انبثقت أشغال المجلس الإداري للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، الذي عقد دورته العادية يوم الأحد 7 يناير 2024 بمدينة الرباط تحت شعار: “من أجل ميثاق حقوقي عالمي يحقق العدل الدولي والتراحم الإنساني”، عن بلاغ حمل عصارة ما تمت مناقشته من القضايا والمطالب الحقوقية الآنية، وما تم الوقوف عليه من سمات المشهد الحقوقي الدولي والوطني.
على المستوى الدولي سجل المجلس “بكل أسف وأسى فشل الأمم المتحدة وباقي مؤسساتها الأممية، في تمثل شعارها المرفوع خلال هاته السنة، بإنصاف الفلسطينيين وحمايتهم من العدوان الذي طالهم من قبل الآلة الحربية لقوات الاحتلال طيلة سنة 2023″، “في أبشع صورة للوحشية والإرهاب.. حيث ارتكب الاحتلال 1915 مجزرة مستعملا الأسلحة المجرمة دوليا في انتهاك صارخ لكل قواعد القانون الدولي الإنساني”، “وسط عجز تام للآليات الأممية في توفير الحماية لهم وردع مجرمي الحرب وإيقاع العقاب عليهم ووقف إطلاق النار بشكل دائم على المدنيين العزل”.
وفي المقابل “ثمن المجلس الإداري جهود القوى الحية والأصوات الحرة عبر العالم، التي رفعت حناجرها إلى جانب الشعوب في مختلف بقاع العالم ومعها الضمائر الحرة المنتصرة للقيم الإنسانية ولحق الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال وبناء دولته المستقلة على أرضه، وفقا لقواعد ومبادئ القانون الدولي”، وافتخر “بمشاركة أطر من أصل مغربي في مبادرة رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بمعاقبة مجرمي الحرب”.
وسجل المجلس “استمرار الحرب الضروس بين روسيا وحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، على التراب الأوكراني، مما أرخى بنتائجه الوخيمة على الاقتصاد الدولي بشكل عام واقتصاديات دول الجنوب بشكل خاص في سياق حرب استراتيجية غرضها بالأساس التمكين لخيارات الرأسمالية المتوحشة الهالكة للبشر والعمران”.
وأرجع “الأسباب الرئيسية لاتساع دائرة العنصرية وكراهية الأجانب في الدول الأوروبية وخاصة المسلمين منهم الذين يتعرضون لكل أشكال التمييز” إلى “صعود اليمين المتطرّف في أوروبا”.
كما عبر المجلس عن قلقه الشديد للعودة “المعكوسة للانقلابات العسكرية في أفريقيا بدوافع التصدي للهيمنة الفرنسية، مما أجج الوضع في إفريقيا بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها شعوب هذه البلدان، بسبب السياسات الاستعمارية التي تنتهجها فرنسا وحلفائها في حق شعوب هذه المنطقة”.
إقليميا سجل المجلس الإداري “استمرار الاحتجاجات الشعبية الفئوية والقطاعية والمجالية ضد السياسات المنتهجة من طرف الأنظمة الموغلة في السلطوية والقمع خاصة بعد ربيع 2011، حيث استمرار الاعتقالات والمحاكمات السياسية للمعارضين كما هو الشأن بالنسبة للشيخ راشد الغنوشي بتونس”.
أما على المستوى الوطني فقد ندد المجلس “بالسياسات العمومية المنتهجة التي تمس بالحقوق الأساسية المتعلقة بالعيش الكريم للمغاربة”، منها؛ الاستمرار في خوصصة القطاعات الحيوية وضمنها قطاع الماء والكهرباء، ومنها ” تراجع الخدمات الصحية والحرمان من الحق في التغطية الصحية حيث مازال أكثر من 73.4% من المشتغلين محرومين من هذا الحق”.
وسجل بخصوص الوضع الكارثي الذي تعيشه المناطق المنكوبة جراء الزلزال الذي ضرب المغرب يوم 8 شتنبر 2023 تباطؤ الإجراءات المتخذة في هذا الإطار، ودعا “السلطات إلى التعجيل بتسوية وضعية المتضررين وجبر ضرر الضحايا وإعادة إعمار هذه المناطق التي كشفت المستور عن المغرب الآخر الغارق في الفقر المدقع”.
ونبه إلى كون المقاربة القانونية في مسألة تعديل مدونة الأسرة “غير كافية لوحدها، بل لابد من مداخل أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وإعلامية..”.
وسجل المجلس الإداري أيضا “توجه الدولة نحو الإلغاء التدريجي لصندوق المقاصة الذي تقلصت ميزانيته من 53.4 مليار سنة 2012 إلى 26 مليار درهم سنة 2023. مع انتهاج سياسة اقتصادية ومالية وضريبية تكرس مزيدا من الفقر والبطالة.. وتعميق البؤس الاجتماعي في ظل الارتفاع المهول للأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمغاربة”.
وشجب “تبني السلطات المغربية المقاربة الأمنية في مواجهة كل مظاهر الاحتجاج والرفض للسياسات العمومية الموغلة في الإجهاز على العديد من الحقوق والحريات مع الإصرار على محاكمة النشطاء.. وكذلك قمع ومتابعة الأصوات الحرة المزعجة للسلطة الرافضة للقرارات والسياسات المجحفة. والتضييق على الصحافة الحرة والمدونين والأقلام الجريئة”.
وطالب “السلطات المختصة بالتراجع الفوري عن قرارات التوقيفات المؤقتة التي طالت العديد من نساء ورجال التعليم”، ودعا “إلى الانصات لهموم الشغيلة التعليمية والاستجابة لمطالبها العادلة والمشروعة”.
كما سجل “استمرار الدولة في التضييق على الحريات العامة ومحاصرة العديد من الهيئات والتنظيمات السياسية والحقوقية والمدنية بسبب آرائها المعارضة منها الجمعية المغربية لحقوق الانسان وجماعة العدل والإحسان.. حزب النهج الديمقراطي العمالي والعديد من التنظيمات المدنية”.
ونادى “بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وفي مقدمتهم النقيب محمد زيان والصحفيين سليمان الريسوني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين، والنشطاء سعيد بوكيوض ورضا بنعثمان وياسين الثوار وسعيدة العلمي، ومعتقلو حراك الريف، والمدونين وكافة المعتقلين بسبب آرائهم أو مواقفهم”، وهنأ الدكتور محمد أعراب باعسو بمناسبة الإفراج عنه “بعد إنهاء محكوميته معبرا عن تضامنه معه حتى نيل براءته مما نسب إليه من تهم واهية في استهداف له على خلفية انتمائه السياسي”.