الفضيلة العظيمة والحرمة القديمة

Cover Image for الفضيلة العظيمة والحرمة القديمة
نشر بتاريخ

إنه يوم عاشوراء، يوم من شهر عظيم، هو شهر الله المحرم، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي أنه قال: “أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل” وقد سمى النبي المحرم شهر الله دلالة على شرفه وفضله.

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: “إن الله افتتح السنة بشهر حرام واختتمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من شدة تحريمه”.

كيف نحيي يوم عاشوراء؟

لعل المتتبع منا لهذا اليوم يرى أن الناس صنفان في طريقة إحياء هذا اليوم العظيم: فمنا من يهتم بشراء اللعب والطبول والفواكه الجافة… وتحضير الكسكس وفق عادات ورثناها دون معرفة مصدرها ولا حتى مصداقيتها. نرجع للسنة النبوية ونقف مع سيدة جليلة تحكي لنا عن يوم عاشوراء وعلاقة اللعب والطبول بهذا اليوم؛ ورد في الصحيحين عن الربيع بنت معوذ قالت: (أرسل رسول الله غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: “من كان أصبح منكم صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح منكم مفطرا فليتم بقية يومه”. فكنا بعد ذلك نصوم ونصوّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار). وفي رواية: “فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة نلهيهم حتي يتموا صومهم”. كانت اللعب إذن وسيلة لإسكات الأطفال لإتمام صيامهم، وهذا إنما يدل على أهمية الصيام في يوم عاشوراء وأهمية التوسعة على العيال وتدريبهم على التقرب من الله تعالى.

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل يوم عاشوراء والصوم فيه، نذكر منها:

في الصحيحين عن ابن عباس أنه سئل عن يوم عاشوراء فقال: “ما رأيت رسول الله يوماً يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم (يعني يوم عاشوراء) وهذا الشهر (يعني رمضان).

كان يصوم يوم عاشوراء بمكة ولا يأمر الناس بالصوم، فلما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له، وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به، صامه وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه والحث عليه، حتى كانوا يصوّمونه أطفالهم. وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: (قدم رسول الله المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله: “ما هذا اليوم الذي تصومونه؟” قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً لله فنحن نصومه، فقال: “فنحن أحق وأولى بموسى منكم” فصامه رسول الله وأمر بصيامه).

من فضائل شهر الله المحرم أن صيام يوم عاشوراء فيه يكفر ذنوب السنة التي قبله، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رجلاً سأل النبي عن صيام يوم عاشوراء فقال: “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله”.

اللهم تقبل صيامنا واجعلنا من المغفورين لهم. آمين.