العودة وإسقاط ”خطة الجنرالات” وأوهام الاستيطان بغزة: أبرز ملامح النصر

Cover Image for العودة وإسقاط ”خطة الجنرالات” وأوهام الاستيطان بغزة: أبرز ملامح النصر
نشر بتاريخ

كانت ما سميت بـ ”خطة الجنرالات” تهدف إلى السيطرة على شمال قطاع غزة من خلال تهجير سكانه إلى الجنوب وفرض حصار كامل عبر التجويع ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

غير أن صمود الفلسطينيين، حاضنة شعبية ومقاومة، طيلة خمسة عشرة شهرا قلبت المعادلة وفرضت واقعا جديدا تجلى في العودة الجماعية في مشهد تاريخي فريد على مدى حوالي قرن من الاحتلال والتهجير الصهيو_إنجليزي لفلسطين منذ الانتداب البريطاني سنة 1920.

1-   السياق العسكري لـ ”خطة الجنرالات”

بفعل الضربات المتتالية للمقاومة وسعيا لعزلها والقضاء عليها، اقترح الجنرال السابق في الجيش الصهيوني  “غيورا آيلاند” على نتنياهو الخطة في شتنبر 2024، وتبناها عدد كبير من جنرالات الجيش، لذلك سميت بخطة الجنرالات.

وتأتي الخطة في سياق عجز جيش الاحتلال بعد 343 يوما من فرض واقع أمني جديد في غزة، كان يراد منه تحقيق أهداف تكتيكية من قبيل تحييد البنية العسكرية للمقاومة كالأنفاق، ومخازن الأسلحة، وتدمير مراكز القيادة والسيطرة ونقاط الاتصال.

كما تأتي الخطة في سياق خطير بعد أن وصل جيش الاحتلال إلى مرحلة من الإنهاك والإرباك في القرار مما خلق واقعا ميدانيا يحتاج ”قوات عسكرية طازجة” منعدمة لفرض السيطرة على الشمال الذي يمثل ثلث مساحة قطاع غزة.

المرحلة الأولى من الخطة كانت تقضي بإخلاء سكان شمال القطاع وتهجيرهم للجنوب، فيما المرحلة الثانية كانت تهدف لفرض حصار شامل على من تشبث بالبقاء وعزل المنطقة عن باقي القطاع، وذلك بمنع أي حركة دخول أو خروج منها أو إليها، ووقف المساعدات والإمدادات بما في ذلك الغذاء والوقود والمياه، واعتبار كل من تبقى أهدافا عسكرية.

2-   مشاهد العودة لشمال القطاع، الذاكرة والمنجز

حلم العودة والتحرير لا يفارق ذاكرة أي فلسطيني، مرجعه شرعية العدل وشرعية مقاومة المحتل لإنجاز التحرير الشامل من أخبث وأخطر ”استعمار إحلالي” في هذا العصر.

فمنذ 1920، تاريخ فرض الانتداب البريطاني على فلسطين وما تلاه من حملات التهجير والإبادة على يد العصابات الصهيونية وحلم العودة يسكن ذاكرة الفلسطينيين اللاجئين شرقا وغربا وبالداخل.

حتى يوم الإثنين 27 يناير 2025 الذي سيبقى محفورا في الذاكرة، فبعد 15 شهرا من العدوان انطلق مد بشري هائل باتجاه شمال القطاع، بعشرات الآلاف من النازحين، على شارع الرشيد قبالة البحر الأبيض المتوسط في مشهد تاريخي يؤرخ لأول عودة منذ 75 سنة، ضدا على حرب الإبادة والتهجير الصهيونيين، في تحد للبرد والجوع وآلة الحرب الصهيونية وقنابله ومتفجراته المزروعة بالطريق.

مشهد أبهر العالم وشكل صدمة لقادة الكيان الغاصب وحطم صورة النصر المتوهم التي سعوا لترويجها، بما أبرزه من ارتباط الفلسطيني بأرضه وجذوره واستعداده لدفع الأثمان اللازمة من أجل العودة والتحرير.

وقد عبر رئيس حزب “العظمة اليهودية” إيتمار بن غفير عن حالة الإحباط في إسرائيل من مشاهد عودة النازحين، وقال “إن فتح طريق نتساريم ودخول عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمال قطاع غزة هي صور لانتصار حماس وجزء مهين آخر من الصفقة المتهورة واللامسؤولة”.

3-   ثبات الفلسطينيين والعودة أسقطتا مخططات وأوهام الاستيطان

تحت عنوان ”نستعد للاستيطان بغزة” أعد حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو خططا ومشاريع استيطانية في غزة وغلافها بدعم الحكومة والجمهور الساعي لإفراغ غزة من أهلها عبر القتل والتهجير.

وقد كانت الخطط تقضي بعملية تطهير عرقي للفلسطينيين من شمال القطاع إلى محور نتساريم لضمان وجود يهودي بامتياز وليس مجموعات استيطانية وسط وجود فلسطيني، مع توسيع ميناء أسدود والمنشآت التابعة شمال القطاع كجزء من ”متروبول أسدود”.

مقابل ذلك كان تشبث حوالي نصف مليون فلسطيني بمحافظتي غزة والشمال بأرضهم برغم حرب الإبادة والتجويع ورفضوا النزوح وآثروا البقاء في منازلهم حتى اضطروا لطحن أعلاف الحيوانات لتناولها بعدما نفذ الدقيق وبدائله التي لجؤوا إليها، مع ثبات المقاومة في الميدان من الأسباب الرئيسية لإفشال مخطط التهجير والاستيطان الذي خطط الاحتلال لتنفيذه.

105 يوم من الإبادة والتدمير لم تفلح في تفريغ شمال قطاع غزة، وبقي ما يقرب من 40 ألف مواطن في منازلهم رغم الأهوال التي تعرضوا إليها على مدار الساعة..

تتويجا لكل ذلك جاءت عودة المهجرين قسرا لتعلن إسقاط أوهام الاستيطان و”خطة الجنرالات” وأحلام التوسع ضربة واحدة وتبشر بالعودة والتحرير ودحر الاحتلال.