخواتنا وإخواننا ضحايا الفيضانات الأخيرة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمدهم برحمته ويرزق ذويهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.