الرجل والمرأة مخلوقان متكاملان

Cover Image for الرجل والمرأة مخلوقان متكاملان
نشر بتاريخ

أوجد الله عز وجل الكون وجعل فيه آيات كثيرة وعديدة تدل على عظمته وقدرته سبحانه وتعالى، حيث دعانا إلى التفكر والتأمل فيها يقول الله عز وجل: إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ الجاثية3. ويقول أيضا: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ال عمران 190. 
وقد خلق الله عز وجل الإنسان وأحسن خلقه وهيأه وأعده للاستخلاف وعمارة الأرض وسخر له ما في السماوات وما في الأرض، وقد جعل خلقه آية من آياته الدالة على وجوده قال عز من قائل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً سورة الروم اية20. خلق الانسان آية عظيمة عجيبة وجب الوقوف عندها لنشكر الخالق ولنزداد يقينا بحكمته وقدرته عز وجل وهي أقرب الآيات إلى النفس البشرية. والله سبحانه وتعالى خلق آدم من تراب وخلق حواء من ضلعه الأيسر, ومن منته العظمى سبحانه أن جعلهم سكنا لبعضهم البعض, فمع أتعاب العيش وضوضاء الحياة يحتاج الإنسان الى الشطر المكمل ليسكن إليه.. وقد خلق الله الذكر والأنثى في تكامل عجيب وفريد من ناحية الخلق، وكذلك من ناحية الوظيفة، لا مجال للمقارنة بينهما.
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: “منة عظمى وآية كبرى من مننه المشكورة وآياته المذكورة. سكون شطر هذه النفس الإنسانية إلى الشطر المكمل راحة واطمئنان وألفة واستئناس واستيطان، لولاه لكانت الحياة وحشة وغربة وقلقا. فالحمد لله رب العالمين، وله الحمد في الأولى والآخرة ” تنوير المؤمنات ص76
ومعنى السَكَنُ : السُكُونُ ، الطُمَأْنِينة ، الراحة. وسكَن الشَّيءُ: هدأ وتوقّفت حركته.
والسكن والمودة والرحمة نعم وهبة وعطاء من الله تعالى للإنسان في الدنيا ليتمتع بها ويعيش لذتها. ومع الانشغال بها ننسى المنعم الوهاب وننسى المهمة العظمى التي من أجلها خلقنا ألا وهي تحقيق العبودية له يقول الله عز وجل: وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون سورة الذاريات اية 58. قال ابن عباس في شرح هذه الآية: إلا ليعبدوني: إلا ليعرفوني.
العِبَادَةُ: الخضوع للإله على وجْه التعظيم وهي طاعة العابد للمعبود في الأمر والنهي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ! تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى ، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاً ، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ  رواه الترمذي.
ولب العبادة الدعاء بل هو العبادة كلها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يُسَيْعٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “الدعاء هو العبادة”. الدعاء أساسه التضرع و التذلل و الخضوع.
و يخصص الله عز وجل ذكرا لعباد الرحمان في كتابه العزيز, وهو يعدهم بالمقامات الكريمة ويذكر لنا سبحانه أن من  صفاتهم المميزة لهم الافتقار الى الله والصبر على إتيان الطاعات واجتناب النواهي, والتضرع والدعاء لأزواجهم وذرياتهم بالصلاح والتقوى والتمكين في الأرض, حيث يقول سبحانه وتعالى وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)سورة الفرقان .
وهذا دأب الصالحين والعارفين الذين لم تلههم الحياة الدنيا عن علة خلقهم وأنهم سائرون الى الله عز وجل. قال معاذ ابن جبل رضي الله عنه في وصيته: إنه لابد لك من نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج. فابدأ بنصيبك من الآخرة فخذه، فإنه سيمر على نصيبك من الدنيا فينظمه لك انتظاما، ويزول معك حيثما زلت.
 اللهم اعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارضنا وارض عنا.
جعلنا الله وإياكم من عباده المخلصين الذين يطلبون وجهه حبا فيه وتقربا إليه عز وجل.