الصلاة النافلة

Cover Image for الصلاة النافلة
نشر بتاريخ

هي الحبل الواصل بالله عز وجل، وفيها يكون المرء أقرب إلى الله عز وجل منه في غيرها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» [عبد السلام ياسين، شعب الإيمان، ص 155].

بها نفزع إلى الحنان المنان نبث فيها الخبيئة ونتطهر من الخطيئة، وتَم نقف على الأعتاب نُلح على الوهاب نتلمس الدرجات والقرب والحاجات.

هي عماد الدين وعموده الفقري، والتي لا يكون المسلم مسلما إلا بها.

هي الناهية عن الفحشاء والمنكر، قال عز من قائل: وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر (العنكبوت، 45).

والصلاة إما فريضة مكتوبة وهي الصلوات الخمس، أو نافلة مسنونة أي ما زاد فضلا عن الفرائض، شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وواظب عليها، وهي مما يتقرب به العبد إلى المولى عز وجل بعد الفرض المكتوب، فقد روي عن سيدنا أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: “منْ عادى لي وَلِيّاً. فقدْ آذنتهُ بالْحرْب. وَمَا تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ: وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه” (رواه البخاري).

قال الأستاذ عبد السلام ياسين في كتابه المنهاج النبوي ص 155: “وأن التقرب إلى الله عز وجل يكون بالفرض أولا، فإذا تم الفرض أركانا وخشوعا صح النفل”.

هذا في عموم الأزمان والأيام فما بالك ونفحات رمضان الفضيل تحفنا، والأرواح أكثر استعدادا للتعرض لها.

في هذا المقام نعد آكدَ ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النوافل، والتي تنقسم بدورها بين ما هو مقرون بالفرض كالرواتب وما هو مقيد بالمناسبة كصلاة العيد وما هو مطلق كصلاة الليل:

رغيبة الفجر: عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «رَكْعَتا الفَجْرِ خَيْرٌ مِن الدُّنْيَا وَمَا فِيها» [نفسه، ص 156].

نافلة الضحى: عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» [نفسه، ص 157].

نافلة الظهر: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ وقد سُئِلت عن تطَوُّعِه ﷺ: «كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» [نفسه، ص 158].

نافلة العصر: عنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ يُصلِّي قَبْلَ العصرِ [نفسه، ص 490].

نافلة بين أذان المغرب وإقامتها: عن عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ»، قَالَ: «فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً» [نفسه، ص 159].

نافلة ما بين العشاءين: عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى إِلَى الْعِشَاءِ [نفسه، ص 160].

نافلة العشاء: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: “بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَصَلَّى النبيُّ ﷺ العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ” [نفسه، ص 160].

نافلة الوتر: عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: «مَنْ خَشِيَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ أَوَّلِهِ، وَمَنْ طَمِعَ مِنْكُمْ أَنْ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ القُرْآنِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ3، وَهِيَ أَفْضَلُ» [نفسه، ص 161].

صلاة الليل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ» [نفسه، ص 162].

صلاة التوبة: عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُصَلِّي، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ [نفسه، ص 164].

صلاة الاستخارة: عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللهَ، وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَى اللهُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللهِ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ» [نفسه].

صلاة الحاجة: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يُتِمُّهُمَا، أَعْطَاهُ اللهُ مَا سَأَلَ مُعَجِّلًا أَوْ مُؤَخِّرًا» [نفسه، ص 166].

صلاة التراويح: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.

هذا بعض ما ورد في الصلاة النافلة، وإلا فلا يزال فيها بقية كركعتي الوضوء وصلاة الكسوف وصلاة العيد والجنازة..

وقد أوصى صلى الله عليه وسلم بالاثنتي عشرة ركعة السنن الراتبة مع الفرائض (أربع قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح) يصليهن العبد من يومه وليلته كما صح عنه: عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» [نفسه، ص 155].