في سياق الحراك الميداني الذي عرفته مدينة الفنيدق بحر الأسبوع المنصرم عقب حادث التدافع المميت بمعبر “تاراخال2″، احتضنت جماعة العدل والإحسان بالمدينة أمس السبت 20 يناير 2018 نخبة من الفعاليات السياسية والجمعوية والحقوقية المحلية والجهوية على طاولة نقاش تحت عنوان “المأساة الإنسانية بمعبر باب سبتة- بين مسؤولية الدولة ودور المجتمع المدني”، في محاولة لفهم الظاهرة ورصد التقديرات المختلفة للموقف إزاءها وتقييم الأداء الرسمي وتعاطي المجتمع المدني مع تطوراتها الأخيرة، وكذا لاستشراف آفاق المعالجة الممكنة وسيناريوهات العمل لمحاصرة آثار هذه المأساة والحد من مضاعفاتها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
وقد أجمعت جل المداخلات على خطورة الوضع الإنساني بالمعبر واستعجاليته التي ترقى به لمنزلة “الكارثة الوطنية” بتعبير محمد بن عيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، وخصوصا بعدما اختطفت ستة أرواح من بين العاملات بالمعبر. قريبا من ذلك، قدرت هاجر الحداد -عن القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان- ذات الوضع بكونه “مسلسل قتل مستمر في صمت”. وفي سياق تقدير مسؤولية الدولة والنخب محليا ووطنيا أكد الناشط السياسي الخليل الجباري أن استمرار الوضع المأساوي بالمعبر واستفحاله راجع أساسا لدوائر الفساد والريع المالي والمؤسسي التي نشأت وامتدت ترابطاتها المنفعية ذات الصلة بالمعبر وأنشطة التهريب. أما الفاعل السياسي ياسين يكور عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي فقد حذر من مغبة “التماهي بين بؤر الفساد الضالعة في أزمة المعبر الحدودي مع النخبة السياسية المحلية” إلى الحد الذي تصير معه الأولى “منتجة للثانية”.
في المحور المتصل بتقدير سلوك ضحايا المعبر من ممتهني التهريب المعيشي وضعف الوعي بمأساتهم أكدت الفاعلة النقابية نهاد فضالي على ضرورة “مراعاة وضعهم الاجتماعي الموغل في الهشاشة وغياب أدنى مستوى من التأطير النقابي والحقوقي لصالحهم” وخاصة إذا تعلق الأمر بمهاجرين وافدين على المدينة يشتغلون في نشاط معيشي خارج القانون. وفي سياق التفسير كذلك دعا الناشط الجمعوي محمد الدواس إلى ضرورة “مراعاة وضع الإكراه الاجتماعي الذي تعيشه هذه الفئة في غياب أي بديل اقتصادي تنموي” من طرف الدولة. من جهته، عزا جمال الشعيري -عن جماعة العدل والإحسان- تفاقم حدة الأزمة الاجتماعية بالمدينة وحال الاضطراب الذي تعيشه الساكنة عامة والمشتغلون بالمعبر إلى “افتقاد الدولة وممثليها بالجهة لأي تصور عن الهوية الاقتصادية للمدينة” وتضارب ذلك بين تجارية خدماتية، إلى عقارية سياحية آلت كلها للفشل.
وتتويجا لمحاور المائدة خلص المتدخلون في سياق اقتراح خطط العمل المستقبلية وآليات التجاوز إلى صياغة مقترحات انصبت في مجملها على ضرورة تجاوز النموذج التنموي المحلي للمدينة والبحث عن بدائل اقتصادية تساعد على طي “حقبة المعبر”. إلى ذلك، دعا الخليل بنعيسى -كاتب فرع حزب الاستقلال الدولة إلى “ضرورة تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن” تعقيبا على المداخلات التي رأت في الشارع ملاذا ملحا للدفع بالملف. أما الدكتور عبد الرحمن منظور الشعيري فقد ثمن مقترحات المتدخلين ودعا “لمواصلة الحوار في أفق صياغة نداء باسم فعاليات المدينة يستعرض مساهمتها في الحلحلة وتقديرها للموقف بكل أبعاده”.